حذر خبراء من تداعيات الأزمة الاقتصادية إثر تعطل حركة الشحن بصورة أكبر عبر البحر الأحمر، بعد أن رفضت بعض شركات التأمين تغطية السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية ضد مخاطر الحرب هناك.
ويأتي تردد شركات التأمين في الوقت الذي تتسع فيه دائرة التوترات في البحر الأحمر، وتزداد وتيرة عمليات الاستهداف التي تقوم بها جماعة “أنصار الله” اليمنية، من أجل وقف الحرب على غزة.
مخاطر كبيرة
وفقا ماركوس بيكر، الرئيس العالمي للخدمات البحرية والبضائع والخدمات اللوجستية، (وهي وحدة وساطة التأمين واستشارات إدارة المخاطر في شركة مارش ماكلينان)، فإن “بعض شركات التأمين لم تعد مستعدة للتأمين ضد مخاطر الحرب للسفن التي تملكها أو تشارك فيها الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو إسرائيل والتي تسافر عبر البحر الأحمر”.
وفقا لتصريحات صحفية لبيكر، فإن معدلات مخاطر الحرب ارتفعت من 0.01% فقط من قيمة السفن في أوائل ديسمبر إلى 0.7% اليوم، ما يعني أن تكلفة التأمين على سفينة حاويات بقيمة 100 مليون دولار ارتفعت من 10 آلاف دولار لكل رحلة إلى 700 ألف دولار اليوم.
من ناحيته قال الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إنه كان من المتوقع أن تلجأ الكثير من شركات التأمين إلى رفع بدلات التأمين على السفن التجارية، التي تعبر البحر الأحمر.
مضيفا: “بعد أن كانت البدلات تعادل نحو 0.01 في المئة من قيمة السفينة قبل الأزمة، اليوم وصلت إلى حدود 0.7 في المئة، أي أن السفينة التي تعادل قيمتها 150 مليون دولار، كانت تكلف عن كل رحلة 15 ألف دولار بينما اليوم تكلف نحو مليون وخمسين ألف دولار، وهو رقم كبير جدا”.
وأوضح أن بعض الشركات ذهبت إلى رفض التأمين على السفن الإسرائيلية أو تلك التي تحمل بضائع إسرائيلية، وكذلك فعلت مع السفن الأمريكية.
ولفت إلى أن عدد الحاويات التي استقبلتها المواني الإسرائيلية على البحر الأحمر بلغ نحو 275 ألف حاوية عام 2022.
وأشار إلى أن سعة السفن من الحاويات تختلف باختلاف أحجامها، ويمكن أن تصل سعة بعض السفن من الحاويات إلى حدود 24 ألف حاوية، وكثير من السفن تنقل حاويات لوجهات مختلفة وقد تراجعت أعداد السفن التي تمر بمينائي إيلات بنسبة تزيد عن 80%.
وتابع: “هذا الواقع التأميني الجديد دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاولة تدويل الأزمة، وبالتالي تحويل هذه الخسارة لها ولشريكها الاستراتيجي إلى أرباح”.
وأوضح أن تدويل هذه الأزمة ستكون بالتأكيد له انعكاساته السلبية على الكثير من الدول ومنها مصر صاحبة قناة السويس، التي حققت إيرادات خلال العام 2023، حيث تراجعت الإيرادات في بداية العام 2024 بأكثر من 40%، وكذلك الصين حيث تعرضت سلاسل التوريد لديها لأزمة كبيرة، تضاف إلى أزمة الركود، وأزمة الرهن العقاري، وأزمة الديون المحلية.
ارتفاع معدل التضخم
خسائر الدول
وأشار الخبير إلى أن أوروبا كالعادة الخاسر الأكبر، حيث تجدد ارتفاع معدلات التضخم ووصل إلى حدود 9.2%، من الناتج بشكل أساسي عن ارتفاع كلف الطاقة والشحن سواء الاستيراد، أو التصدير كما بدأت مصافي النفط لديها تعاني من تأخر وصول الشحنات، حيث انخفض حجم الخام المتجه إلى أوروبا إلى 570 ألف برميل يوميا”، بعد أن كان قبل الأزمة نحو 1.07 مليون برميل.
المؤشرات المالية
من ناحية المؤشرات المالية انخفض المؤشر الألماني داكس 40، ومؤشر كاك 40 الفرنسي، منذ بداية العام نحو 2.87%، بينما النازداك ارتفع 1.7%.
ولفت الخبير إلى أن واشنطن سعت لتدويل الأزمة منذ البداية لتحقيق أرباح على المستوى الاقتصادي في معركتها الدائمة مع الصين.
من ناحيته قال الدكتور أحمد الشامي، مستشار وخبير اقتصاديات النقل البحري، إن رفض التأمين على مخاطر الحرب (WAR Risk) يرحع لشركة التأمين، بشأن إصدار الوثيقة أوعدم الإصدار.
لافتا إلى ارتفاع التأمين بمتوسط 6 في الألف، وهو تأمين “H&M” تأمين الجسم (البدن) والماكينات، وهو تأمين لا يمكن عدم إصداره.
وأوضح أن بعض شركات التأمين قد ترفض الإصدار، وبعضها يمكنها الموافقة.
ولفت إلى أن السفن الإسرائيلية ليست بالعدد الكبير، فضلا عن أنها توقفت منذ بداية الأحداث في البحر الأحمر.
إجراء متوقع
فيما يقول الخبير الاقتصادي اللبناني، زياد ناصر الدين، إن رفض شركات هو أمر طبيعي، خاصة بعد أن حذرت الوكالات العالمية من التباطؤ في الاقتصاد العالمي نتيجة توسعة الحرب.
وأضاف: أن المخاطر الحالية ترتبط بالشحن والنقل والتأمين الذي ارتفع إلى سبعة أضعاف، ما يترتب عليه ارتفاع التضخم بشكل كبير.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة دفعت نحن توسعة الأمر، بعد أن كانت عمليات الاستهداف مقتصرة على السفن المتجهة إلى إسرائيل من خلال التحالف الذي كونته، الأمر الذي انعكس على شركات الشحن والتأمين.
عدد السفن المتأثرة
وأشار إلى أن تأثر باب المندب الذي يمر عبره تجارة بقيمة 700 مليار دولار نحو أوروبا، وكذلك 7 مليون برميل، إضافة إلى 12% من إمدادات الغاز، ونحو 30% من شبكة الاتصالات والإنترنت.
ولفت إلى أن نحو 26 ألف سفينة تدخل إلى باب المندب سنويا، يذهب منها نحو 2360 سفينة لاسرائيل، لكن ما ذهبت في الآونة الأخيرة نحو 6 إلى 10 سفن.