«الحرباوي» راعي الكوفية الفلسطينية
إنها الكوفية الفلسطينية.. رمز المقاومة والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، يتداخل نسيج خيوطها لتخرج لنا رسومات مختلفة ثابتة لاتتغيرأ عبر الزمان على قطعة من القماش تختلط باللونين الأبييض والأسود، لتشكل لنا شبكة الصيد التي تشير إلى التماسك بين الأفراد، وخطوط أخرى ترمز لورق الزيتون.
مع ما تشهده فلسطين من أحداث وحرب لأكثر من 39 يومًا، زادت شعبية الكوفية الفلسطينية داخل وخارج البلاد، وعلى الرغم من محاولات تغيير لونها وتغيير هويتها، استطاعت عائلة الحرباوي الصمود من خلال مصنعها الوحيد في الضفة الغربية في تصنيع الكوفية الفسلطينية حين افتتح أبوابه عام 1961 على يد ياسر الحرباوي الأب المؤسس ومازال يعمل حتى الآن جيل بعد جيل.
كشف نائل قسيس، مسؤول إنتاح مصنع حرباوي التصدير للكوفية تاريخ المصنع وقدرته حتى اللحظة في الحفاظ على التراث الفلسطيني متمثلًا في الكوفية.
تاريخ المصنع وبدايته:
تأسس مصنع حرباوي للكوفية في العام 1961 على يد ياسر حرباوي، وكان هدفه تحديث الكوفية التقليدية والحفاظ على هذا الرمز الثقافي الفلسطيني.
قام ياسر الحرباوي الأب المؤسس برحلة إلى اليابان في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، ونتج عنها تطوير نول متخصص قادر على نسج أنماط معقدة للكوفية، مما سمح بتلبية الطلب المتزايد على الكوفيات عالية الجودة مع الحفاظ على جوهرها الثقافي.
صناعة الكوفية ليست عملية سهلة، بل تتطلب تركيزا عاليًا ومهارة فائقة، الآلات القديمة التي نستخدمها، والتي يعود بعضها لأكثر من 60 عاما، تحتاج إلى مراقبة دقيقة وصيانة مستمرة.
* ماذا عن تفاصيل صنع الكوفية؟
كل خطوة في صناعة الكوفية تحتوي على تفاصيل ومعرفة فنية عميقة، ولا يوجد آلة تنتج الكوفية بضغطة زر.
*ظروف العمل على الرغم من تضييقات جيش الاحتلال الفلسطيني؟
نعمل في ظروف صعبة للغاية، منها
– العديد من عمالنا يعيشون في الريف المحيط بمدينة الخليل، مما يتطلب منهم المرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية والمشي بجانب المستوطنات، يعرضهم لمواجهات الذين يتصرفون كما كان يتصرف «السادة البيض» خلال فترة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
– العاملات النساء، يخشين الذهاب إلى العمل في أوقات الاضطرابات، حيث قد يتعرضن للهجوم اللفظي أو الجسدي من قبل المستوطنين، أو حتى محاولات لنزع حجابهن.
– تحدي آخر يواجهنا هو استيراد المواد الخام وتصدير كوفياتنا، حيث لا نملك حدودًا سيادية هذا يجعل العملية مكلفة وأحيانًا مستحيلة.
– التحدي الآخر هو تكلفة المعيشة وفقًا لاتفاقيات أوسلو وباريس اقتصادنا مرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي، مما يجعل تكلفةالمعيشة في فلسطين مماثلة لتلك في دولة الاحتلال.
لماذا انتشر أسم المصنع بشكل واسع مؤخرا؟
يرجع الفضل في انتشار اسم المصنع بشكل أوسع لمنصات التواصل الاجتماعي الذي سلطت الضوء على أنه المصنع الوحيد المتبقي لإنتاج الكوفيات في فلسطين الأمر الذي جعل الطلب يتزايد عليهم ومن ثم مواصلة الإنتاج.
وتابع أن هذه الخطوة دفعتنا لمحاولة توسيع نشاطتنا فتم إطلاق موقعنا الإلكتروني من مستودع في ألمانيا لتمكيننا من الشحن لأي مكان في العالم مما أدى إلى زيادة الطلب.
بعد ذلك بوقت قصير، بدأنا في تحسين جودة الكوفيات وإنشاء تصاميم ألوان جديدة مستوحاة من ومكرسة لمدن فلسطينية، وذلك لخلق كوفيات جميلة.
زيادة الطلب حول العالم على الكوفية الفلسطينية:
مؤخرًا، ومع الحرب على غزة، شهدنا زيادة هائلة في الطلب على الكوفية، في شهر أكتوبر وحده نفدت جميع الكميات التي أنتجناها لموسم الشتاء، كان الطلب من جميع أنحاء العالم أستراليا إلى أيرلندا وحتى أمريكا اللاتينية كان أكبر مخاوفنا هو أن نشعر بأننا وحيدون في مواجهة هذا الاحتلال العطش للدماء، ولكن شعوب العالم تظهر لنا مرارًا وتكرارًا أننا لسنا وحيدين على الرغم من المواقف الرسمية لحكوماتهم».
محاولات لزيادة الإنتاج في الوقت الراهن
نحاول حاليا إنتاج المزيد، ولكن هناك بعض الخيوط المفقودة، والخيوط التي استوردناها قبل العدوان الأخير من الهند لم تصل بعد بسبب الحصار على الضفة الغربية والقيود المفروضة على الشحن البحري. اضطررنا لتقبل الطلبات المسبقة ونأمل أن نتمكن من تسليم الدفعة التالية بحلول بداية ديسمبر.
**وماذا عن محاولات التقليد؟
هناك الكثير من المحاولات التي تتم في أنحاء العالم وأشهرها في الصين ولكن نحاول قدر الإمكان الحفاظ على هويتنا والتطوير المستمر نحن نصمم كوفيات بألوان وأنماط جديدة فالكوفية ليست مجرد قطعة قماش، بل هي رمز حي يتنفس مع نبض الشارع الفلسطيني، إنها تتطور وتتكيف مع الروح العصرية لشعبنا، وهذا ما يحافظ على حيويتها.
استمرار إنتاج الكوفية في فلسطين وتصديرها للعالم
يعد استمرار إنتاج الكوفية بمثابة رسالة قوية تؤكد على استمرارية وجودنا وثقافتنا نحن في مصنع حرباوي نعمل جاهدين للحفاظ على هذا التراث وتطويره، مع الحرص على أن تعكس كل كوفية ننتجها قصة وروح فلسطين.
من خلال تصدير كوفياتنا، نحن ننقل جزءًا من فلسطين إلى العالم، ونفتح نافذة للتعريف بقضيتنا وثقافتنا كل كوفية تُباع في الخارج تحمل معها رسالة تضامن ودعم للشعب الفلسطيني. إنها تساهم في نشر الوعي حول القضية الفلسطينية وتعزز الروابط بين الشعوب المختلفة التي تتشارك في الدعم والتضامن مع فلسطينهذا الدور يعطينا القوة والإصرار على مواصلة عملنا رغم التحديات الكبيرة التي نواجهها، سواء كانت تحديات اقتصادية أو سياسية أو لوجستية
هناك حكمة ورثناها عن مؤسسنا، ياسر حرباوي، هي الإقدام والتصدي للتحديات، تخيلوا رجلًا يرتدي الزي الفلسطيني التقليدي، يذهب إلى اليابان في نهاية الخمسينيات دون معرفة باللغة الإنجليزية أو اليابانية، بحثًا عن مصنع يصنع له آلة تنتج الكوفية التي كان يرتديها على رأسه. هذا العزم والشجاعة هما ما نحمله في قلوبنا اليوم.
تحدياتنا الحالية مختلفة، لكننا نواجهها بنفس الروح القتالية. نحن نقف أمام الصعاب بثبات، متقبلين لها كجزء من هويتنا كمصنع بشكل خاص وكفلسطينيين بشكل عام.
من أصعب المواقف التي مرت علينا في مصنع حرباوي كانت في الفترة التي كدنا أن نغلق فيها أبوابنا.
الكوفية الفسلطينية وماذا تمثل
يمكن وصف الكوفية الفلسطينية بكلمة واحدة، فسأختار «المقاومة». تاريخيا، وبعد ذلك تحولت الكوفية إلى رمز للهوية والنضال الفلسطينيأ أما الشهيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، فقد جعل من الكوفية رمزًا عالميا، حيث كان يرتديها دائما، مطويا إياها على كتفه بطريقة ترمز إلى خريطة فلسطين.