“أحمد إبراهيم” يكتب: “فاصل من اللحظات اللذيذة” .. الشجرة ..!!!
يمتلك السبكية منهج خاص في صناعة أعمالهم الفنية، خبرة انتاجية كبيرة ودراية واعية بما يريده الشباك وما يرغب الناس من مشاهدته، النجاح الجماهيري هو الهدف دائماً، لذا كثيراً ما تكون أفلامهم بعيدة عن ما هو جديد أو خارج الصندوق، هي في النهاية أفلام تلعب في المضمون لأجل المكسب والشباك ..
.. صالح هو صالح ..
وهذا أيضاً ما يحققه فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة، ففكرة التململ ورفض الحاضر المأساوي والرغبة في تغيره والحصول علي حياة استثنائية، فكرة عادية مستهلكة للغاية في السينما المصرية، ففكرة هذا الفيلم هي نفس فكرة أفلام سلامة في خير للريحاني وسر طاقية الإخفاء لعبد المنعم إبراهيم وكثير غيرها، والتي يتحول فيها البطل الضعيف المهزم لبطل قوي شجاع فجأة في عين نفسه وأمام من حوله، وهو ما يحققه أيضاً هذا الفيلم الكوميدي خفيف الظل، فبدلاً من طاقية الأخفاء أو الفنوس السحري أو الصدفة النادرة، استخدم سيناريو فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة نافذة سحرية يمرر منها الأبطال لحياة خيالية شيك أنيقة أكثر هدوءاً ورونقاً، حياة سحرية لامعة لم يكن يحلم بها أبطال أسرة المهندس العشوائي “صالح” الفنان “هشام ماجد” وزوجته المذيعة المغمورة “درية” الفنانة “هنا الزاهد” وابنهم الطفل العنيف الذي يُفجر مدرسته “بودي” أو الطفل “جان رامز” الذي لم يقدم أي جديد كموهبة صغيرة منذ ظهوره الأول علي منصات التواصل الإجتماعي وقنوات اليوتيوب .. إلا أن الأب أو الفنان هشام ماجد استطاع أن يقدم جديداً ويحقق خطوة للأمام جماهيرياً كممثل كوميدي يشق طريقه سهلاً مدركاً حدود طاقاته وقدراته الفنية الهادئة في قفشاتها وتصرفاتها الجالبة للضحك، والتي يقدمها في إطار شخصية صالح دون ضجيج أو أي محاولة للإستظراف المبالغ فيه مستخدماً مظهراً ولوك غريب الشكل والمضمون للمهندس الفاشل الذي يعيش حياة في منتهي العبث واللخبطة التي صنعها هو بيده، والتي تشاركه زوجته المستبده العنيفة سليطة اللسان هنا الزاهد هذه الحياة الغريبة والمنزل العجيب الذي تخرج فيه المياه من كوبس الكهرباء وليس من الحنفية، كما يُستخدم الشباك للخروج والدخول بدلاً من الباب الغير موجود أساساً بهذا المنزل الغريب، والذي لا حجرات به كما يتشارك المطبخ والحمام في نفس المكان ونفس المدخل والمخرج مع الحجرة الرئيسية أو الماستر ..!!
وعلي هذا المنوال تقريباً تسير كل دراما ومواقف الفيلم الضاحكة، والتي استعار صناعه بعض مواقفه وقفشاته من صفحات السوشيل ميديا ونقلا عدداً من هذه المواقف والقفشات الشهيرة بالمسطرة دون تحوير أو تطوير أو حتي محاولة لمدارة هذا الغش السينمائي، الذي لا ينفي حرفية ومهارة كاتبي ومؤلفا السيناريو شريف نجيب وجورج عزمي، أو حتي براعة المخرج أحمد الجندي في ترجمة مواقف الفيلم للقطات وكادرات تساهم في صناعة الضحكة وإيصالها بسهولة للمتفرج محب الأفلام الكوميدية ..
المشكلة في هذا العمل أن المسافة بين تحول الأبطال من صالح الفاشل لصالح الناجح المرموق جداً في العالم الثاني الموازاي، لم تكن واضحة تمثيلياً فصالح هو صالح تمثيلياً، وكذلك درية الزوجة العشوائية بنت العجلاتي هي درية الأخري المشهورة الجميلة الرقيقة الشيك، لا فارق ولا حد تمثيلي واضح بين الشخصيتين بالعالمين الواقعي المرفوض والأخر اللامع المرغوب، خطأ تمثيلي سقط فيه كافة صناع العمل، فضيعا علينا متعة الاستمتاع بأكثر من أداء لأكثر من شخصية يجسدها الفنان الواحد، وهي مهارة وقدرة ليست بالسهلة ولا الهينة، فهي تحتاج لممارسة وخبرة طويلة من التمثيل، والتي لم تتوافر إلا للأجيال السابقة التي كان يؤدي فيها الممثل ويشارك بالعديد من الأفلام في الموسم أو السنة الواحدة إضافة لتمثيله الدائم كل ليلة علي خشبة المسرح ..
.. الشجرة ..
إن أجمل ما في هذا الفيلم هو الرسالة التي يصدرها للصالة قبل مشاهد النهاية، فمشاكسات وأخطاء الطفل بودي العنيف العشوائي، تؤدي به في النهاية للعقاب في العالم اللامع الفاضل، والعقاب هو أن يتحول لشجرة، وهذا ما يرفضه الأبوين العشوائيين، فيفكران بالعودة بالشجرة – الإبن بودي – للعالم الواقعي الحقيقي، لتكون رسالة الفيلم هي أن الرضا بالواقع والسعي لتطويره هي سر الحياة السعيدة، وليس التمرد والسعي لسرقة حيوات الآخرين وظروفهم التي تناسبهم هم وحدهم ..