حينما تقيم الضوابط على شهوتك تكسب حريتك لأنك تصبح سيد نفسك لا عبداً لغريزتك..
كل اختيار ضد الحياة وضد القانون الطبيعي ليس اختيار.. فإذا أردنا أن نزداد حرية نسبح مع التيار وليس ضده.. إن الله يتركنا ولو إخترنا العمى على الهدى وقد سبقت بهذا مشيئته..
وعرض علينا حمل الأمانة وهي الحرية والمسئولية التي رفضت حملها الجبال.. “انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا”..
والقرآن يكتفي بأن يعطي ومضة ولمحة.. بالحرية التي قبلها الإنسان مختارًا.. حقت عليه المسئولية والمحاسبة.. وبذلك أشار القرآن..
{كل نفس بما كسبت رهينة}
{كل امرئ بما كسب رهين}
{وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه}
{ولا تزر وازرة وزر أخرى}
فلا يستطيع أحد أن يفتدي آخر أو يحمل عنه ذنبه، لكُلٍ عمله و عليه وزره، فالمبادرة بالنية حرة تمامًا..
أكرمك الله بحرية الإرادة، فأنت محاسب عليها، وهذا منتهى العطاء الإلهي والعدل..
فترك لك المبادرة بالنية ليأتي بعدها القضاء فيزيدك مرض إن أضمرت المرض في قلبك، ويهديك إن بادرت إلى الهدى ويصرفك عن الهدى إن أضمرت الكبر..
منطقة الضمير متروكة لك لتبادر بما تشاء.. بعدها ينزل القضاء ويحق عليك القول.. يعتبرك القرآن حر ومسئول مهما أحاطت بك ظروف الإستبداد فيقول إشارة لمثل هذه الظروف: “ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها..”
لا أعذار!!
حينما تقضي اللحظة أن تختار فأنت تختار نفسك بالفعل
“إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا”
“ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها”
“وهديناه النجدين”
إختار إبليس لنفسه الكبرياء والجبروت والتعاظم حين رفض أن يكون في خدمة آدم مثل بقية الملائكة:
“أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين”
اختار ابليس لنفسه الغرور بغير علم و لا حق، فاختاره الله ليغرر بالناس وقضى عليه قضاء من جنس ضميره..
وبالمثل أبصر الطهر في قلب محمد فاختاره نبياً للهداية ..
لدكتور مصطفى محمود ،
من كتاب: “القرآن محاولة لفهم عصري”