واصل الاحتلال الإسرائيلي، يوم الأربعاء ولليوم التاسع على التوالي، استهداف المدنيين وتدمير منازل ومؤسسات قطاع غزة بغارات جوية دموية، بينما أسفر قصف المقاومة الفلسطينية لمستوطنة “أشكول” بالنقب المحتل، ولشمال القطاع، عن مقتل اثنين من جنود الاحتلال وإصابة 14 آخرين بجراح مختلفة، وسط توعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو باستمرار العملية العسكرية لبضعة أيام، وذلك على وقع الجهود العربية والدولية للتهدئة. يأتي ذلك على وقع اندلاع اشتباك مسلح عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة، بالضفة الغربية، بين قوات الاحتلال ومسلحين فلسطينيين، ردوا بالرصاص على إطلاق جنود الاحتلال الرصاص الحي باتجاه مسيرة سلمية انطلقت احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة، مما أدى إلى إصابة جندي إسرائيلي على الأقل.
الاحتلال يواصل قصف غزة وتدمير مساجدها
وشهد مدخل مدينة البيرة، مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي استخدمت الرصاص الحي والرصاص المعدني المغلف بالمطاط لقمع التظاهرات الشعبية الاحتجاجية ضد عدوانها على القطاع، مما أدى لاستشهاد الشاب الفلسطيني، محمد اسحق حميد (24 عاماً)، وثلاثة آخرين فيما بعد وإصابة أكثر من 46 مواطناً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية. وصحب ذلك اشتعال الضفة الغربية بمواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال أثناء قمعها للمسيرات والتظاهرات الشعبية الغاضبة التي انطلقت تنديداً بالعدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة، ودعماً لأهالي القطاع ونصرة للقدس المحتلة.
وفي حين عم الإضراب الشامل، الأراضي الفلسطينية المحتلة، رداً على العدوان الإسرائيلي الدموي المتواصل ضد قطاع غزة، فقد أطلقت المقاومة الفلسطينية وابلاً من الصواريخ على مستوطنة “أشكول” ومحيط منطقة “ايرز” “ونحال عوز” شمالي قطاع غزة، حيث سقط عدد منها على مبنى بشكل مباشر مما تسبب بمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة 14 آخرين بجراح، 4 منهم بحالة خطيرة، عدا عن الأضرار المادية الفادحة.
وكثفت المقاومة الفلسطينية قصفها بقذائف الهاون تجاه مستوطنات “اشكول” و”زكيم” وتجمعات جنود الاحتلال في “نحال عوز” و”ايرز”، وبئر السبع وعسقلان واوفكيم، والمستوطنات الواقعة في الغلاف الحدودي مع القطاع.
بينما شمل “إضراب الكرامة”، في الضفة الغربية والأراضي المحتلة العام 1948، كافة مناحي الحياة التجارية والتعليمية، بما فيها المؤسسات الخاصة والعامة، كما أغلقت المدارس والجامعات أبوابها، وكذلك المصارف ووسائط النقل العام، وذلك تنديداً بعدوان الاحتلال ضد قطاع غزة، ودعماً لصمود أهالي غزة ونصرة للقدس والمسجد الأقصى المبارك.
وانطلقت مسيرات الغضب الجماهيرية الحاشدة من مراكز المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية إلى مناطق التماس مع الاحتلال، مجسدين وحدة وطنية تحت علم فلسطين، وحالة إجماع ووحدة لدى كل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وفق منسق القوى الوطنية والإسلامية واصل أبو يوسف.
وأكد أبو يوسف أن الفعاليات متواصلة منذ أيام على نقاط التماس مع الاحتلال ضد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، فيما سيكون يوم الجمعة المقبل، يوم غضب شعبي في كل الأراضي الفلسطينية.
كما أكد مجلس الوزراء الفلسطيني مشاركة موظفي القطاع العام في الإضراب، تعبيراً عن الغضب العارم من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، وخاصة مدينة القدس، باستثناء وزارة الصحة والهيئات المحلية والمؤسسات الخدماتية التي ستعمل بنظام حالة الطوارئ لمواصلة تقديم خدماتها للمحتجين.
ودعت حركة “حماس” إلى “إعلان النفير الثوري وإطلاق المسيرات نحو نقاط الاشتباك والمواجهة في خطوط التماس، وإغلاق الطرق الالتفافية في وجه المستوطنين، وتقديم الدعم والاسناد للمقاومة من أجل لجم العدوان على الأرض، ومنعه من التمادي في الشيخ جراح والمسجد الأقصى وقطاع غزة”.
وأكدت “حماس” أن هذه اللحظة التاريخية من حياة الشعب الفلسطيني تتطلب انخراطاً كاملا من الجماهير كافة، ومواصلة المسيرة بكل عزم وقوة لإجبار المحتل المجرم على الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية ووقف العدوان.
وكانت حركة “فتح”، دعت مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني إلى الالتزام التام بالإضراب، انسجاما مع بيان لجنة المتابعة العربية العليا في أراضي الـ48، وتأكيداً على وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده.
في حين أطلق نشطاء وحراكات وطنية وشبابية فلسطينية، عبر المنصات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، دعوات لإضراب عام وشامل لجميع مناحي الحياة في كل فلسطين التاريخية، وتصعيد المواجهات على نقاط التماس مع الاحتلال نصرة للقدس ودعماً لقطاع غزة.
ودعت الحراكات الشبابية “الشعب الفلسطيني في كل مناطق تواجده للمشاركة في الإضراب وتنظيم فعاليات وطنية مقاومة للاحتلال في المدن والبلدات والقرى والمخيمات والبقاء في الشارع إحياء للمقاومة ودورها في حماية الفلسطينيين.
يأتي ذلك على وقع تواصل قوات الاحتلال، لليوم التاسع على التوالي، قصفها الجوي العنيف على منازل ومؤسسات قطاع غزة، بينما ترد الفصائل الفلسطينية بإطلاق عشرات الصواريخ نحو مدن ومصانع ومواقع عسكرية إسرائيلية.
وشنت طائرات الاحتلال سلسلة غارات جوية عنيفة ضد المدنيين ومنازل الفلسطينيين والمؤسسات الحيوية الخدمية في القطاع، ومواقع للمقاومة الفلسطينية، في الوقت الذي أعلن فيه نتنياهو بأن العملية العسكرية ستنتهي خلال أيام.
كما أصاب الاحتلال عشرات الفلسطينيين خلال مواجهات عنيفة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، والتي أسفرت، أيضاً، عن اعتقال عدد كبير منهم.
من جانبه؛ أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، الدكتور محمد الهندي، أن سلطات الاحتلال لا تستطيع أن تُركع الشعب الفلسطيني لأنه يملك الإيمان، بينما المقاومة تُسدد ضربات لم يتوقعها الاحتلال وهذه هي المرة الأولى بهذا الحجم، والقوة، والاقتدار التي تتعرض له للضربات منذ العام 1948.
وقال الهندي، في تصريح أمس، “طالما أن المعركة مفتوحة، والمقاومة صامدة، كل يوم ستسمعون تطورات غير مسبوقة، والتهديدات التي يطلقها قادة الاحتلال هي تهديدات فارغة تعكس حجم الإحباط والتخبط الذي يعيشه في المؤسستين الاستخبارية والعسكرية، وعلى المستوى السياسي”.
وأوضح أن “بنك الأهداف” الذي خرج نتنياهو يتحدث عنه، هي استهداف الأطفال والنساء بغزة، مشددًا على أن هذه “دولة” مشلولة، جبهة داخلية معطلة، وجيش بلا أهداف سوى هدم المنازل على رؤوس النساء والأطفال، بما يعد فضيحة أخلاقية بكل المقاييس.
واشار الهندي إلى أن قادة الاحتلال الآن يبحثون عن صورة نصر وهمي ليقوم نتنياهو بتسويقها، ولكنه لن يجدها، منوهاً إلى أن الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة العام 1948 ينهض بشكل لم يكن يتوقعه العدو الإسرائيلي مطلقاً، وهم فشلوا في محاولات تذويبه وإبعاده عن حِسه الديني والوطني طوال 73 عاماً.