Site icon مصر 30/6

بريكس يتحدي الدولار

يستعد قادة منظمة “بريكس” لعقد قمة كبرى في جنوب أفريقيا في أغسطس المقبل، حيث من المتوقع أن يكون إنشاء عملة مشتركة أحد الموضوعات الرئيسة على جدول الأعمال.
كيف ستبدو العملة الجديدة؟ كيف ستعمل؟ ولماذا يتم طرح المبادرة الآن؟
وكان وزراء خارجية دول بريكس قد التقوا في كيب تاون بجنوب أفريقيا، الأسبوع الماضي، لمناقشة الأدوات التي تمتلكها الكتلة للتخلص من هيمنة النظام الاقتصادي العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.
تضمنت المحادثات مناقشة استخدام المحتمل للعملات البديلة لحماية بنك التنمية الجديد التابع للكتلة من العقوبات، وإزالة الدولرة في التجارة على نطاق أوسع.
يأتي الاجتماع وسط سلسلة من التقارير والتحليلات حول عملة بريكس الجديدة، وآلياتها، والإطار الزمني المحتمل لظهورها كمنافس للدولار.

هل تحل عملة “بريكس” محل الدولار الذي تحول إلى “عصا أمريكية”؟
تم طرح مفهوم العملة الموحدة، لأول مرة، من قبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال رحلته إلى أفريقيا في يناير الماضي، مع أفكار تشمل ربطها بالذهب أو بسلة من السلع أو بعملات دول بريكس. لكن التفاصيل لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوضوح.
يقول كريس ديفونشاير-إليس، رئيس مجلس إدارة شركة “Dezan Shira & Associates”، وهي شركة استثمارية آسيوية، والذي يتمتع بخبرة تزيد عن 30 عاما في الاستثمار في روسيا والصين والأسواق الآسيوية الأخرى: “يبدو أن هناك قبولا واسعا للفكرة”.
وأضاف: “مع ذلك، يجب عند إنشاء العملة الجديدة، تحديد هل يجب أن تكون سلة من عملات بريكس؟ أم تركيبة أخرى؟ يجب تقييم ذلك جنبًا إلى جنب مع اتجاهات التجارة الحالية، وقيم العملات ذات الصلة، وأن يكون لديها نوع من الحماية المضمنة حيث ستحاول الولايات المتحدة بالتأكيد مهاجمة مثل هذه العملة ماليا لخفض قيمتها. كل هذه القضايا تحتاج إلى حل وسيستغرق هذا وقتا”.

“بريكس” سيكون “مخيفا” بانضمام السعودية
المكان المناسب والوقت المناسب
وقال ديفونشاير-إليس، إن “الأمر لا يحتاج إلى تفكير حول سبب تحرك دول بريكس لتحدي النظام المالي الذي تقوده الولايات المتحدة في هذه اللحظة، على الرغم من المخاطر التي ينطوي عليها، ذلك”.
وأشار إلى أن السياسات الخارجية والاقتصادية لأمريكا وحلفائها دفعت معظم العالم إلى إدراك أن واشنطن ليست “زعيما عالميا مسؤولا”، انطلاقا من عدم الموثوقية في قضايا مثل تلك المتعلقة بسقف الديون الأمريكية الأخيرة التي تم تأجيلها فقط إلى نهاية العام – ومخاطر العقوبات، وتغطرسها الذي تجلى بما في ذلك في استخدم الآليات الدولية لمعاقبة الدول التي لا تتفق معها (قطع البلدان عن نظام سويفت)”.
واعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم على ما يبدو مجموعة الدول الصناعية السبع باعتبارها “عصابة” اقتصادية لدعم وتبرير ما تفعله في أماكن أخرى.
وأضاف: “بناء على ذلك، فإنهم (دول منظمة بريكس) يشعرون أن إعادة التوازن ضرورية ويحثون على تغيير الهيكل العالمي إلى نموذج أكثر استدامة – نموذج يتضمن تطوير وإدخال عملة بديلة يمكن استخدامها عند عدم التداول مع الولايات المتحدة – أو حلفائها المباشرين”.
بديل لا منافس
شدد ديفونشاير-إليس، على أن عملة بريكس المحتملة يجب أن يُنظر إليها على أنها “بديل” للدولار، وليس “منافسًا”.
ومضى بقوله: “المنافسة تشير إلى أن لها علاقة بالدولار الأمريكي ومفهوم هذه العملة هو تقديم بديل غير ذي صلة يعمل دون دولار أمريكي أو ضغوط اقتصادية. ستحاول الولايات المتحدة التلاعب بالظروف، لذلك هناك علاقة مباشرة ولكن يمكن تفادي ذلك”.

لماذا يمكن أن يتراجع الدولار قبل نهاية 2023؟
كيف ستنطلق عملة “بريكس” على الأرض؟
يقول ديفونشاير-إليس، إنه سيكون من المنطقي لدول “بريكس” بأن يقتصر استخدام عملتها الجديدة مبدئيًا على الأعضاء الخمسة الأساسيين، بالإضافة إلى الدول الثماني التي تقدمت بطلب للانضمام، والدول السبعة عشر التي أبدت اهتماما.
ومضى في هذا الصدد بقوله: “الشيء المنطقي الذي يجب القيام به هو [البدء باقتصارها] على التجارة الإقليمية، وفهم القضايا التشغيلية، ومن ثم ربما نشرها تدريجيا إلى جمهور أوسع”، معتبرا أنه مع توسع حدود بريكس على أي حال، فإن ذلك سيكون كفيلا بترسيخ العملة الجديدة.
ويتوقع المستثمر أن يكون التأثير العالمي الأولي لعملة بريكس “ضئيلاً”، حيث ستستمر معظم الدول في استخدام الدولار في التجارة. وقال: “لن يكون التأثير ضخما في البداية كجزء من إجمالي التجارة حتى داخل دول بريكس”.

وقدّر أنه من بين 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي الذي تمثله التجارة البينية بين دول بريكس، يمكن للعملة الجديدة أن تشكل في البداية نحو 10 في المئة منه، أو 2 في المئة من الإجمالي العالمي.

وتوقع ديفونشاير-إليس، أن تحتاج العملة الجديدة إلى أكثر من عقد حتى تتحقق بالكامل كبديل للدولار، وأردف قائلا: “لكن الكثير يمكن أن يحدث للدولار الأمريكي في هذا الإطار الزمني أيضًا”.

حجم التجارة بين إيران ودول “بريكس” تجاوز 30 مليار دولار
اليورو كمثال
بدوره، قال الدكتور إقبال سورف، الرئيس السابق لمجلس أعمال بريكس، لـ “سبوتنيك”، إنه وزملاءه في المجلس قاموا بعصف ذهني لفكرة العملة المشتركة منذ بعض الوقت، وليس مجرد “منافس” لأي عملات أخرى كأداة “للتجارة السلسة” بين الدول الأعضاء.
وأضاف سورف والذي كان لعمله دورا أساسيا في إنشاء بنك التنمية الجديد – المعروف باسم “بنك بريكس”: “هناك، بالطبع، عدد من العقبات تقف في طريق إنشاء مثل هذه العملة، والتي أعتقد أنه سيتم التغلب عليها في الفترة المقبلة. يجب تسوية اللوجيستيات أو الجوانب الفنية المتعلقة بعملة بريكس”.
وقال إن ذلك “يتطلب التزامًا جادًا للغاية ليس فقط من دول بريكس الحالية، ولكن الدول التي تقدمت بطلب للانضمام”.
وشدد إقبال سورف على أن دول بريكس يجب أن ترى العملة المشتركة ليس كأداة “رد فعل” للعقوبات، ولكن كعملة لتنمية التجارة داخل الكتلة”، مضيفا: “بمجرد قيام بريكس بذلك، ستجد العملة قاعدتها الطبيعية إلى حد كبير مثل اليورو”.
وختم الرئيس السابق لمجلس أعمال بريكس بقوله: “إذا كنت ترغب في فهم إنشاء عملة بريكس، فأعتقد أنك بحاجة إلى إلقاء نظرة على كيفية طرح اليورو من قبل الاتحاد الأوروبي وكيف أصبح عملة عالمية موحدة بشكل أساسي لدول الاتحاد الأوروبي التي كانت حتى ذلك الحين لها عملات منفصلة خاصة بها”.
Exit mobile version