أخبار عربية ودولية

الخرطوم على شفا كارثة إنسانية

 

الصراع في السودان - مدينة الخرطوم - سبوتنيك عربي, 1920, 08.08.2023
مع اقتراب الحرب في السودان من شهرها الخامس، تعيش العاصمة الخرطوم أوضاعا إنسانية غاية في القسوة، وتتفاقم تلك المعاناة بمرور الساعات دون أن تلوح في الأفق أي بوادر لوقف الحرب.
أوشكت العاصمة على الدخول في كارثة حقيقية إذا لم تتوقف الحرب خلال الأسابيع المقبلة، وقد تكون المجاعة والمرض أهم سببين لمفارقة الحياة بجانب عمليات القتل والنهب والسطو في كل المناطق سواء التي يسيطر عليها الجيش أو الدعم السريع.
بدايةً، يوضح محمد مصطفى، مدير المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية في السودان، بشأن الوضع الإنساني المأساوي الذي تعيشه العاصمة الخرطوم وأحيائها، قائلا: “لا أمن غذائي ولا أدوية أو خدمات وحتى الحركة مقيدة، علاوة على الانتهاكات والتعديات على المدنيين، الأمر بالغ القسوة، حتى المعونات الإغاثية المقدمة من دول العالم ونسمع عنها لا تصل إلينا نهائيا”.
الصراع في السودان - مدينة الخرطوم - سبوتنيك عربي, 1920, 06.08.2023

الموت جوعا
وقال إن عمليات الإغاثة التي يجري الحديث عنها لم تصل إلى أي مواطن من سكان ولاية الخرطوم حتى اليوم، رغم مشاهدتنا لما يقوم به الهلال الأحمر من عمليات تسجيل للمواطنين في الأحياء والمربعات السكنية والتي انتهت منذ أكثر من شهر، إلا أننا لم نر أي من المساعدات تصل إلى تلك المناطق.
وأضاف مصطفى: “جميعنا تابعنا وصول الإغاثة عبر ميناء ومطار بورتسودان منذ الشهر الأول لاندلاع الحرب، إلا أنها لم تنعكس على المواطن المضطر للبقاء في منزله بأحياء ومربعات ولاية الخرطوم رغم شبح الموت الذي يحوم حوله كل لحظة، وبحكم وجودنا بالولاية فإن أغلب مواطني ولاية الخرطوم الذين تحدثنا معهم منذ بداية الحرب وحتى بعد أن تجاوزت الحرب يومها المائة، لم يستطيعوا الخروج منها لأي منطقة آمنة لأنهم لا يملكون تكلفة الترحيل إلى أهلهم في الولايات النائية بل حتى إلى المناطق القريبة”.
وتابع: “أضف إلى ذلك أن المواطنين وحسب ظروفهم المادية الصعبة لا يستطيعون إيجار منازل لأسرهم في المدن القريبة لولاية الخرطوم في ظل الزيادات الفلكية في أسعار الإيجارات، كما وأنهم يتساءلون عن كيف يوفرون لأهلهم قوت يومهم في مناطق لا يعرفون عنها شيء، وقد لا تتوفر لهم فرص عمل، لذلك بقوا في منازلهم مجبرين ويعملون تحت زخات الرصاص والقنابل ويواجهون احتمالات الموت كل يوم والأدهى والأمر أنهم في نهاية كل يوم معرضين لنهب ما جمعوه لأطفالهم وقد لا يزيد عن ثلاثة آلاف جنيه”.
القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان - سبوتنيك عربي, 1920, 05.08.2023

السودان.. البرهان يكلف مدير عام قوات الشرطة بمهام وزير الداخلية
واقترح مصطفى أن يتم تحديد مواقع إسقاط مواد الإغاثة بالطائرات في كل محليات ولاية الخرطوم السبع بواسطة جمعية الهلال الأحمر التي بادرت بالتسجيل ولجان الخدمات، وتتولى جمعية الهلال الأحمر ولجان الخدمات بكل حي أو مربع توزيعها، على أن يتم تأمين تلك المواد الإغاثية من قبل الجيش والدعم السريع كل حسب مواقع سيطرته دون أي تدخل في عملية التوزيع، وفي المحليات التي يتشارك فيها السيطرة الجيش والدعم السريع يؤمن كل منهما ما يليه من مواقع، على أن يلتزم طرفي النزاع بهدنة كاملة في فترة إسقاط وتوزيع الإغاثة وتسليمها للأحياء والمربعات السكنية.
من جانبه يقول علي آدم محمد بخيت، سكرتير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية السودانية، إن نسبة كبيرة من سكان ولاية الخرطوم منذ يوليو الماضي، لا يشترون المواد الغذائية وبتحعض الضروريات الأخرى، إلا بعد أن يتحروا جيدا للتأكد من أن تلك السلع غير منهوبة أو مسروقة نتيجة خروج المصانع من الخدمة ونهب المخازن والأسواق واختفاء تجار الجملة.
خطر الموت جوعا
وأضاف هناك مؤشر خطير جدا لقرب نفاذ السلع الاستهلاكية في ولاية الخرطوم، الأمر الذي يعرض الأسر الأمينة والمتعففة والتي لا تقبل شراء المسروقات من السلع إلى خطر الموت جوعا، حيث أن تلك الأسر أصبحت تعتمد على القليل من الغذاء قد لا يتجاوز الوجبة الواحدة أو نصف الوجبة في اليوم.
ولفت بخيت إلى أن الوضع في ولاية الخرطوم كارثي بكل المقاييس ووفق تقديرات المركز العربي الأفريقي بالسودان، نحن على بعد شهر فقط لنرى الناس يموتون جوعا أمامنا.
البعثة الأممية في السودان تدعو الجميع إلى وقف العمليات العسكرية فورا
غياب دولي
ويقول عادل عبد الباقي، رئيس تجمع منظمات المجتمع المدني السودانية، وفقا لإحصائيات أمين الصحة بشبكة منظمات المجتمع المدني، فإن المرضى ولا سيما النساء والأطفال هناك عيادة مجانية في غرب ولاية الخرطوم في الجريف، وهى تابعة لمنظمات المجتمع المدني وتعمل على مدار الساعة طوال الأسبوع، وتستهدف ما يقارب 150-200 مريض يوميا يعانون من أمراض مزمنة.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، رغم توافر العيادة والطاقم الطبي المتبرع لإدارتها إلا أن هناك نقصا حادا في المعدات والمستلزمات الطبية، لافتا إلى أن المواطنين الذين يعيشون تحت سيطرة الدعم السريع يعيشون ظروف صحية وإنسانية مزرية.
وتابع عبد الباقي، خلال الأيام القليلة الماضية، شاهدنا المبادرات التي أطلقت من المجتمع المدني لدعم وتوفير الغذاء الصحي والدواء للمتضررين، وتشهد الخرطوم في تلك الأيام تحركات لتوفير الخدمات ولو بصورة جزئية في عدد من المناطق مثل الماء والكهرباء والتي كانت سببا في خروج الكثير من المستشفيات من الخدمة.
وطالب عبد الباقي، بسرعة توصيل المساعدات الإنسانية وأن يكون هناك دور فعال لمنظمة الإغاثة والمنظمات الدولية، وحتى الآن لم نلمس أي دور حقيقي حول هذا الموضوع.
كارثة صحية
بدوره حذر ربيع الجيلي، أمين الصحة بشبكة منظمات المجتمع المدني السودانية، من كارثة صحية وخيمة في حالة عدم توفر الدواء والمستلزمات الطبية، وناشد منظمة أطباء بلا حدود والمنظمات الصحية لدعم الإطار الصحي في السودان.
قوات الدعم السريع في السودان - سبوتنيك عربي, 1920, 02.08.2023

قوات الدعم السريع تحذر من نذر “حرب أهلية” بين مكونات شرق السودان
وقال إن 78 في المئة من مستشفيات الخرطوم خرجت عن الخدمة، ما دعانا في منظمات المجتمع المدني لمحاولة البحث عن حلول للأزمة الصحية بشكل خاص، حيث قمنا بإنشاء غرف طوارئ صحية في الخرطوم تقدم العلاج والفحوصات مجانا، خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة من الأطفال والنساء وكبار السن، وتعمل تلك العيادات في ظل ظروف قاسية ونقص حاد في المعدات والمستلزمات الطبية.
حاولت “سبوتنيك”، التواصل مع أي مسؤول في منظمة العون الإنساني الحكومية في السودان أو أي مسؤول حكومي دون جدوى.
وتتواصل، منذ أكثر من 3 أشهر، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
الاتفاق الإطاري
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
جنود الجيش السوداني الموالون لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان يشغلون موقعًا في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر ، في 20 أبريل 2023. - سبوتنيك عربي, 1920, 27.07.2023

الجيش السوداني يقول إن وفده في محادثات جدة عاد إلى السودان “للتشاور”
واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.
وكان مقررا التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي لإنهاء الأزمة في السودان، في الأول من أبريل/ نيسان الماضي، إضافة إلى التوقيع على الوثيقة الدستورية، في السادس من الشهر ذاته، وهذا ما لم يحصل بسبب خلافات في الرؤى بين قادة القوات المسلحة وقادة قوات الدعم السريع، فيما يتصل بتحديد جداول زمنية لدمج قوات الدعم السريع داخل الجيش.
زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights