“أحمد إبراهيم”يكتب: “نوستولوجيا” من حقك تجرب ..!!
التجارب الأولى هي دائما إشارة وعلامة لطبيعية وتفكير مبدعيها، لأنها بالأغلب الأعم تكون الهم والشاغل الأقرب لعقل وقلب فنانيها.
وفي التجربة الفنية الأولي للمخرجة الشابة “إنجي حسام” والتي إختارت لها شكلاً تُجَرِّبِي في التناول والتعامل الفني معها، حيث كان إختيارها لتيمة الفقد لتكون محورا وركيزة لفيلمها الصغير كما أنها لم تشخصن الموضوع أو تحصره في شخصيات بذاتها.
ولا شك أن هذا يعد ذكاء من الفنانة الشابة فتيمة الفقد هي إحساس وشعور مس كل إنسان على وجه البسيطة فمن منا لم يشعر يوماً بهذا الشعور الصعب، من منا لم يفقد حبيباً أو صديقاً أو قريباً.
هذا بالإضافة إلى ذكاء التناول فعلى مدار مدة وزمن الفيلم لم يتم تحديد شخصيات أو أسماء بعينها فنحن لا نعلم شيئا عن تاريخ الشخصيات أو ماضيها وإنما نحن أمام شابا في مقتبل العمر يقيم في كبينه أوعشه على الشاطئ يتذكر حبيبته وبعضا من المواقف التي تشاركا بها سويا.
ليس هذا فقط كل ما يميز العمل الأول للمخرجة الشابة “إنجي حسام”، ولكن هناك جانباً آخراً أكثر أهمية وهو أن هذه المخرجة في أول خطوة فنية لها تعاملت بسلاسة ويسر فلم تستخدم تكنيكا معقداً أو لقطات متنوعة كثيرة بل إستخدمت ما هو يسير وسهل، فلقد تمكنت هذه الشابة في تقديم عملها بشكل بسيط يقترب من السهل الممتنع دون استعراض أو تعقيد.
إن فيلم “نستولوجيا” والذي يعبر عن حالة إنسانية وجدانية نمر بها جميعا وإن كان فيلما بسيطا في تناوله وفي تكنيكه إلا أنه ينبأ أن من تقف خلف هذا العمل البسيط السهل هو مشروع فنانة ومخرجة مهمة.
كما أن عملية صناعة الفيلم ذاته تطرح فكرة أهم وأعمق وهو أن من حق كل إنسان إن يجرب خصوصا وإن كانت صانعة هذا الفيلم مصرفية بأحد البنوك وهو ما يدعوا للتأمل والتساؤل، فما الذي يدفع بإنسانة تعمل بمكان مستقر وآمن وبقطاع ناجح إلى المخاطرة والمجازفة والدخول لعالم الفن بكل صعوباته وتحدياته، لا شك في أن الإجابة على هذا السؤال تمكن في إلحاح الموهبة التي تضغط دائما على صاحبها لتحويل مسارات حياته والتوجه صوب أماكن أكثر نضجا وأعلى ضوء وألمع بريقاً.