قال عبد الفتاح موسى مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، الجمعة، إن قادة الدفاع في دول غرب إفريقيا، وضعوا “خطة تدخل عسكري محتمل” في النيجر، في حالة عدم التراجع عن الانقلاب الذي أطاح بالرئيس منتخب محمد بازوم في يوليو الماضي.
وأضاف موسى عقب اجتماع إقليمي في العاصمة النيجيرية أبوجا، أن التكتل “لن يكشف لمدبري الانقلاب متى وأين ستكون الضربة، وهو قرار سيتخذه رؤساء الدول”.
لكن مفوض “إيكواس”، أشار أيضاً إلى أن المجموعة “ترغب في منح مدبري الانقلاب كل الفرص الدبلوماسية الممكنة للتراجع عما فعلوا”.
كانت روسيا حذرت في وقت سابق، الجمعة، من أي تدخل أميركي في النيجر، مشيرة إلى أنه “من غير المرجح لأي تدخل من قوى خارج المنطقة مثل الولايات المتحدة أن يحسن الوضع بعد الانقلاب العسكري في الدولة الواقعة غرب إفريقيا”.
قلق روسي
وكان ديميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين يرد على سؤال عن مطالبة رئيس النيجر المعزول محمد بازوم بتدخل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأسره لإعادة النظام الدستوري في بلاده.
وقال بيسكوف للصحافيين: “من غير المرجح أن يسفر تدخل قوى من خارج المنطقة عن تغيير الوضع للأفضل”.
وأضاف: “نراقب الوضع عن كثب، يساورنا القلق بشأن حالة التوتر في النيجر، ولا نزال نرغب في عودة سريعة إلى الوضع الدستوري الطبيعي دون تعريض حياة الناس للخطر”.
والخميس، قال رئيس النيجر المحتجز محمد بازوم، إنه محتجز كرهينة، وإن بلده يتعرض للهجوم من المجلس العسكري الذي نفذ انقلاباً ضد حكومته الأسبوع الماضي.
وأضاف بازوم من محبسه في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”،
“إذا نجح الانقلاب، فستكون له عواقب وخيمة على بلدنا ومنطقتنا والعالم بأسره”.
وجاء في المقال: “محمد بازوم هو رئيس جمهورية النيجر، أنا أكتب هذا كرهينة، تتعرض النيجر للهجوم من قبل المجلس العسكري الذي يحاول الإطاحة بديمقراطيتنا”.
وأضاف: “أنا مجرد واحد من مئات المواطنين الذين تم سجنهم بشكل تعسفي وغير قانوني، هذا الانقلاب الذي شنّه فصيل في الجيش على حكومتي في 26 يوليو، ليس له أي مبرر على الإطلاق”.
وتابع: “وصلت حكومتنا إلى السلطة من خلال انتخابات ديمقراطية عام 2021، يجب معارضة أي محاولة للإطاحة بحكومة شرعية، ونحن نقدر الإدانات القوية والقاطعة لتقويض التقدم الملحوظ الذي حققته النيجر في ظل الديمقراطية.
وضع القوات الأميركية
وبعد مرور 10 أيام على الانقلاب العسكري في النيجر، أصبح الوضع أكثر صعوبة للقوات الأميركية الموجودة في قاعدة لمكافحة الإرهاب في منطقة غرب إفريقيا التي توصف بـ”بؤرة الإرهاب العالمية”.
وقالت “أسوشيتد برس”، الجمعة، إنه تم تقليص الرحلات الجوية من وإلى النيجر بسبب طلب قادة الانقلاب من الأميركيين الحصول على إذن قبل كل رحلة، كما أن نقص الوقود يتطلب أن يوافق قائد القوات الأميركية على كل عملية لتزويد أي طائرة بالوقود.
وعلى الرغم من قيام دول أوروبية عدة بإجلاء رعاياها من النيجر، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تبدو عازمة على البقاء هناك.
وذكرت الوكالة، أن الولايات المتحدة تنظر إلى نيامي باعتبارها أخر مراكزها وأفضلها لمكافحة الإرهاب، وأنها كانت حتى قبل الانقلاب العسكري، ديمقراطية واعدة في منطقة غير مستقرة.
ورأت “أسوشيتد برس” أن تخلي الولايات المتحدة عن النيجر لن يهدد بحدوث زيادة في الجماعات المسلحة فحسب، بل قد يؤدي أيضاً إلى زيادة تأثير مجموعة “فاجنر” العسكرية الروسية الخاصة.
وأشارت الوكالة إلى أنه، “في حين أغلقت بعض الحكومات الأوروبية سفاراتها، وأجلت مواطنيها على متن رحلات عسكرية الأسبوع الماضي، وذلك مع اندلاع احتجاجات مناهضة للغرب في أعقاب الانقلاب، فقد أرسل الدبلوماسيون الأميركيون الموظفين غير الأساسيين وبعض أفراد أسرهم إلى الولايات المتحدة لكنهم ظلوا في أماكنهم”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن “السفارة الأميركية هناك مفتوحة، ونعتزم أن تظل هكذا”.
واعتبرت “أسوشيتد برس” أن موقف الولايات المتحدة “الحازم” في النيجر، يتناقض مع استجابتها للأزمات الدولية الأخيرة، وعمليات الاستيلاء المُسلح على السلطة، بما في ذلك موقفها في السودان المجاور عندما اندلع القتال هناك في أبريل الماضي، والذي كان الدبلوماسيون وقوات الأمن الأميركية من بين أوائل الأجانب الذين أنهوا عملياتهم في الخرطوم وغادروا البلاد مباشرةً.
ورفض مسؤولون أميركيون الإفصاح، الخميس، عن مدى رغبتهم في التحرك لإعادة حكومة النيجر، بما في ذلك ما إذا كانوا سيدعمون أي استخدام للقوة من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”.
جهود دبلوماسية
ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قوله: “نحن نركز في الوقت الحالي على الدبلوماسية، وما زلنا نعتقد أن هناك متسعاً من الوقت والمساحة لذلك”.
وأردف: “صحيح أننا لن نبقي هذه النافذة مفتوحة إلى الأبد، فنحن نفهم ذلك، ولكننا نعتقد أنها لا تزال مفتوحة، حيث يجب أن تظل الدبلوماسية هي الخيار الأول”.
ولا يزال أفراد القوات الأميركية، بمن فيهم أعضاء المجموعة الاستكشافية الجوية 409، موجودين في مواقع مكافحة الإرهاب الأميركية في النيجر، ويشمل ذلك القاعدة الجوية 201 في أجاديز، وهي مدينة يسكنها أكثر من 100 ألف شخص على الحافة الجنوبية للصحراء، والقاعدة الجوية 101 في العاصمة نيامي.
وكانت الولايات المتحدة اختارت النيجر لتصبح قاعدتها الخارجية الرئيسية لإجراء دوريات واسعة النطاق بواسطة طائرات المسيرة وغيرها من عمليات مكافحة الإرهاب ضد الحركات المسلحة التي استولت على الأراضي.
وشهد الأسبوع الماضي، تحذيراً من أن التزود بالوقود قد بات محدوداً في منطقة أجاديز منذ الانقلاب، وأن كل عملية ستتطلب موافقة من قائد قاعدة 409، بحسب خطاب أرسله الطيران المدني.
ونقلت “أسوشيتد برس” عن مسؤول أميركي، رفض كشف هويته، قوله إن “المجلس العسكري في النيجر أغلق المجال الجوي للبلاد في 27 يوليو الماضي، فيما تتفاوض الحكومة الأميركية، منذ ذلك الحين، بشأن الرحلات الجوية على أساس كل حالة على حدة”.
وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، الجنرال بات رايدر، أن “معظم القوات الأميركية في النيجر باقية داخل قواعدها العسكرية، ولا تجري تدريباتها كما كانت تفعل عادةً”.
وحذرت الوكالة الأميركية، من أن استمرار الانقلاب في النيجر سيؤدي إلى “إنهاء أفضل شراكة لقوات الأمن الأميركية في المنطقة، وسيخلق زخماً لتلك القوات لتقليل وجودها هناك”.
وأشارت إلى أنه في حال انسحاب القوات الأميركية، فإن “الاضطرابات الداخلية الناجمة عن الانقلاب ستجذب قوات النيجر بعيداً عن حدود البلاد، مما يسمح للجماعات المسلحة بشن المزيد من الهجمات”.