Site icon مصر 30/6

أبطال منسيون 1

كتب _ محمد مهدي

بطولات عظيمة وأعمال تستحق الثناء قام بها أشخاص نصفها بالتفرد.

كانوا أعلاما وصيتهم يملأ الدنيا وأصبحوا لا نعرفهم ولا نعرف سيرتهم فسحقا لغزاة التاريخ .

سنسلط الضوء على أشخاص قل ذكرها وعظم عملها يجهلم عموم الناس من خلال عدة مقالات .

بينما كنت أستمع لصوت كاظم الساهر الشجي في أداء وكلمات وألحان ولا أروع لأغنية “غرناطة” تذكرت الأندلس والعظمة التي وصل إليها المسلمون زمن حكم الأمويين وحالة التردي والذل والانكسار التي وصلنا إليها زمن ملوك الطوائف ،حيث انتهزت الممالك الإسبانية هذه الفرصة للقيام بحركة استرداد كبيرة، ونجح الملك فرديناند الأول في الاستيلاء على العديد من المدن الإسلامية.

وهاجم الإسبان المسلمين وانتصروا عليهم في طليطلة عام 1085 ميلادية وسيطروا على المدينة، فانتهى عهدهم بها.

وبعد سقوط طليطلة، شكل علماء المسلمين وفدا للتوجه نحو المغرب الأقصى حيث كانت دولة المرابطين في أوج قوتها طالبين التدخل لوقف زحف الإسبان، ووافق يوسف بن تاشفين (مؤسس دولة المرابطين عام 1056 للميلاد) على طلب الوفد الأندلسي.

الشخصية الأولى : يوسف بن تاشفين 

أمتنا الإسلامية غنية بالرجال العظام، المبدعون والقدوات في كل ميدان، نقف لنتعرّف على أحد هؤلاء القامات، إنه أمير المسلمين، وناصر الدين، موحد الأندلس، الأمير مستجاب الدعاء،الذي لو قُدِّر أن يكون في المشرق لتغير التاريخ نحو العزة والقوة والتمكين .

بعد أن حقق مشروعه الكبير بتوحيد المغرب العربي، ونشر الإيمان والعدل والجهاد، أشار عليه بعضهم أن يتخذ لقب خليفة المسلمين، لكنه رفض ذلك، وأصر أن تكون ولايته مدعومة من الخلافة في بغداد، حتى لا تتمزق الخلافة، وأرسل له الخليفة موافقته في إدارته للمغرب العربي، فاتخذ لقب أمير المسلمين وناصر الدين.

وبعد استنجاد أهل الأندلس به عبر بجيش المرابطين إلى الأندلس فلما سمع ألفونسو السادس بعبور يوسف أعلن النفير العام الصليبي  في أوروبا، فلبى صليبيو إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، واستمد العون من بابا روما، فلما اجتمعت له هذه القوة الكبيرة، اغترَّ بحاله وأرسل رسالة طويلة ليوسف يتوعده فيها، ويصف كثرة جيوشه، فلما وصلت الرسالة ما اهتم بها يوسف، بل أجابه بثلاث كلمات على ظهر الورقة: ” الذي يكون ستراه“، فخاف ألفونسو، لأنه أيقن أن يوسف رجل له عزم، لا تغره الدنيا ولا تغره المظاهر ،وليس كأمراء الأندلس المتخاذلين .

معركة الزلاقة

في يوم الجمعة (الثاني عشر من رجب سنة 479 هـ)، كانت بلاد الأندلس على موعد مع معركة من أعظم معارك التاريخ الإسلامي، المسلمون من الأندلس والمغاربة بقيادة يوسف وعمره في تلك المعركة (80 سنة) والصليبيون من أوروبا بقيادة ألفونسو السادس، فكانت معركة الزلاقة العظيمة : معركة قاسية بمنتهى العنف، ثبت بها كلا الفريقين في قتال لا فرار فيه،  (للاستزادة في تاريخ الأندلس للدكتور طارق سويدان)،

وضع يوسف ابن تاشفين خطّته المُحكمة التي قامت على أن يتراجع لاستدراج الجيش الصليبي، ثم هاجمه من مؤخرة الجيش، ونفد إلى قلب الجيش الصليبي من الخلف، ودفع بكتيبة تسمى بـ ( الحرس الأسود ) وكانوا شديدي الشراسة من الأمازيغ الأبطال المؤمنين الموحدين لله، فاستطاعت هذه الكتيبة البطلة أن تقضي على ما تبقى من مقاومة لدى الصليبيين، وانتهت معركة الزلاقة بنصر عظيم من الله تعالى، ثم بفضل القيادة الحكيمة للبطل العجوز العظيم يوسف بن تاشفين

ولا شك أن انتصار المسلمين على الفرنجة فى معركة الزلاقة كان له العديد من النتائج العملية التى كان منها: أن عادت إلى إسبانيا المسلمة روح الثقة والأمل، وأخذت قواها المتخاذلة فى الانتعاش والنهوض، وعادت إلى الشعب الأندلسى المسلم روح الحماسة الدينية التى كادت تنمحى لضعف أمراء الطوائف وتراميهم على أعتاب ملوك الفرنجة، وتخلص هؤلاء من ذلك الخزي الذي لحقهم بالخضوع لملك قشتالة .

رحم الله يوسف بن تاشفين

Exit mobile version