توقع مستثمرون وخبراء مصارف أن يكون هناك تأثير إيجابى على معدل التجارة والاستثمار بين مصر والسودان بعد قرار الأخيرة بتحرير سعر صرف الجنيه هناك مقابل الدولار، رغم الضغوط التى ستقع على الاقتصاد السودانى نتيجة القرار.
وكان البنك المركزى السودانى قد أعلن عن توحيد سعر الصرف بين السوقين الرسمية والموازية هناك، ما أدى إلى انخفاض سعر بيع الجنيه السودانى مقابل الدولار من 55 جنيها سودانيا إلى 393.75 جنيه سودانى فى الجهاز المصرفى. ولما كانت مصر تعتمد على استيراد عدد من المنتجات الزراعية واللحوم من السودان، وإن قرار تخفيض العملة هناك سيقلل من تكلفة هذه المنتجات. ومن المتوقع أن يقلل القرار من القدرات الشرائية داخل السودان ما ينعكس على الصادرات المصرية، وقال إن مصر لديها فرصة لتنمية العلاقات من خلال التوسع فى إقامة مشروعات مشتركة خاصة فى مجال الزراعة حيث تتمتع السودان بتوافر نحو 200 مليون فدان أراض خصبة قابلة للزراعة بسهولة، فى الوقت الذى تعتمد فيه مصر على استيراد نحو 90% من احتياجاتها الزيوت وغيرها من المنتجات الهامة والتى يمكن إنتاجها فى أراضى السودان ويحقق صالح البلدين لزيادة الإنتاج والناتج المحلى الإجمالى.
وتوقع أحمد الزيات، عضو جمعية رجال الأعمال، انخفاض تكلفة السلع المستوردة من السودان. وقال إن المستورد المصرى سيستفيد من فارق العملة الكبير خاصة فى اللحوم الحية والمجمدة والعطارة والأعلاف والسمسم والمواد الغذائية المختلفة. وتابع أن القرار سيخلق رواجا وإنعاشا للتجارة داخل السوق المصرية، وبالمقابل سيؤثر فى انخفاض القدرة الشرائية للمواطن السودانى، متوقعاً أن يدخل الاقتصاد السودانى حالة من الركود وانخفاض حجم الاستهلاك بنسبة 20٪ فى الربع الأول والثانى من 2021. ودعا الزيات إلى تفعيل التعاون المشترك المصرى السودانى خاصة فى المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والتوسع فى مجال صناعات المواد الغذائية، والثروة الحيوانية والزراعة من خلال استثمار مشترك وإنشاء مصانع لتعبئة المواد الغذائية بالسودان لتحقيق الاستفادة الكاملة من دخول السودان لمرحلة الإصلاح الاقتصادى.
واعتبر طارق متولى، الخبير المصرفى، تحرير سعر صرف الجنيه السودانى خطوة مهمة للاقتصاد السودانى للقضاء على السوق السوداء، والتى تسبب فى تعطيل الإصلاحات الاقتصادية. وقال إن تنشيط حركة التجارة فى السودان مرتبط بمدى تعبير الأسواق عن سعر العملات الحقيقية، متوقعا أن تشهد حركة التجارة البينية بين مصر والسودان نشاطا ملحوظا.
وتوقع محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، أن يكون هناك تنسيق كامل بين الإدارة الاقتصادية فى السودان وصندوق النقد الدولى لبدء برنامج تنفيذ إصلاحى ونقدى، والذى من أهم متطلباته تحرير سعر الصرف. وقال: «كان هناك سعران للدولار فى السودان، الرسمى فى حدود 55 جنيها سودانيا، ثم سعر فى السوق الموازية يتقلب بفارق كبير يزيد عن السعر الرسمى بنحو 250 جنيها سودانيا، الأمر الذى كان يبعد تدفقات النقد الأجنبى من أن تاتى إلى المصادر الطبيعية فى الجهاز المصرفى». كما توقع عبد العال أن تبدأ البنوك السودانية فى تلقى حصيلة الصادرات لديهم خاصة من اللحوم المجمدة والحبوب (الفلفل) والذهب، ليتم استخدامها فى استيراد السلع الاستراتيجية، وأن يكون هناك اتفاق مع صندوق النقد بقرض تمويلى سيتم الإفصاح عنه فى حينه. وشدد على ضرورة السيطرة على التضخم المرتفع، متوقعا أن يشهد سعر الصرف- بعد السيطرة على التضخم- تحسنا قريبا فى استقرار مستوى الأسعار وتوفر السلع الأساسية فى الأسواق خاصة البنزين، واستقرار سعر الصرف.