قال عصمت منصور، صديق زعيم حركة «حماس» داخل قطاع غزة، يحيى السنوار، إنه التقى بـ«السنوار»، داخل أحد السجون عام 1996، وكان تفكيره في أن تكون هناك دولة فلسطينية كاملة الحدود ومن البحر للنهر بينما هو خلف القضبان، وكان يجهز لـعملية مثل طوفان الأقصى التي حدثت في الـ7 من أكتوبر الماضى، منذ سنوات.
وأضاف «منصور» أنه رأى في «السنوار» منذ فترة السجن الأولى شخصية مختلفة مؤمنة تمام الإيمان بصدق توجهاته، وأن ما يرنو إليه من تأسيس دولة فلسطينية كاملة سيكون حقيقة مهما طال الزمن، يجتمع مع كافة الفصائل الفلسطينية ويحترمها جميعًا، يحب ياسر عرفات ويقدر الجهد السابق لحركة فتح على عكس الكثيرين من قادة حركة حماس المعروفين بعدائهم الشديد لـ«فتح».
وأوضح أن «السنوار» مختلف في كونه كان مشدودًا بالقادة الإسرائيليين الأوائل مثل بن جوريون على سبيل المثال، وتخطيطهم لإقامة دولتهم مهما كانت الظروف والتحديات، على الرغم من كافة المقدمات التي كانت تشير إلى استحالة قيام دولة إسرائيل.
وأشار إلى أنه كان يقرأ كافة الصحف الإسرائيلية أيام السجن، في الوقت الذي كانت اهتمامات الأسرى فيه مختلفة وبسيطة، وكان هو يقرأ في التاريخ وكتب أهم القادة الإسرائيليين ويستمع إلى إعلامهم لمتابعة كيف يفكرون وما أبرز الأشياء التي يهتمون بها في إعلامهم، ومن الممكن أن يكون يحيى السنوار، يعرف عن إسرائيل أكثر من كثير من الإسرائيليين أنفسهم من كثرة قراءاته عنهم وعما كتبوه هم أنفسهم عن الصراع العربى الإسرائيلى ورؤيتهم لفلسطين.
ولفت إلى أن يحيى السنوار كان يحترم الأسرى ولديه طريقة مختلفة في التعامل مع أسرى الفصائل، ومع الوقت صادق مروان البرغوثى أشهر أسير فلسطينى، حيث كان يعبر دوما عن احترامه للرئيس ياسر عرفات وامتنانه لدوره القيادى في القضية الفلسطينية، بينما كان يعتز أيضا بعلاقته وصداقته مع مروان البرغوثى الذي وعده وآخرين بالقيام بأقصى ما يمكن لحل قضية الأسرى بالكامل وخروجهم من السجن.
وأكد «منصور» استحالة هروب يحيى السنوار خارج غزة، هو أو أحد من كبار أعوانه مثل محمد الضيف أو مروان عيسى أو شقيقه محمد السنوار، حيث يتمتعون جميعًا وخاصة يحيى السنوار بروح قتالية عالية، حتى شهادتهم نفسها يعتبرونها إيجابية في سبيل القضية وليس نهايتها على الإطلاق، إلى جانب تفاصيل أخرى تتعلق بوضع وقيادة السنوار نفسه لمقاتليه في قطاع غزة وخروجه منها بأى شكل سيقضى على أسطورته ويحوله إلى شخص مختلف أقل ثقلًا، وبالتالى من المستحيل أن يكون السنوار خارج غزة أو يجلس مثل غيره في دولة عربية تعطيه أجرًا، بل بالتأكيد هو داخل غزة يقود المعارك بنفسه ويخطط طوال فترة الحرب.
ورجح صحة الفيديو الخاص بالجيش الاسرائيلى الذي يشير إلى العثور على يحيى السنوار داخل أحد أنفاق قطاع غزة يوم العاشر من أكتوبر الماضى بعد أيام من معركة طوفان الأقصى، مشيرًا إلى أنه هو يحيى السنوار بهيئته ورأسه بينما بالتأكيد لا يعرف مكانه أو وضعه الحالى، خاصة أن الفيديو نفسه مضى عليه عدة أشهر بالفعل منذ تصويره من الكاميرا التي عثر عليها الجيش الاسرائيلى داخل أحد الأنفاق في قطاع غزة.
وأكد الصعوبة الكبيرة للقبض على «السنوار» من قبل الجيش الإسرائيلى خاصة مع التحوطات الأمنية الكبيرة التي يقوم بها في الأوقات العادية، فما بالك وهو يعرف أنه ملاحق أشد ملاحقة، وبالتالى يشدد الحراسة والإجراءات الأمنية التي تمنع بأى حال من الأحوال القبض عليه حيًا من قبل الجيش الإسرائيلى.
ونوه إلى أنه شديد التكتم ومبالغ جدًا في الحس الأمنى، وعنده دومًا نظرية المؤامرة، وبالتالى لا يثق بأحد إلا قليلا جدًا، فتجد قليلين جدًا مرتبطين باسمه ومحيطين به، على الرغم من العدد الكبير لقادة القسام أو حماس في الشق السياسى، ومن المستحيل أن يعرف عنه عدد كبير معلومات كافية نظرا لاهتمامه الكبير بالحس الأمنى خوفا من تهدم خططه أو الاعتقال على سبيل المثال أو الاغتيال.
وقال إنه أثناء السجن كان يؤكد دومًا احترامه الكبير لمصر وأهمية احترامها والتعاون معها، وأكد أكثر من مرة أن أي عدم تقدير لقيمة مصر وحدودها يعنى ضمنيًا عدم وجود حكم حماس في داخل قطاع غزة، ما يشير إلى احترامه وحبه الكبير لمصر، وهو ما كان يؤكد عليه مرارًا وتكرارًا من خلال دور مصر في دعم القضية الفلسطينية. وأضاف أن يحيى السنوار، شخص لا يؤمن بالعملية السياسية من الأساس، ويؤمن تمامًا أن أي وجود لدولة فلسطين لا يمكن إلا أن يكون من خلال العمليات العسكرية وحمل السلاح ومواجهة إسرائيل بشكل لا ينتهى، وصولًا إلى تحقيق حلم الدولة، في الوقت الذي لا يعترف فيه أيضا بوجود إسرائيل ويرى أن فلسطين من البحر للنهر ما يعنى عدم وجود إسرائيل على الإطلاق.
وأوضح أن السنوار في عقله فلسطين وكانت لديه أحاديث داخل السجن مع قادة الحراك الفلسطينى، ومن أبرزهم مروان البرغوثى، حيث كان يعتبر أن لديه التزامًا تجاه الأسرى، ومن هنا يأتى تأكيده الدائم في المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل في الفترة الحالية على ضرورة الإفراج عن البرغوثى ومختلف الأسرى المهمين أصحاب الأحكام الطويلة.
وتولى يحيى السنوار رئاسة حركة حماس داخل قطاع غزة، خلفًا لإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى للحركة، والموجود في قطر منذ سنوات، حيث تتم الإشارة بشكل دائم إلى أن السنوار هو صاحب قرار «طوفان الأقصى» وعملية السابع من أكتوبر التي أودت بحياة نحو 30 ألف شهيد فلسطينى داخل قطاع غزة، بينما لم تتوقف الحرب بعد 6 أشهر كاملة من القتال.
وتوغل أكثر من 1200 مقاتل فلسطينى إلى مستوطنات غلاف غزة في عملية غير مسبوقة منذ عام 1948 واعتبرها الجيش الاسرائيلى نفسه فشلًا استخباراتيًا وعملياتيًا لم يواجهه منذ حرب 1973 التي كانت في نفس الشهر، وسط مطالبات داخلية بمحاكمات موسعة لقادة الجيش والحكومة وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذي يوشك مستقبله السياسى أن ينتهى تماما.
ولا تزال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مستمرة بعد أكثر من 5 أشهر من التوغل البرى غير المسبوق للجيش الإسرائيلى داخل قطاع غزة، والذى أودى بحياة أكثر من ٣١ ألف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال، في الوقت الذي يتم فيه تبرير ذلك بهجمات حماس على مستوطنات غلاف غزة التي أودت بحياة نحو 1200 قتيل بحسب بيانات إسرائيلية واختطاف حوالى 250 شخصيا أغلبهم عسكريون.