كتب ـ أحمد إبراهيم
شهد فاعليات مناقشة رواية “المبدول” للكاتب الصحفي والأديب “محمد حسن الألفي” بنادي الصيد حضوراً جماهيرياً ومناقشة أدبية فنية من الحاضرين.
حيث أدار الندوة الأديبة والشاعرة إلهام عفيفي، بحضور الأديبة وأستاذ الأدب المقارن الدكتورة عزة هيكل منسقة الندوة بنادي الصيد وبمشاركة الفنان والأديب حسين نوح والأديب والناقد رمضان الحضري أستاذ الأدب والبلاغة بجامعة الزقازيق.
كما شهدت الندوة حضور عدد من الأدباء ورجال جهاز الشرطة والمثقفين والفنانين كالكاتب والسيناريست مجدي صابر والمهندس أسامة الشيخ رئيس إتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق والدكتور محمود كبيش والمخرج مجدي أبو عميرة والكاتب الصحفي عبد الناصر الزهير ووحيد رأفت.
حيث قالت الشاعرة إلهام عفيفي أن الرواية تتمتع بجاذبية الاسم فإسم ” المبدول ” يثير الفضول للقراءة، ويطرح الأسئلة فمن المبدول ومن بدل به.
وأضافت عفيفي أن لغة الرواية تميزت بالعديد من التعبيرات اللغوية القيمة والجديدة.
وأشارت عفيفي إلي أن الألفي مؤلف الرواية ليس كاتباً عادياً، فلقد إقتحم كافة مجالات صناعة الصحافة المصرية وشارك في صناعة وتأسيس العديد من الصحف الهامة، كما عمل كمذيع دولي بإذاعة صوت أميريكا، قدم أيضاً برامج تلفزيونية بالعديد من القنوات الهامة، كما أن الألفي له 18 مؤلف متنوع فهو مبدع متعدد المواهب.
وأوضحت عفيفي أن الألفي حصل على جائزة الصحافة المصرية عن كتاب “لحم رخيص”، وكذلك
جائزة إحسان عبد القدوس في الرواية والقصة القصيرة بتوقيع الأديب العالمي نجيب محفوظ عن قصة “الدكتاتور”.
وقال الفنان والأديب حسين نوح نحن جيل قارئ نقدر العمل الجيد ورواية “المبدول” رواية مجهدة القراءة جداً، ذلك أنها تدفع لإعمال العقل، فهي تنطلق من السرد البسيط إلي عالم من الميتافيزيقا، وتطرح تساؤلا محورياً وهو ما حكاية البشر ؟، فهل هم كما نري الحياة نصف أبيض وآخر أسود، أم أنهم بشر تمتلئ بالتناقض.
وأشار نوح إلي أن الرواية تطرح تساؤلا فلسفياً هاما ألا وهو هل من الممكن أن يتملك الشيطان من المبدع ويحركه ؟.
وأضاف نوح أننا نعيش مع حكايات الشياطين، فكل هذا الهطل العام المسيطر بكل مناحي الحياة وخصوصاً في الفن والثقافة هو ما يعاني منه الآن بالمجتمع.
وختم نوح قائلاً نحن مجتمع يعاني من صعوبة الفرز، فالمواهب الحقيقية في بيوتهم دون عمل، ونحن بأشد الحاجة لعودة الوعي وصناعة التنوير الحقيقي.
وقالت الدكتور عزة هيكل الأديبة وأستاذ الأدب المقارن، أن كل عمل أدبي له أكثر من نظرية للتلقي سواء من الجانب الرمزي أو السياسي، ورواية “المبدول” مزجت بين الجانب الميتافيزيقي بالرمزي مع النفسي والسياسي
وأشارت هيكل أن عالم الجن والعفاريت هو مدخل رمزي ونفسي أتخذه المؤلف للحديث عن النفس البشرية وتشريح جوانب الخير والشر، فكما بدي أن الكاتب الصحفي بطل الرواية يواجه أزمة ما، فتبدل وتغير من خلال جنيه تحبه من تحت الأرض.
ونوهت هيكل أن الألفي تناول بالرواية موضوع الساعة بما يملكه من حس إعلامي وصحفي وهو أدب الرعب الذي أصبح جزء كبير وهام من الإنتاج الأدبي الحالي.
وقال الناقد والروائي الدكتور عبد الرحيم درويش، أن لكل رواية مفاتيح لاكتشاف أعماقها، وأول هذه المفاتيح هو الإسم “المبدول” الذي يعبر عن حالة الصراع بين الإنسان ونفسه.
وأشار درويش أن المؤلف واسع الخيال، غزل شخصياته بإقناع، مستخدماً لغة متميزة، تصنع التشويق والتباين.
وأضاف درويش أن التشويق بالرواية نشأ من 9 طرق، ألا وهي استخدام الأسطورة الشعبية والتباين في الشخصيات ومن عبقرية اختيار الفصول ما بين الطول في عدد الصفحات والقصر الشديد ومن عبقرية استخدام اللغة ومن النقد الاجتماعي التي تمتلئ به الرواية.
وألمح درويش أن الحبكة الرئيسية بين الإنسان والشيطان صنعت بإتقان مطلق لفقد نجا الكاتب من إشكالية تسطيح الشخصية، ونجح في صنع معادل لكل نفس حسب ثغراتها وضعفها الإنساني والنفسي
وأكد درويش أن الألفي يدمج الخيال بالفكر فهو يكتب للعين، والمبدول هي رواية مصورة.
وقالت الفنانة التشكيلية هاله طوبار أن الفن وجهات نظر، والرواية جاذبة للقراءة من أول جملة
فالمفارقات اللغوية صنعت نوع من الفنتازيا في الكتابة حققت طرح عميق لمدلول الرواية وهناك صنعة حقيقية في كل جوانب الرواية.
كما أشارت طوبار أن البنائية في الرواية جاذبة جداً، كما أن الخروج والدخول بين العوالم المختلفة سلسل ومتقن.
ونقدت طوبار الرواية في استغراق الكاتب بالاستمتاع بالكتابة والإسهاب في وصف الأحداث.
وتسائلت طوبار كيف خرج البطل من هذه التجربة ولم يكن هناك تغير ملحوظ علي شخصيته ؟.
وقال عبود مصطفى مدير نشر، أن الرواية تتعدد مستويات التلقي بها والحكم على الرواية لا يكون بالذائقة الخاصة، فالمبدول من الروايات التي تشبع القارئ العادي والناقد المتخصص، فهي رواية جماهيرية ورواية جوائز.
وأضاف عبود أن الألفي تمكن من كتابة عمل بلغة أدبية عكس كل الصحفيين عندما يتجهون لكتابة الرواية.
وقال الدكتور رمضان الحضري أستاذ الأدب والبلاغة، أن النقد هو النص الموازي للعمل الأدبي، بمعني أن يكون النقد متعادلاً مع العمل الأدبي، فهو مفسر بعد فهم ومعرفة، فوجهة نظر الناقد والكاتب تبدأ وتنتهي لتصب في صالح المجتمع.
وأكد الحضري أن الفن هو ضمير المجتمع، فهو الموجه والبوصلة لحركة سير المجتمع، واحداث رواية المبدول جاءت بشكل مسبوق، والشخصيات جمعت بين الإنفعالات النفسية الداخلية والحسية ببراعة، وتجسدت بها قدرة الروائي علي دمج الوصف مع السرد، في مقدرة تضاهي قدرة نجيب محفوظ ويوسف أدريس.
وأضاف الحضري أن النص هو الذي يفرض طريقة النقد، فهناك فارق كبير بين تفسير الرؤية الشخصية تبعاً لثقافة الناقد وتفسير رؤية النص الأدبي نفسه، فالهدف من الرواية أن الإنسان دائم التغير وهذا ما حدث مع البطل سليم.
وتسائل الحضري لماذا كتب هذا العمل في هذه الظروف الحياتية المختلفة ؟ لا شك للإشارة إلى أن الناس تعيش الوهم أكثر من أن تعيش الواقع، فهذا العمل لتقديم الصورة الحقيقية للناس عن أنفسهم، فالطيبين في الحياة يعذبون عذاباً شديداً كما عذب البطل سليم.
وأصر الحضري علي أن القضية ليست قضية كتابة ولكن قضية أطروحة تقدم للحياة، فالأدب الحقيقي يجعلك تتسائل، وموضوع الرواية يطرح أسئلة كثيرة
وأضاف الحضري أن هذه الرواية اعتني بها الكاتب اعتناءً كبيراً.
ووصف الحضري المؤلف بأنه لص من لصوص الكتابة لا تستطيع أن تتهمه بأن هناك مباشرة في أي جزء من أرجاء العمل، كما أن التداخل بين العامية والفصحي كان سلسا للغاية، ولكن كان هناك بعض الالتواء ففي الكتابة العامية يجب أن نلتزم الكتابة بالفصحي.
وختم الحضري قائلاً الرواية رائعة وسيكون لها أكثر من قراءة وأكثر لقاء أدبي.