كتب ـ أحمد إبراهيم
.. يموج تاريخ العسكرية المصرية بلآلئ أثرت الحياة العسكرية بل والحياة العامة كاملة بشقيها الثقافي والفكري، فمن ينسي المفكر والمثقف ثروت عكاشة أبو الثقافة المصرية أو الفنان أحمد مظهر فارس السينما المصرية، أو الشاعر الكبير سامي البارودي رب السيف والقلم.
ويعد اللواء الدكتور سمير فرج أحد لآلئ القادة والعسكريين المصريين الذين أثروا الحياة العامة بالكثير من الإبداعات الفكرية والثقافية.
“سر تقدم السكسونين”
.. يبدو أن اللواء الدكتور سمير فرج، لم يكتفي بكونه واحداً من أبرز أجيال العسكرية المصرية جيل نصر أكتوبر العظيم، بل شارك بإبداعية وتألق نادر في مجالي الثقافة والفكر مُثرياً الحياة العامة والثقافية بالكثير من المقالات واللقاءات التلفزيونية، وحقيقة يمتلك فرج بصمة وأسلوب خاص في طرح ومناقشة أفكار موضوعاته سواء بطريقة العرض التي تعتمد علي الأرقام والبيانات والصور والخرائط موثقاً بذلك أفكاره وآراؤه بأسانيد وحجج علمية، وهو ما يدعو للاستفسار عن سر هذا المنهج والأسلوب المميز والذي يبدو أنه قد اكتسبه من مسيرة علمية عسكرية هامة بإحدى أهم الأكاديميات الحربية بالعالم وهي أكاديمية كمبرلي للأركان بلندن، بل أنني أري أن هذا الحَدث وهذه المهارة قد اكتسبها فرج مع نعومة أظفاره وفي طور النشأة والتكوين فحينما كان طفلاً صغيراً، أوصته والدته السيدة والمعلمة الفاضلة بقراءة وتلخيص كتاب سر تقدم السكسونين، لتكون هذه المهارة المعرفية العلمية اللبنة الأولي والمكون الأساسي لشخصية فكرية قادرة علي الإطلاع والفهم والتلخيص ثم الشرح باستخدام الأساليب والحجج والبراهين والوثائق العلمية لا الكلام المرسل والعبارات الرنانة ..
.. وهو ما يبرز أهمية النشأة والمناخ والبيئة في صناعة الأفذاذ والعظماء والقادة..
” أبو العربي”
.. ليست الأم والمعلمة الفاضلة والدة اللواء الدكتور سمير فرج، من كان لها وحدها التأثير في صناعة هذه الشخصية العسكرية الفكرية والثقافية الفذة، بل للمناخ والطبيعة الخلابة الفريدة لمدينة المولد والنشأة بورسعيد ، بلد البطولة والفداء والشهادة، بلد التحدي والصمود والشهداء، التي لاقت ويلات حروب عدة، بداية من العدوان الثلاثي حرب 1965 ونكسة 1967 وحتي نصر أكتوبر 1973، ولهذا كله عُرف أبنائها بـ “أبو العربي” أي السيد أو الرجل..
.. إن مدينة بورسعيد الباسلة أرضٌ فريدة عاشت عمراً طويلاً منذ نشأتها كبلد كوزموبولتن يختلط فيها أجناس شتي من خواجات وأجانب دولاً مختلفة مع أبناء الوطن من فلاحين وأفندية وعلماء، أضافوا الكثير من عوامل الرقي والثقافة والزوق، وهو ما أثمر في النهاية شخصية فريدة محلياً وعالمياً وهو ما ينعكس تماماً علي شخصية اللواء سمير فرج، التي تتمتع بالرقي والشياكة والزوق الرفيع إضافة لانظباط عسكري وإصرار وتحدي بورسعيدي.
” القاضية يا شارون “
.. لم تكن المناظرة التي أجراها ضابط أركان حرب الجيش المصري سمير فرج، والجنرال الصهيوني السفاح آريل شارون، علي شاشات قناة الـ BBC البريطانية الشهيرة عام 1975، محط اهتمام المصريين فقط بل والعالم أجمع ..
فشارون مزهو بجرائمه المتتالية؛ تدنيس متكرر لباحات الأقصى، تدمير للمدن والقري الفلسطينية، قتل وإبادة العزل، نكسة حرب الأيام الستة، ثم ثغرة حرب أكتوبر أو ثغرة الدفرسوار التي ساعده فيها الأمريكان مستخدمين الأقمار الصناعية وكافة تكنولوجيا العصر وقتها ..
.. اذاً نحن أمام تركيبة إجرامية خطرة مزهوة بتاريخ من الدماء والقتل والإبادة الجماعية نظير ضابط وشاب مصري يتمتع بقيم النزاهة العسكرية والسلوك المصري المتزن ..
.. فالطبيعي والمنطقي والمعقول أن تكون النتيجة لصالح الجنرال شارون أول من رفع العلم الصهيوني علي أرض إفريقيا كما يعرفه الإعلام الغربي ويصفه، ولكن المفاجأة فوز المقاتل المصري الشاب بنتيجة تصويت حاسمة بـ 8 نقاط للمصري سمير فرج نظير 2 فقط للصهيوني شارون من لجنة تحكيم أساتذة المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية في لندن.
.. وحقيقة لا أعرف لماذا لا تعرض قنواتنا المصرية والعربية هذه المناظرة الهامة التي تمنح شبابنا الأمل وتشير لعبقرية الشخصية المصرية وابداعها في حال توافر البيئة والمناخ الملائم والمعرفة المناسبة لعلوم العصر وتقنياته..
” الجنرال المتجدد “
.. كما كان اللواء الدكتور سمير فرج عاشقاً للوطن كانت مصر أيضاً كريمة معطاءة سخية، فلقد تقلد فرج العديد والعديد من المناصب الهامة والمحورية سواء بداخل القوات المسلحة المصرية أو بمجال العمل العام والتنفيذي، والتي كان آخرها منصب محافظ الأقصر، ولكن جاءت ثورة شباب 25 يناير لتخرج الرجل بعيداً عن المشهد السياسي والعام، ولكنه لم يقف مكتوف اليد أو يستسلم فحبه لوطنه وإيمانه والقدرة علي العطاء وشخصيتة الفريدة منحته القدرة علي التجدد والابتكار والانسياب والتمهاهي مع متغيرات العصر مستخدماً مهاراته العلمية والفكرية والثقافية في التوضيح والتفسير والحديث عن لوغريتمات ومعطيات ومعلومات متضاربة في عالم متصارع يقتل نفسه رويداً رويداً ..
” محور سمير فرج “
.. يعد اللواء الدكتور سمير فرج نموذجاً فريداً وأباً من آباء الوطنية العظام، فلقد كُرم بالكثير من الأكاديميات الحربية الهامة بالعالم، كما حصل علي وسام الجمهورية، نوط الواجب العسكري، نوط الخدمة الممتازة، وأخيراً كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإطلاق إسمه علي أحد محاور مدينة الأقصر أحد أهم مدن ومتاحف الدنيا المفتوحة ..