أخبار عربية ودولية
التقارب المصري الإيراني
يتوقع دبلوماسيون سابقون وخبراء من مصر وإيران أن تحدث انفراجة في العلاقات بين البلدين بفضل متغيرات طرأت على المشهد يمكن أن تقود لرفع مستوى العلاقات بينهما إلى مستوى تعيين السفراء.
وبينما يقول دبلوماسي مصري سابق إن عملية تطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران تأتي ضمن مسار التقارب الإيراني مع الدول العربية، يرى خبير سياسي إيراني أن عودة العلاقات مع مصر ستؤدي إلى خفض التوترات في المنطقة بصورة لن تروق لواشنطن وتل أبيب اللتين تروجان لفكرة أن إيران هي العدو الأول للعرب.
تاريخ المباحثات بين القاهرة وطهران
قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير رخا أحمد حسن إن المباحثات بين مصر وإيران تعود لفترة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، لكنها تجمدت لسنوات.
وأضاف حسن أن متغيرات آنية طرأت على المشهد بين البلدين، وهو ما يتوقع معه انفراجة في العلاقات بين الجانبين.
وتابع: “خلال المشاورات السابقة كان الطرف الإيراني لا يستجيب للمطالب المصرية، في حين أن الجانب الذي يتولى السلطة الآن (اليميني) هو من بدأ بالمبادرة، وهو قريب من المرشد الأعلى، ما يعني أن هناك انفراجة يمكن أن تؤدي لرفع مستوى العلاقات إلى مستوى تعيين السفراء”.
وأوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: “تأتي عملية تطبيع العلاقات ضمن المسار الحاصل بين طهران والدول العربية، وفي مقدمتها مصر باعتبارها أكبر دولة عربية، خاصة أن هناك استثمارات إيرانية في مصر مستمرة منذ فترة الشاه”.
هل اقتربت الدولتان من تبادل السفراء؟
وأكد أحمد حسن أن البلدين اقتربا من تعيين السفراء وعودة العلاقات إلى المستوى الطبيعي، مضيفا:” تقوم الخارجية المصرية حاليا على إعداد الحركة السنوية للسفراء، بحيث تعود المجموعة التي أنهت عملها في الخارج، وتعيين مجموعة جديدة، وفي هذا السياق قد يأتي تعيين السفير المصري في إيران وكذلك السفير المصري في دمشق”.
وبشأن تأثيرات إعادة العلاقات بين طهران والقاهرة، يوضح رخا أحمد حسن، أنها تتمثل في إعادة التبادل التجاري المباشر، الذي كان يتم في السابق عبر الإمارات وبعض الدول الخليجية، بالإضافة لعودة الاستثمارات المباشرة، وعودة السياحة الدينية التي يهتم بها الجانب الإيراني بشكل كبير في مصر.
ووفقا للدبلوماسي المصري السابق، فإن لقاءات عدة ومباحثات جرت خلال الفترة الماضية بشكل مكثف، وتوصلت إلى تفاهمات إيجابية بين الجانبين.
هل يحدث لقاء قريب بين السيسي ورئيسي؟
وتابع رخا أحمد حسن: “التفاهمات توصلت إلى نتائج من شأنها إعادة العلاقات، وربما يحدث لقاء قريب بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كما صرح الجانب الإيراني”.
وردا على تفاصيل المفاوضات وما إذا كانت إعادة فتح سفارتي إيران ومصر من بين القضايا المطروحة في المفاوضات، أكد أحمد حسن أنه “ليس لديه معلومات مفصلة عن تفاصيل الجهود التي تبذل لاستئناف العلاقات بين مصر وإيران”، مشيرا أن “القاعدة العامة في خطط وزارة الخارجية هي التحدث مع جميع الدول من أجل تحسين العلاقات”.
الحكومات الإيرانية السابقة كانت تبحث عن نافذة لإعادة العلاقات مع مصر
أكد الكاتب والمحلل السياسي الإيراني سعيد شاوردي أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يعمل بقوة مع العراق وسلطنة عمان من أجل التوسط بهدف إعادة العلاقات الإيرانية مع مصر في ظل رغبة طهران الكبيرة في تطبيع العلاقات مع القاهرة.
وتوقع شاوردي أن تكلل جهود الوساطة بالنجاح كما نجحت الوساطة الصينية في إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، مبينا أن الحكومات الإيرانية السابقة كانت تبحث أيضا عن نافذة لإعادة العلاقات مع مصر بعدما تغيرت الظروف الإقليمية والدولية التي كانت تحول دون حدوث ذلك.
وتابع: “الإعلام الإيراني يتحدث بتفاؤل عن عودة العلاقات بين القاهرة وطهران من منطلق المصالح الكبيرة المشتركة للبلدين إذا تم هذا الأمر، لافتا إلى أن عودة العلاقات مع مصر هو مفتاح التطبيع مع الدول العربية.
وقال سعيد شاوردي: “سينتج عن ذلك انخفاض التوترات في المنطقة والمزيد من الاستقرار، وهو الأمر الذي لن يروق للولايات المتحدة وإسرائيل، حيث حاولا الترويج لفكرة أن إيران هي العدو الأول للعرب، وهو أمر غير صحيح”.
وأعرب الكاتب الإيراني عن اعتقاده بأن نجاح محاولات عودة العلاقات بين ايران ومصر يأتي بالاستقلال في القرارات وعدم السماح لدول أخرى لرسم سياسات المنطقة.
كيف تؤثر عودة العلاقات بين القاهرة وطهران على المنطقة؟
أكد رئيس مجلس العلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي، أمس الأحد، استعداد بلاده للتحدث مع مختلف الدول لتحسين العلاقات الإقليمية والخارجية، مشيرا إلى أنه إذا تم قبول ومراعاة شروط إيران في المحادثات مع مصر وإذا تحسنت العلاقات مع دول الجوار والمنطقة، فإن ذلك سيعود بالفائدة على الجميع.
وأعلنت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني (البرلمان)، في وقت سابق، أنه “سيتم إعادة فتح سفارتي إيران ومصر في كل من القاهرة وطهران قريبا”.
وتوترت العلاقات بين القاهرة وطهران منذ انطلاق الثورة الإيرانية عام 1979، عندما قبل الرئيس المصري محمد أنور السادات استضافة شاه إيران رضا شاه بهلوي في مصر، رغم مطالبة طهران بعدم استقباله، ومنذ ذلك الحين مرت العلاقات بين البلدين بمحطات مختلفة، وشهدت محاولات متكررة للتقارب.