Site icon مصر 30/6

الجزر الثلاثة تعرقل جهود التطبيع بين إيران ودول الخليج

مناورة عسكرية للسفن البحرية التابعة  للحرس الثوري الإيراني بالقرب من جزيرة أبو موسى، قبالة سواحل مدينة بندر لنجة جنوب إيران. - سبوتنيك عربي, 1920, 10.08.2023

مع قطع إيران شوطًا كبيرًا في ملف التقارب مع الدول الخليجية، لا تزال الأزمات بين طهران ودول الخليج تطفو على السطح، سواء ما يتعلق بحقل الدرة مع الكويت، أو الجزر الثلاث مع الإمارات.
وخلال الفترة الأخيرة، عادت قضية الجزر الثلاث، إلى تصدر المشهد مجددا، وأطلق الحرس الثوري الإيراني مناورات بحرية في وقت سابق من أغسطس الجاري، بهدف “إظهار الاقتدار والاستعدادات الدفاعية القتالية للقوة البحرية للحرس الثوري في حماية أمن الخليج والجزر الإيرانية، وهي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى”.
وجاءت المناورات متبوعة بتهديدات أطلقها المتحدث باسم هيئة الأركان الإيرانية، العميد أبو الفضل شكارجي، لمن سماهم “الطامعين في الاستيلاء على الجزر الثلاث”، في تهديد ضمني لدولة الإمارات، التي تتنازع مع جارتها إيران على تلك الجزر.
وقال شكارجي إن هؤلاء الطامعين “يجب أن يروا جانبا من سلاحنا لكيْلا يرتكبوا خطأ في حساباتهم”، وفقا لوكالة تسنيم الإيرانية.
إيران توجه تهديدا عسكريا “ضمنيا” للإمارات من محاولة استعادة “الجزر الثلاث”
وجاءت المناورات والتصريحات الإيرانية، ردا على بيان لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في يوليو الماضي، تناول التأكيد على “مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى”.
وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، بأن الجزر “تابعة لإيران، إلى الأبد” معتبرًا أن “إصدار تصريحات كهذه يقف بوجه العلاقات الودّية بين إيران وجيرانها”.
وطرح البعض تساؤلات حول قضية الجزر الثلاث بين الإمارات وإيران، وإمكانية أن تعرقل مسيرة التطبيع الأخيرة بين طهران والدول الخليجية والعربية، وتعيد العلاقات إلى نقطة الصفر.
الحرس الثوري الإيراني يطلق مناورات بحرية بهدف الدفاع عن الجزر “المتنازع عليها مع الإمارات”
تجاوز الخلافات
اعتبر محمد غروي، المحلل السياسي الإيراني، أن الأزمة التي تفتعلها دول الخليج خاصة الإمارات في موضوع الجزر الثلاث هي أزمة تحت الطلب، تخرج عندما تحتاج الإمارات أو بعض الدول الخليجية استثمارها سياسيًا في أماكن معينة، حيث تظهر وقتها وتبرز بشكل كبير ويتم استغلالها ضد طهران، فيما لا نسمع عنها في الأوقات التي تكون الأجواء فيها إيجابية بين طهران والإمارات ودول الخليج بشكل عام.
وتضع هذه الدول ملف الجزر جانبًا عندما ترى أنه من المناسب عدم الحديث عنه، بينما تظهره للعلن في خضم المشاكل والأزمات السياسية.
ويرى غروي أن الأجواء الإيجابية التي سادت المرحلة السابقة بين إيران والسعودية والإمارات “لا تدفع هذه الدول لتجعل من أزمة الجزر قضية محورية، وبالتالي لن تقف عائقًا أمام عملية التطبيع بين طهران وهذه الدول، حيث أدركت – ولو متأخرا- أن هناك ضرورة لوضع المسائل الخلافية جانبًا، خاصة أن هذه الأزمة باتت من الماضي، وبات واضحًا أنها تتبع إيران”.
مناورات الدفاع عن الجزر وتراشقات حقل “الدرة”… ما مستقبل العلاقات الإيرانية الخليجية؟
وأوضح المحلل الإيراني أن الإمارات والسعودية “تعرفان جيدًا أن هذه الإشكاليات والملفات الخلافية لن تحل أي قضية بل تعرقلها، وأن المنطق يحتم على الجميع تخطيها لما هو أكبر وأوسع”، مؤكدًا أن ما يجمع طهران وأبو ظبي أكبر من هذه الأزمات، خاصة أن حجم التبادل التجاري والتداول الاقتصادي بينهما كبير جدًا ومتزايد.
ويعتقد غروي أنه “من المنطق والعقل أن تتخطى إيران والإمارات أي مشاكل نوعية من أجل العلاقات الاقتصادية، حيث تحتاج الدولتان للتداول التجاري والاقتصادي، ومن الذكاء الحفاظ على مستويات النمو الاقتصادي بينهما، حيث أن العلاقات السياسية بين الدول تبنى على الأسس الاقتصادية والتجارية”.
واستبعد أن تتخذ أزمة الجزر مجالا سلبيًا في قضية التطبيع بين إيران والإمارات، إلا إذا حدث تدخلا خارجيًا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لعرقلة إعادة العلاقات الإيجابية بين طهران من جهة وأبو ظبي والرياض.
الحرس الثوري الإيراني يدعو دول عربية خليجية للتوقف عن انتهاك جزر متنازع عليها مع الإمارات
نظام عالمي جديد
من جانبه، قال حسن إبراهيم النعيمي، المحلل السياسي الإماراتي إنه منذ تأسيس دولة الإمارات وهي تحتفظ بحقها القانوني في الجزر الثلاث، طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى، وذلك بعد أن احتلتها إيران بالقوة العسكرية بعد عقد اتفاقية مع الاحتلال الإنجليزي مقابل التنازل عن مطالباتهم في البحرين.
واعتبر في حديثه لـ “سبوتنيك”، أن المعاملات التجارية الفعالة والاستيراد والتصدير من إيران إلى دول المنطقة، وخاصة الإمارات والتي تعمل بدون أي عوائق “لا تلغي حق الإمارات في المطالبة باستعادة هذه الجزر”.
ويستبعد المحلل الإمارات أن تؤثر قضية الجزر على التقارب ما بين إيران والإمارات أو مع دول الخليج بشكل عام “حيث هناك تحولات جيوسياسية وتشكل جديد لنظام عالمي، والدول في حركة دائمة من أجل الاستقطاب”.
وقال النعيمي إن هذا التحول قد يدفع لأن تكون دول المنطقة برمتها بما فيها إيران تتمحور في تحالف واحد كبير، مما يسهل التوصل إلى حل سلمي مستقبلي من خلال المفاوضات المباشرة وتوسط الحلفاء الكبار والمؤثرين.
ادعاءات حكام مجلس التعاون الخليجي حول الجزر المتنازع عليها مع الإمارات “باطلة”
لكن الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، اعتبر أن اعتراض إيران على التأكيد الخليجي حول حق الإمارات في الجزر المتنازع عليها يضع الكثير من العراقيل في طريق العودة الكاملة للعلاقات الإيرانية العربية بطرق سليمة.
و”هذه القضية تثبت بشكل كامل بأن هناك قضايا خلافية بين إيران والدول العربية لا يمكن حلها بالطرق السياسية والدبلوماسية العادية، على رأسها أزمة الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، لا سيما وأن طهران رفضت كل العروض العربية والإماراتية والبيانات الصادرة عن جامعة الدول العربية والقمم التي عقدت في هذا الشأن للذهاب إلى التحكيم الدولي، وإثبات أحقيتها في هذه الجزر”.
ويرى أبو النور أن “هذه القضية تأتي ضمن قضايا أخرى كثيرة، منها تسمية الخليج العربي بالفارسي، وغيرها من الأزمات التي تؤكد بأن التطبيع القائم على التوافق الكامل ما بين إيران والدول العربية لا يزال بعيد المنال، وأن الخلافات بين طهران والدول العربية لا يمكن حلها بالطرق السياسية والدبلوماسية المتبعة”.
وفيما يتعلق بتحركات التطبيع الأخيرة بين طهران والدول الخليجية، يعتقد أبو النور أن إيران تسعى لإعادة علاقاتها مع الدول العربية من أجل “التحلل من الضغوط التي تحاوطها”، لكن على ما يبدو “هناك أطراف عربية لا تريد التخلي عن حقوقها التاريخية في قضايا مفصلية مثل تمسك الإمارات بالجزر الثلاث المتنازع عليها مع إيران”.
Exit mobile version