أحد أجمل مساجد القاهرة، تحفة أثرية وقبلة سياحية في منطقة الدرب الأحمر، إنه مسجد الطنبغا المارداني الذي افتتحته وزارة السياحة والآثار بعد تطويره بتكلفة بلغت 32 مليون جنيه.
يعود تاريخ المسجد إلى عصر المماليك، حين بناه الأمير الطنبغا المارداني على مشارف القاهرة في العصور الوسطى، وهو أحد مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، ويؤرخ إنشاء المسجد على نصوصه التأسيسية بتاريخ 740 هجريا، ويقع بشارع باب الوزير بالدرب الأحمر.
للمسجد مخطط أعمدة وجدرانه الخارجية مزينة بأسلوب معماري مملوكي نموذجي، وفي وقت بنائه كان من أفخم المساجد المزخرفة في القاهرة، ويتميز بأول مئذنة مثمنة بالكامل وقبة كبيرة، بالإضافة إلى ابتكارات معمارية أخرى.
شُيد مسجد الطنبغا المارداني على نمط المساجد الجامعة “الجوامع”، إذ يتوسطه صحن تحيط به أربعة أروقة، أعمقها وأكبرها ذلك الرواق الذي يأخذ اتجاه قبلة الصلاة، وتتوسط الصحن نافورة مثمنة “ثمانية الأضلاع”، رخامية وواجهة الرواق الشمالي مغطاة برخام جميل نقش عليه تاريخ الإنشاء، وباقي أجزاء حائط القبلة مغطى بوزرة من الرخام الدقيق المطعم بالصدف.
وللمسجد 3 أبواب وقبة بثمانية أعمدة جرانيتية تسبق المحراب، ويتميز محراب هذا المسجد بأنه يعد من المحاريب النادرة دقيقة الصنع بين محاريب مساجد القاهرة، وكسيت جدرانه بالرخام الدقيق والصدف مكونة زخارف هندسية دقيقة ويعلو المحراب قبة كبيرة ترتكز على 8 أعمدة من الجرانيت الأحمر ومقرنصاتها من الخشب الملون، وإلى جوار المحراب يوجد منبر من الخشب بحشوات مطعمة بالعاج.
تطوير مسجد الطنبغا المارداني
تطوير مسجد الطنبغا المارداني يسهم في تقديم تجربة سياحية فريدة للجمهور وسائحي المنطقة، لما يحظى به المسجد من موقع متميز ضمن المسار السياحي لمنطقة الدرب الأحمر.
وكان المجلس الأعلى للآثار بدأ أعمال ترميم المسجد في إطار بروتوكول التعاون بين المجلس مع مؤسسة الأغاخان عام 2018، وتم افتتاح أعمال المرحلة الأولى من المشروع في أكتوبر 2021، كما استمرت أعمال المرحلة الثانية ما يقرب من 18 شهر، حتى تم افتتاحها الثلاثاء الماضي.
وتمت المرحلة الثانية من أعمال ترميم المسجد تحت الإشراف الكامل من وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى للآثار وفقاً للقواعد الأثرية المعمول بها عالمياً، وبتمويل من الإتحاد الأوربي ومؤسسة الأغاخان للخدمات الثقافية، وبالتعاون مع وزارة الأوقاف من أجل الحفاظ على التراث الثقافي.
ونُفذت أعمال الترميم بدقة مع مراعاة الحفاظ علي الهوية البصرية والتاريخية للمسجد والطابع الأثري له من خلال إبراز ما يزخر به من نقوش وفنون من العمارة الإسلامية، باستخدام أحدث النظم والأساليب في أعمال الترميم، الأمر الذي جعل المسجد يظهر في أبهى صورة له.
وتضمنت أعمال المرحلة الثانية، ترميم الأروقة الثلاثة الباقية للمسجد والصحن، حيث تم ترميم ومعالجة الأسقف الخشبية المزخرفة وترميم الملاط الأثري بالواجهات الداخلية و الخارجية للمسجد، بالإضافة إلى أعمال تنظيف الأملاح وكحلة الأجر الأثرى القديم، وترميم الأرضيات الحجريّة بالصحن والأروقة وإضافة جلسات رخامية بالصحن لخدمة المصلين وإضافة أحواض للنباتات.
واستكملت أعمال رفع الكفاءة لفوارة الصحن المخصصة للوضوء والتى تمثلت فى أعمال الدهانات وحفظ النص الكتابى الخاص بلجنة حفظ الأثار العربية والتوصيلات الخاصة بامدادها بالمياه وكذلك أعمال الصرف، كما تم ترميم البخاريات الجصية المتصدرة للواجهات الداخلية للأروقة. وتضمنت أعمال المشروع أيضاً تجديد شبكات ووصلات الكهرباء، وتنفيذ نظام إضاءة داخلية وخارجية، وعمل نظام الصوتيات داخل المسجد، كما تم تزويد المنطقة بأماكن استراحة على أرصفة الجامع الخارجية لخدمة أهالي المنطقة.
ويعد تطوير مسجد الطنبغا المارداني ثمرة تعاون بين مؤسسة الأغاخان للخدمات الثقافية ووزارة السياحة والآثار وواحد من العديد من مشروعات الترميم التي قامت بها المؤسسة بالتعاون مع الوزارة في منطقة الدرب الأحمر، ويعكس جهود المؤسسة في الاهتمام بكافة التفاصيل وادقها، حيث انهت المؤسسة أعمال المرحلة الثانية من المشروع وإعادة تأهيل المنطقة المحيطة بالمسجد من منازل ومحال تجارية، حتي تتكامل أعمال الترميم مع البعد الاجتماعي الذي تهتم به أيضا في كافة مشاريعها.