مجتمع مدني
سوق الجمعة المصري: “المستعمل” هربا من “التضخم”
يعد سوق الجمعة في العاصمة المصرية القاهرة ومنذ زمن بعيد، ملتقى لعدد كبير من البضائع المعروضة في مجموعة من الشوارع والساحات الخالية.
المصريون يحددون أولويات الشراء بسبب التضخم
وازداد الإقبال على سوق الجمعة خلال الأشهر الماضية، وسط التضخم الاقتصادي وارتفاع الأسعار الذي تشهده مصر، نتيجة الأزمة الأوكرانية، إذ يحرص العديد من المصريين على اقتناء كل ما هو رخيص وموفر للميزانية لديهم.
ومنذ مارسر 2022، شهد المصريون تأثير الأزمة الأوكرانية، وانتعاش الاقتصاد بعد تفشي الوباء بشكل كبير، ومع ارتفاع الأسعار، وعدم توفر المنتجات، ونقص السلع المستوردة، بدأ الكثيرون في البحث عن بدائل للمنتجات التي اعتادوا على شرائها من قبل.
وفي تلك الفترة، قام البنك المركزي المصري بتخفيض قيمة الجنيه المصري بنسبة 14٪ استجابة للانهيارات الاقتصادية العالمية التي سببتها الأزمة الأوكرانية، وفي وقت لاحق من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022، انخفض الجنيه المصري بنسبة 14٪ أخرى مقابل الدولار الأمريكي، إذ وصل إلى 22.8 جنيه مقابل 1 دولار أمريكي.
وأثرت عمليات التخفيض هذه بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات في مصر، ونتيجة لذلك، بدأ العديد من المصريين في البحث عن بدائل للمنتجات المستوردة، وبدائل السلع باهظة الثمن، التي اعتادوا على شرائها، من المنتجات الأساسية مثل الألبان والدواجن، إلى السلع الفاخرة مثل أغذية الحيوانات الأليفة، والعناية بالبشرة، والملابس، واضطر المصريون في الوقت الحالي إلى وضع أولويات في قوائم التسوق الخاصة بهم، من أجل الحفاظ على نفس مستويات المعيشة لهم ولأسرهم.
ماذا يضم سوق الجمعة؟
نال سوق الجمعة شهرة واسعة بتوفيره مجموعة من المنتجات المستعملة، منها والأثاث والملابس والأدوات الصحية والألوميتال، والآلات، والشبابيك، والأبواب، وأدوات التصليح، والأدوات الصحية.
كما يتضمن السوق، قطع غيار الكمبيوتر، والأقراص الصلبة، والأقراص المرنة القديمة “فلوبي”، ولوحات المفاتيح المكسورة، وشاشات الكمبيوتر المتصدعة، وأجهزة التحكم عن بُعد (الريموت كونترول)، بالإضافة إلى أشرطة الفيديو القديمة (VHS)، والأقراص المدمجة للموسيقى، والأفلام القديمة والجديدة، سواء المصرية أو الأجنبية.
كذلك يحتوي السوق في أروقته، الهواتف المحمولة، وأجهزة التلفزيون القديمة المستعملة، والكتب القديمة، وصور لفنانين مصريين قدامى، وصور ملوك سابقين وصور للرؤساء المصريين الراحين، جمال عبد الناصر، وأنور السادات، كما يمكن العثور على عملات معدنية قديمة من دول عربية مختلفة، وأوراق بنكية مصرية قديمة، وورق بردي، وتماثيل فرعونية وتذكارات.
الغالي والرخيص
يؤكد أحد رواد سوق الجمعة، محمد علي، في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أنه نشأ على وجود سوق الجمعة، مشيرا إلى أن هناك سوقا آخر يقام، يوم الأحد من كل أسبوع في نفس المنطقة، ويسمى سوق الأحد.
بينما لفت، مصطفى محمد، أحد رواد السوق، أن
“كل شيء يتوافر به، الغالي والرخيص، ومن يريد شراء أشياء باهظة الثمن سيجدها، ومن يبحث عن بضائع رخيصة سيجدها”.
بينما يشير، تامر أحمد، وهو أحد رواد سوق الجمعة، أنه يزوره بشكل موسمي، من أجل بحثه الدائم عن الأحذية المستعملة أو الجديدة بسعر مميز.
ويقول موضحا أن “الفارق كبير بين أسعار سوق الجمعة والمحال التجارية، إذ أن الأسعار في تلك المحال والتوكيلات الرياضية أسعار فلكية، تصل إلى 8 آلاف جنيه، لكنني أشتريها من سوق الجمعة بـ500 أو 700 جنيه.
التضخم يؤثر سلبا على سوق الجمعة
أما، محمود سامي، وهو أحد رواد السوق، فقد قال إنه يزوره بشكل شبه دوري، بسبب عشقه لكرة القدم وممارسته لها بشكل مستمر، وذلك فإنه يشتري الملابس الرياضية من السوق.
وتابع أن “التي- شيرت” الذي يرتديه اشتراه في الصيف الماضي من سوق الجمعة بحوالي 25 جنيه فقط، فيما لفت إلى أن الأحذية الرياضية الخاصة بكرة القدم تبدأ من 150 إلى 200 جنيه، مؤكدا أنها أحذية أصلية.
لكن أكد سامي أنه
“بسبب التضخم الحالي، فقد أصبح سوق الجمعة لا ينافس المحال التجارية، وأصبح لا يضم بضائع رخيصة كالمعتاد، فضلا عن أن الجودة أصبحت سيئة جدا”، بحسب قوله.
وأضاف موضحا أن الجميع أصبح يعرف سوق الجمعة، ولذلك أصبحت أسعارة قريبة من المحال التجارية، إذ في الماضي كان مبلغ 300 جنيه كفيل بأن يجعلك تشتري 2 “تي – شيرت” وحذاء وجوارب، أما الآن فقد يكفوا فقط لشراء حذاء رديء الجودة”.
جدير بالذكر أن سوق الجمعة، بسبب أنه يمثل أحد أشهر الأسواق في مصر ويضم أنواع مختلفة من السلع التجارية، أصبح وجهة لآلاف الزوار أسبوعيا.
ويمتد عمر السوق الذي يقام يومي الجمعة والأحد أسبوعيا، إلى أكثر من 20 سنة، ويضم نحو 5 أسواق عشوائية، تمتد من منطقة التونسي بحي مصر القديمة، وحتى حي السيدة عائشة ومنطقة الإمام الشافعي بجنوبي القاهرة.
أين يقع سوق الجمعة ومواعيده؟
يقع السوق داخل منطقة شعبية في منطقة السيدة عائشة بمصر القديمة، وتحديدا أسفل جسر التونسى (أوتوستراد)، بين المقابر الجنوبية ومنطقة خليفة جنوب القلعة، ويقام كل يوم جمعة من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثانية ظهرا بتوقيت القاهرة المحلي، لكن العديد من أقسامه، مثل الأحياء القديمة مفتوحة خلال بقية الأسبوع.