Site icon مصر 30/6

د جميل محمد يكتب : المسكوت عنه في الاغلاق المبكر

الخبير الإقتصادي د جميل محمد

تباين معظم الاقتصاديون أو أصحاب المنشات السياحية في ردود افعالهم حول تأثير قرار مجلس الوزراء المطبق في ديسمبر الماضي في الأمدين المتوسط والطويل والقاضي بتحديد مواعيد الفتح والاغلاق للمحال التجارية والمنشات الاقتصادية والحرفية في نقاط وملفات معينة مثل البطالة والضرائب والعوائد الاقتصادية في مقابل المكاسب البيئية ،  لكن  ما غُض الطرف عنه هما الملفين الأكبر والأخطر ؛ فالاقتصاد يبدأ من التأثير المجتمعي وليس تاثيره المسطح في بلد نامي مثل مصر  يعاني  ضغوطات إقتصادية على المواطن قد تقود في النهاية إلى سيناريوهين لايحمد عقباهما :

-الطلاق والزواج  :

من السمات  التي إنفرد  بها الشارع المصري في السنوات الاخيرة هي إرتفاع  معدلات الزواج وفي المقابل الطلاق في مؤشرات غير مسبوقة  وتغيرت  ملامح هذه الفكرة في  أوقات أزمة كورونا أخذة منحناً أكثر صعوداً فبينما إستغل شباب مصريون الجائحة  لتقليص النفقات  والاسراع من إتمام الزيجات  مع إغلاق قاعات الافراج جنح أخرون وهم ضحايا البطالة في أوقات حظر التجوال إلى الطلاق السريع مع زيادة الخلافات الزوجية والعنف الاسري  الذي حذرت منه الامم   المتحدة  والذي إجتاح الاسر ليست المصرية فقط بل وحول العالم أجمع فيما اسمته بوباء ” الظل ” مؤشرات الطلاق  في مصر كانت مرتفعة كثيراً من قبل أزمة ” كورونا ”  والاحصائيات الاخيرة  تؤكد ذلك أما بعد الجائحة فالعنف والطلاق   متصاعد  وفقاً لاخر البيانات قبل كورونا بلغت مستويات الطلاق في مصر حدا غير مسبوق، فهناك 25 حالة طلاق في مصر كل ساعة بحسب النشرة السنوية الجديدة لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2019، مقارنة بنحو 16 حالة فقط قبل 10 سنوات، وذلك بزيادة قدرها 56%، مقابل زيادة نسبة الزواج بنحو 22% فقط خلال الفترة نفسها.

وبالعودة إلى النشرة السنوية التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الأحد الماضي، ارتفعت حالات الطلاق إلى 225 ألفا و929 حالة عام 2019 مقابل 211 ألفا و554 حالة عام 2018، بنسبة زيادة قدرها 6.8%.

أما عدد عقود الزواج فبلغ 927 ألفا و844 عقدا عام 2019، مقابل 887 ألفا و315 عقدا عام 2018، بنسبة زيادة قدرها 4.6%، ولكنها تظل أقل من أعوام كثيرة سابقة -رغم الزيادة السكانية- مثل عام 2015 الذي سجل 969 ألفا و399 عقد زواج، وعام 2016 الذي سجل 938 ألفا و526 عقدا.

لم تكن تلك الأرقام والنسب هي المفاجئة، فالنشرة السنوية حملت بين سطورها أرقاما أخرى لا تقل مفاجأة عن سابقتها، حيث ارتفعت عقود الزواج في الحضر بنسبة 5.4%، فيما بلغت 4% في الريف فقط. وعلى غير العادة، انخفضت حالات الطلاق في الحضر بنسبة قدرها 0.1%، بينما ارتفعت في الريف بنسبة 16.2%، وهي نسبة غير مسبوقة خلال العقد الماضي.واحتلت مصر عام 2017 المرتبة الأولى عالميا، وهو المؤشر الوحيد الذي تصدرته بعد ارتفاع عدد حالات الطلاق إلى 250 حالة يوميا، مما نجم عنه أكثر من 4 ملايين مطلقة، و9 ملايين طفل ضحية الانفصال بين الزوجين.

هل تم دراسة  تاثير هذا القرار  على زيادة العنف الاجتماعي وزيادة معدلات الطلاق واثره على الاقتصاد المصري كتكلفة للعنف ضد المرأة ومراكز الايواء ؟ هل تم  دراسته وتأثيره على التسرب  من التعليم الناجم عن الطلاق وتداول القضايا في محاكم الاسرة ورفض الاباء لدفع نفقات المرأة  والتي يضطر الابناء إما للخروج للشارع   أو للعمل  المبكر ؟

-الانجاب والزيادة السكانية  :

أفرزت فترة حظر التجوال التي  طبقت في العقد الاخير في تجربتي يناير 2011 ويونيو 2013 زيادة مضطردة في أعداد السكان  عبر  السيناريو ” الحلو ” البعيد عن الخلافات الزوجية والعنف الاسري في أوقات المكث في المنازل  ..والسؤال هل لقرار  مثل تحديد مواعيد الغلق والفتح بدعوى الاثر البيئي والاثر  الموفر للطاقة عائد إقتصادي  مهم  مقارنة  بدولة  تعاني من  إنفجار سكاني  يأكل كافة جهود التنمية ويمثل تحدياً كبيراً أمام الاصلاح الاقتصادي ؟

إذا كان هذا الاثر قد درس جيداً  من  جانب  وزارة التنمية المحلية في حياة مابعد ” كورونا ” وفقاص لتجارب الدول المتقدمة فهل هذه الدول تعاني  إنفجار سكاني ؟ هل لدينا  ثقافة واسعة  من  تنظيم الاسرة واثرة على المجتمع ؟ 

وفقاً لتقديرات المركزي للتعبئة العامة والاحصاء  لعام 2020؛ ارتفع عدد السكان من 72.8 مليون نسمة وفقاً لتعداد عام 2006 إلى 94.8 مليون نسمة فى تعداد عام 2017 وارتفع إلى 100 مليون نسمة في 11 فبراير عام 2020 بزيادة قدرها 5.2 مليون نسمة عن بيانات آخر تعداد، (51.5٪ ذكور،48.5٪ إناث).

للاسف أعتقد هذه القرارات تحتاج للدراسة بعد التطبيق ليس كأثر على المنشات السياحية  أو  المقاهي أو المطاعم رغم خطورة زيادة معدلات بطالة بين من يعملون في” night shift” في هذه المنشات أو الاثر الضريبي  على هذه المنشات الذي سيبب ضغوطاً هائلة   مع تراجع الايرادات نتيجة تقليص ساعات العمل .

لكن الملف الاعمق هو  الاثر  على  العنف الاسري والطلاق في السيناريو” الاسوأ ” أو الانفجار السكاني  نتيجة المكوث في المنازل في ” السيناريو ” الحلو  إقتصادياً أثرهما كلاهما مر  على التنمية  من جهة التعليم أو النمو الاقتصادي  وزيادة تكلفة شبكات الحماية الاجتماعية للطبقات التي ستتاكل مستقبلاً  في مجتمع تحكمه عبارات  ” إكسرللبنت ضلع يطلعلها 24 ضلع ” و ” إغلبيه بالعيال  يفضل معاكي ” …فهل هذا موجود في الدول المتقدمة ؟!

*د جميل محمد     خبير إقتصادي و زميل جمعية المحاسبين الأمريكية

Exit mobile version