“ أنجلينا جولي ” .. الإنسانية العذبة ..!!
كتب – باسل وسوف
“عندما إلتقيتُ بالناجين من الحروب والمجاعات والاغتصاب أدركت كيف هي حياة معظم سكان هذا العالم، وأدركت كم كنت أعيش في عزلة عن الآخرين، وأصبحت مصرة على عدم العيش بهذه الطريقة مرة ثانية”، هذا ما قلته يوماً النجمة السينمائية العالمية والناشطة إنجلينا جولي.
ففي الـ 4 من يوليو من سنة 1975 بمدينة لوس انجلوس بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ولدت واحدة من أيقونات العصر الحالي، وهي الممثلة الأمريكية المشهورة أنجلينا جولي فويت ابنة الممثل ذو الأصول السلوفاكية، والألمانية جون فويت والممثلة، وعارضة الأزياء السابقة مارشلين برتراند ذات الأصول الفرنسية، وبتاريخ الميلاد هي من أبناء وأصحاب برج الجوزاء.
الإنسانة العالمية
وتعد أنجلينا واحدة من أشهر نساء العالم، ليس فقط لكونها من أهم الممثلات، ولا لأنها مخرجة ومنتجة للأفلام، ولا لكونها مصنفة لعدة مرات من الفنانات الأعلى أجراً، أو حتى بسبب حصولها على العديد من الجوائز مثل جوائز غولدن غلوب، جوائز نقابة ممثلي الشاشة، وجائزة أوسكار في مجال التمثيل، ولكن لالتزامها تجاه القضايا الإنسانية وكونها ناشطة للسلام، فأنجلينا تعرف بأعمالها الخيرية الكثيرة، وإختيرت عدة مرات لجائزة المرأة الأكثر تأثيرا على مستوى العالم وحصلت على” الجائزة الإنسانية العالمية” عام 2005، كما تم منحها جائزة أوسكار شرفية من قبل صناعة السينما في هوليود بنوفمبر عام 2013 لدفاعها عن حقوق الإنسان واللاجئين خلال مسيرتها الفنية وقد كان أول أوسكار يوزع بذلك العام، كما تسلمت جائزة جان هيرشولت الإنسانية بقرار من مجلس حكام أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية.
كانت سنة 2001 أشبه بما يعرف بفترة “إرتقاء ونضج” لأنجلينا ومحطة مهمة في تاريخ مسيرتها الإنسانية حيث أبدت تعاطفها مع الشعوب المنكوبة التي أهلكتها الحروب والدمار، ففيها عينت سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة ولم تقم بالتهاون بمنصبها الجديد بل بدأت بأخذ خطوات جدية ومباشرة حيث سافرت إلى العديد من الدول كباكستان وتنزانيا وجيبوتي وغيرها من دول العالم الثالث، وقامت بالتبرع بالملايين للمحتاجين عبر العالم.
سفيرة المرأة والسلام
ولقد تبرعت انجيلينا لمنكوبي إعصار تسونا مي في عام 2004، ولمنكوبي دارفور عام 2006، ولمنكوبي المجاعة في الكونغو الديمقراطية عام 2010، ولضحايا الفيضانات في فنزويلا عام 2010، ولمنظمة الطفل العالمي عام 2011، ولمنظمة أطباء بلا حدود ولمرضى أطفال كمبوديا عام 2012، ولمنظمة جلوبال إيدز اليانس عام 2013 ، كما قامت بأكثر من 40 بعثة ميدانية فكانت دائمًا ما تذهب إلى الضحايا و أهاليهم وتساندهم، ولم تتوقف عند هذا الحد بل كان لها وجود واضح في الأحداث الأخيرة التي أصابت دول الشرق الأوسط بصفتها مبعوثة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فقامت بزيارة العديد من مخيمات اللاجئين وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.
كما أنها دعت مجلس الأمن الدولي في عام 2013 إلى أن يضع في أولوياته التصدي للاغتصاب في مناطق الحروب، قائلة: “إن العالم لا يضع في أولوياته هذه المسألة”.
كما أنها استنكرت عدم تحرك مجلس الأمن الدولي من أجل مواجهة جرائم الاغتصاب التي ترتكب خلال الحروب في سورية وجمهورية الكونغو الديموقراطية وغيرهما، وأنه عليه أن يتحمل المسئولية تجاه هذه القضية، وتابعت حديثها قائلة: “في حال جعل منها مجلس الأمن أولية فإن ذلك سيصبح فعلا أولوية وإلا سيستمر هذا الرعب، ونذكركم بمئات الآف لا بل ملايين النساء والأطفال والرجال الذين تعرضوا للإغتصاب خلال النزاعات”.
الأم والفنانة المحبة
وأكدت على موقفها خلال مناقشة عن العنف الجنسي في الصراعات في مؤتمر القمة العالمي لإنهاء العنف الجنسي بشهر يونيو من خلال قولها: “صبية يجبرون تحت تهديد السلاح على الإعتداء على أمهاتهم وأخواتهم، وتغتصب سيدات بزجاجات وفروع أشجار وسكاكين لإحداث أكبر قدر من الضرر، ويجرّ أطفال صغار وحتى رضع من منازلهم ويؤذون”.
ولفتت إلى واقع أن على الرغم من أن مئات الآلاف قد تعرضوا للعنف الجنسي فإنه لم يمثل أمام القضاء سوى عدد قليل من مرتكبي هذه الجرائم لأنها ليست أولوية. فكان أول فلم لها ككاتبة ومخرجة “في أرض الدم والعسل” قد أعطى الفرصة للكثير من الناجين الذين عاشوا أحداث هذه الظروف والحروب أن يعبروا عن أنفسهم.
وقالت جولي: “إنها تأمل من خلال فيلم “في أرض الدماء والعسل” أن تلهم المشاهدين إلى التفكير في جرائم الاغتصاب التي تحدث خلال الحروب”.
وفي عام 2022 أكدت جولي دعمها الكامل للقضية الأوكرانية الروسية، فقامت بزيارة للعديد من المدن الأوكرانية، ومنها الزيارة المفاجئة إلى مدينة لفيف الأوكرانية، حيث إلتقت بالعديد من المتطوعين والأطفال، كما أنها وضعت العديد من المنشورات عبر حساباتها على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تطالب خلالها بإيقاف تلك الحرب. إحدى المنشورات التي كتبتها على مواقع التواصل الاجتماعي «مثل الكثيرين منكم، أنا أصلي من أجل الناس في أوكرانيا، تركيزي هو أن كل ما هو ممكن يتم عمله لضمان الحماية وحقوق الإنسان الأساسية لهؤلاء النازحين واللاجئين في المنطقة».
لم تتوقف جولي عند حد الحروب وضحاياها ولكنها دافعت عن التعليم أيضا حيث قامت بالتصدي لظاهرة خفض الأنفاق الحكومي على التعليم، ودعت خلال اجتماعها بالجنة الاستثنائية باليونسكو عام 2020، إلى القيام بالاستثمار العاجل في التعليم من أجل التصدي لوقوع كارثة مستقبلية تطال جيلا بأكمله.
لم تقصر أدوار انجلينا الإنسانية على الأفلام فقط، بل لعبت دور الأم المحبة المعطاء في الحياة الواقعية كذلك، حيث قامت بتبني العديد من الأطفال الأيتام من مختلف الجنسيات والأجناس العربية والغربية وعرفتهم للعالم أجمع على أنهم أطفالها وعاملتهم كأنهم من صلبها، كما حرصت على أن تبقى صلتهم ببلدهم الأم، والتعرف على عاداتهم، أرضهم، وجذورهم الأولى، بالإضافة إلى تأسيسها العديد من المنظمات على حسابها الشخصي، بدعم من زوجها السابق براد بيت.
إنجلينا الشجاعة
ولا نستطيع نسيان أن انجلينا جولي حتى في أسواء مراحل حياتها مع المرض ألهمت وأثرت على العالم عندما أعلنت وبكل جرأة وشجاعة عن استئصالها لثدييها بعدما علمت بأنها تحمل الجين المتحور بي.آر.سي. إيه1، حيث بينت إحدى الدراسات الصادرة عن جامعة “جورجيا” التأثير الإيجابي لهذا “الخبر المؤلم “على النساء، فلقد شجع هذا الإعتراف على الخضوع اختيارياً لاختبارات جينية والتي إرتفع عددها بين العام 2013 و2014 ارتفاعا ملحوظا وخاصة سنة 2013 بسبب خروج إنجلينا إلى العلن وتأكيدها عملية استئصالها لثدييها.
بكل هذا نرى كيف كانت انجلينا إنعكاسا عذبا للإنسانية حيث أن المفهوم الكلي والشامل أن لا عرق لها، ولادين، وإنما هي مجموعة من المشاعر والعواطف السامية تتجلى بأفعالنا فلا يمكننا سماع كلمة سفير نوايا حسنة أو أي عمل خيري قام به أحد المشاهير ولا تخطر على بالنا جولي وأنه بالرغم من كل ثروتها وجمالها وشعبيتها إختارت أن تكون أكثر من مجرد باربي حية موجودة بيننا ومعروفة بجمالها او فنها فقط بل عكس ذلك قررت ترك بصمة وأثر بالعالم اجمع، لا يمكن أن يتغاضى عنه وأكد معجبيها ذلك حين شخصه بالمرض أنها لن تنسى بعد أعطت درسا بالإنسانية والأخلاق للعالم أجمع، وأطلقوا عليها لـقب “أيقونة الإنسانية”.