أصبح الحديث الأهم داخل المكسيك بعد فوز أول امرأة بمنصب رئاسة الجمهورية، كيفية وقف العنف الممنهج ضد النساء داخل تلك الدولة، والتى تعد صاحبة أكبر معدل إجرامي ضد المرأة حول العالم، وأحد انعكاسات تلك الممارسات تكون داخل وسائل المواصلات المكسيكية، وبالأخص داخل محطات المترو.
وتعاني المكسيك من مشكلة خطيرة تتعلق بالعنف بين الجنسين، حيث هناك ما معدله 10 جرائم قتل للنساء، وجرائم قتل ترتكب ضد الإناث والأشخاص المؤنثات، يوميًا، وأكثر من 40٪ من النساء المكسيكيات يعانين من حالة العنف قبل سن 15 عامًا ، سواء نفسيًا أو جنسيًا أو جسديًا، وفقًا للإحصاءات الرسمية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، فقد اتخذت الحكومة بعض الإجراءات لمعالجة المشكلة، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن هذه الإجراءات لم تكتمل، وإن هناك حاجة إلى إصلاح كبير لضمان سلامة المرأة، وفي نظام المترو العام في مكسيكو سيتي، تقول تسع من كل 10 نساء إنهن وقعن ضحية للتحرش الجنسي، على الرغم من أن حكومة المدينة نفذت في عام 2002 برنامج “دعونا نسافر بأمان”. ويخصص البرنامج ثلاث من عربات مترو الأنفاق التسع لشخصين فقط، هما النساء والأطفال حتى سن 12 عامًا.
وكان نجاح البرنامج محدودًا للغاية: فقد وجدت دراسة أجريت عام 2021 أن التحرش ضد النساء انخفض بنسبة 2.9% فقط، ولا يزال التحرش الجنسي يشكل تهديدًا خطيرًا للركاب، حيث يتم الإبلاغ عن 300 حالة في المتوسط سنويًا في مترو الأنفاق، ولكن حتى في هذه الحالة، فإن الأرقام غير دقيقة، لأن 80% من ركاب المترو لا يعرفون كيفية الإبلاغ عن التحرش الجنسي في وسائل النقل العام، وفقا لبنك التنمية للبلدان الأمريكية، وإن الافتقار إلى المعرفة حول عملية إعداد التقارير يلقي بظلاله على النطاق الكامل للمسألة.
وفي هذا الكون الصغير الذي يتمثل في مترو مدينة مكسيكو سيتي، يسافر ما يزيد عن ستة ملايين شخص، 53% منهم من النساء، يومياً بينما تتردد أصداء العنف، والسبب الجذري للمشكلة هو الإفلات من العقاب. المكسيك بلد حيث ما يقدر بنحو 99٪ من الجرائم تمر دون عقاب، وفي السنوات العشرين الماضية، وسط أعمال العنف، أحرزت الحركة النسائية تقدمًا نحو المساواة في جميع أنحاء البلاد، وفي شهر يونيو من هذا العام، هناك أمل في أن يكون حل مشكلة العنف القائم على النوع الاجتماعي أولوية بالنسبة للرئيس المقبل، الذي سيكون امرأة لأول مرة في تاريخ البلاد .
وفي السباق بين كلوديا شينباوم، عالمة البيئة وعمدة سابق لمدينة مكسيكو سيتي، وزوتشيتل جالفيز، رجل الأعمال التكنولوجي المؤيد للأعمال من السكان الأصليين، تم انتخاب شينباوم بأغلبية ساحقة كأول رئيسة للمكسيك، وتأمل العديد من النساء أن تضيف زخمًا لحركة حقوق المرأة، ومع ذلك، هناك خوف سائد داخل الحركة النسوية في المكسيك من أن مقترحات كلا المرشحين، مثل سيارات المترو المخصصة للنساء فقط في المدينة، قد لا تؤدي إلا إلى التغطية على السرطان ولن تقلل بشكل حقيقي من التهديد الذي تتعرض له النساء في المكسيك.
ويحاول الناشطون في المكسيك استهداف الركاب الذكور على أمل أن تؤدي الحملة الاستفزازية الجديدة التي تتضمن جرعة جيدة من الصدمة والعار إلى تغيير سلوك الرجال تجاه الإناث، حيث قام النشطاء بتجهيز سيارة مترو الأنفاق بجذع ذكر عاري على ظهر مقعد واحد وأعضاء تناسلية بارزة حيث يجلس الركاب، وفوق المقعد غير المعتاد توجد لافتة مكتوب عليها “للرجال فقط”، وقاموا بتسجيل ردود أفعال الرجال المذهولة، خاصة بعد الجلوس؛ وحصل الفيديو عبر الإنترنت على أكثر من 800 مليون زيارة.
وقد تعاون المسئولون المكسيكيون والمجموعة النسائية التابعة للأمم المتحدة في جهود التوعية العامة الاستفزازية، وقالت يليز عثمان، منسقة البرامج في مكتب الأمم المتحدة للمرأة في المكسيك، لصحيفة نيويورك تايمز : “أردنا استهداف الرجال لأنه على المستوى العالمي، فإن غالبية البرامج التي تتحدث عن العنف الجنسي أو التحرش الجنسي تستهدف دائمًا النساء والفتيات، فأردنا التغيير وذلك لأننا لا نعتقد أن المرأة هي المشكلة.”
في الواقع، أثارت حملة المدينة العام الماضي الكثير من الانتقادات والسخرية من الناشطين بعد أن قامت السلطات بتوزيع صفارات على النساء لتنفخ عند الاقتراب منها، واشتكى الكثيرون من أن الحملة تضع عبئًا على الضحايا الإناث أكثر من الجناة الذكور.