“أحمد أبـو صالح” يكتب: أكتوبر الحيّ

إقتربنا من النصف قرن علي ما حققته الأمة المصرية والجيش المصري العربي من إنتصار أزهل الشعوب العربية ودول العالم أجمع فالآلة الصهيونية الإعلامية إستطاعت أن تنسج لجيش الإحتلال الدموي صورة ذهنية بأنه جيشا لا يقهر وهي صورة وإن كان باطنها الزيف إلا أنها زرعت الخوف واليأس في قلوب الضعفاء ممن كانت مرارة هزيمة يونيو الأسود أكبر من بأسهم وأقوي من قدرتهم علي التحمل والصمود
ليجئ يوم السادس من أكتوبر1973 ليكون ماحياً كاسحاً لكل هزائم العرب أمام الكيان الصهيوني الذي سلب منا التراب والأرض المقدسة بما عليها من مقدسات دينية تخص كل عربي ضحي أجداده من أجلها بكل ما يملك بالدم وبالروح وبالغالي والنفيس ؛ إن يوم السادس من أكتوبر هو يوماً أشرأبت فيه الهامات العربية لتطال عنان السماء يوما أعاد لإنسان الضاد بريقه وثقته بنفسه ورسم له مكانة وشكلا مغايرا علي خريطة العالم الإنساني فلم يعد هو ذلك الصحراوي الخانع القانع الراضي أو التابع الذليل ، بل هو المحارب والمفاوض العتيد والسياسي الأشر القارئ بعمق لكل تفاصيل المشهد السياسي العالمي
أكتوبر الحيّ
إن المتعمق في تاريخ العروبة والإسلام لن يجد بالتأريخ العربي العسكري تاريخاً أعظم من حرب السادس من أكتوبر” العاشر من رمضان ” سوي تاريخ معركة اليرموك بالعام الخامس الهجري والتي هُزم فيها هرق ملك الروم بيد سيف الإسلام خالد بن الوليد في حربا لولاها لعاد الإسلام غريبا كما بدأ غريبا ؛ وأما الحرب الثانية فهي معركة حطين أو معركة تحرير القدس من يد الصليبيين في العام 583 هجرية ، حيث حرر القائد صلاح الدين المسجد الأقصي وكنيسة القيامة المقدسة من قبضة الصليبين في حرباً أعادت وحدة العرب وكسرت أنف الغرب وهزمت غروره وأَعَادت المقدسات العربية الإسلامية المسيحية لأحضان أصحابها الحقيقيين ، ثم يليهما درة التاج للتأريخ العسكري العربي نصر أكتوبر المجيد بالعاشر من رمضان سنة 1393 هجرية هذا النصر الذي لولاه لكنا نهرول كل ساعة وأخري للمخابئ خوفا من غارات طائرات العدو ولكُنا نعيش الآن نحن من أجيال ما بعد أكتوبر منكسري مطأطئ الرأس عيوننا ذابلة ضعيفة أمام أبنائنا لأننا لم نوفر لهم الآمان ولم نحقق لهم حياة هنيئة مستقرة سعيدة
إن الإحتفاء بنصر أكتوبر ليس فقط من باب التباهي والتفاخر ولكن أيضا لما له من أثر إيجابي علي جيل أكتوبر وعلي الأجيال التالية له فالشعوب القادرة علي ممارسة الحروب وخوض المعارك هي شعوبأ حية تتمتع بالحيوية تَدُب بأوصلها حماسة الشباب وتمتلأ قلوبها بحب الوطن والغيرة عليه والرغبة في التضحية بالغالي والنفيس من أجله علي إختلاف الأجيال والأزمان ومهما كانت المحن والصعاب وقوة الخصوم والأعداء
ثمار النصر
إن ثمار نصر أكتوبر وتضحيات جيل النصر لا تنحصر في يوم العبور العظيم فقط أو حتي في إسترداد كامل الأرض المصرية العربية بل هي ثمار تتوالي وتتكاثر مع الأيام والسنين ألا يعد هذا الجسد السكاني الهائل المتنامي بسرعة الريح أحد أهم مكاسب حرب أكتوبر بما حققته من إستقرار وإحساس بالآمان لإنسان مصر ؛ فالخائف لا يستطيع العيش ولا يقوي علي التكاثر ؛ ألا يعد ما نراه الآن من ميسترال وفانتوم وميراج وإف 16 وأباتشي وصواريخ وأقمار إصطناعية وتسليح متطور حديث يضاهي وينافس تسليح أعتي الترسانات العسكرية الحربية بعالم اليوم أحد ثمار هذه الحرب المقدسة ، ألا يعد سلسال شهداء الوطن بداية من الرفاعي و المنسي الأسطورة مرورا بالمغربي ورامي حسنين والشبراوي وحتي أصغر جندي وعريف إستشهد علي تراب هذه الأرض ومن أجل هذا الوطن من ثمار ومكتسبات ما زرعته هذه الحرب من فكر ومعنوايات قتالية، ألا يحقق كل ماسبق وهذا هو الأهم الرعب والفزع في قلوب أعدائنا ألا يرسخ هذا لعجزهم وضعفهم علي مواجهتنا وقتالنا وجها لوجه بدلا من حروب الوكالة والوساطة والمليشيات المسلحة وإرهابي الداخل والخارج ،ألا يعد إختراق بوارجنا البحرية الحربية ومرورها تتهادي بمياه البوسفور أمام السواحل التركية ملوحة بأصبع الوسط – لألد أعدانا- أغا الأنضول سليل قصور الهوي والبغاء أهم وذروة ثمار ومكتسبات نصر أكتوبر الحربي المجيد وأوضح وأعظم رسالة بأنا شعبا ودولة وجيشا نسير علي الطرق السليم، إن حصر وجمع مكتسبات ثمار حرب أكتوبر في مقال واحد هو المحال بعينه فهذا النصر تنوع صداه ومردوده ليس فقط علي الشأن العسكري بل والسياسي والتنموي الإقتصادي والإجتماعي وأيضا الفكري والثقافي
الأمانة
الضعفاء لا يقون علي حمل الأمانة فالأقوياء فقط هم من يعرفون معني المسئولية وجيل أكتوبر من أقوي الأجيال التي مرت بعمر هذا الوطن ولا أنسي أبد ما قاله يوما لي والدي أحد مقاتلي حرب أكتوبر المجيد حين قال ” كنا نعرف كل شبر في أرض سيناء كما نعرف أنفسنا لذا حاربنا وصنعنا وحررنا الأرض المعجزة ؛ فماذا تعرفون أنتم عن مصر لتقدموا لها شيئا ؟” هكذا كان سلوك وفكر جيل أكتوبر الذي حارب ليصنع الشرف وفاوض ليحرر الأرض ويحقق الإستقرار ، وهذا ما ينقصنا نحن أجيال ما بعد أكتوبر أن نعرف ماهية الوطن وأدق أدق تفاصيله وماذا يريد هذا الوطن وماذا ينقصة وما الذي يحتاجه لمستقبله ومستقبل أبناءه ؟
إننا بحاجه لقراءة طالع هذا الوطن ومعرفة إتجاه الريح وهذا لن يتحقق إلا بالعلم والمعرفة الدقيقة والبحث المستفيض في كل خصائص ومكامن هذا الوطن من أجل أن نرسم المستقبل لأبناءنا وأن نصيغ لهم ملامح الدرب وكيف إتجاه الطريق.

أي سلام
“من تدخل فيما لا يعتيه لاقي ما لا يرضيه ” حقيقة خالدة وحكمة واضحة أؤمن بها ؛ ولكن صراحة هرولة العديد من العواصم العربية للتطبيع العلاقات السياسية والإقتصادية والثقافية مع الكيان الصهيوني شئ محير ويطرح برأسي شجرة من الأسئلة ، فما حاجة عواصم الخليج للسلام مع دولة الإحتلال ؛ إنهم ليسوا بالأساس دولة مواجهة كما أنه لا يوجد أي تشابك إقتصادي أو ديموجرافي مع هذا الكيان الشيطانيي ، كما لا يوجد أيضا أي إنسجام فكري أو حتي إختلاط للدم أو الأنساب حتي يهرع هؤلاء العرب لرأب الصدع ولم الشمل ، وهل يوجد لدي العرب خطه يحميها السلام لإسترداد الأرض المقدسة بما عليها من من مقدسات إسلامية أو مسيحة وهل لدي العرب من يحميهم من رغبات العدو الصيهوني من توسع وإنتشار وتحقيق حلمه بدولة من النيل للفرات وأطماع في السيطرة علي كل الجسد العربي وإنهاك شبابه بالمخدرات والجنس والإشاعات وكل حرب إستخباراتية دنئية ، فهل حصن العرب وأمنوا أنفسهم جيدا من صراع الرغبات والأحلام وأفكار الثأر وتاريخ طويل من الحرب والقتل مع العدو قبل الهرولة والذهاب إلي تل أبيب ؛أم أن السلام العربي الصهيوني هو سلام من أجل السلام وكفي ..!!؟
