وقالت “إيغاد” في ختام قمة عقدتها بالعاصمة الأوغندية كمبالا الخميس إنها “سنستخدم جميع الوسائل والقدرات لضمان حل النزاع في السودان سلميا”.
وغاب البرهان عن القمة بعد أن أعلن السودان الإثنين تجميد الانخراط مع الجهود التي تبذلها “إيغاد”، لوقف الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل، ما أثار تكهنات عديدة باقتراب السودان من العودة للبند السابع وسط تساؤلات عديدة حول ما يمكن أن تذهب إليه الأزمة الحالية التي أدت إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص وتشريد قرابة 8 ملايين وأحدثت دمارا هائلا في العاصمة وعدد من مدن البلاد.
وأن سياسة “حرق المنابر” لن تقود إلا إلى تدخل دولي صريح يقطع الطريق أمام خطر إطالة أمد الحرب ومفاقمة الخسائر البشرية والمادية والمعاناة الإنسانية التي يواجهها أكثر من 40 مليون سوداني.
ويرى للمحلل السياسي شوقي عبد العظيم أن موقف السودان الأخير هذا جاء بعد تناقض كبير لازم بيانات الخارجية السودانية خلال الأيام التي تلت قمة “إيغاد” السابقة في جيبوتي.
وأوضح عبد العظيم: “في حين رفضت الخارجية السودانية في بيان صدر عقب ساعات من قمة جيبوتي مخرجات القمة وطالب بتعديل فقرات من بينها تلك المتعلقة بموافقة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على لقاء قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، إلا أن البيان الجديد الصادر عن الخارجية السودانية الإثنين تناقض مع الأول حيث أشار إلى أن سبب تجميد الانخراط هو دعوة حميدتي للقمة وعدم تنفيذ مخرجات قمة جيبوتي التي نصت صراحة على التزام البرهان وحميدتي بالاجتماع مع بعضهما وجها لوجه”.
وبرزت خلال الساعات الماضية العديد من المؤشرات التي ترجح الذهاب في اتجاه التدويل حيث تصاعدت اللهجة الإقليمية والدولية الغاضبة بشكل كبير.
تحرك إفريقي
أعلن الاتحاد الإفريقي عن تشكيل لجنة ثلاثية رفيعة المستوى، تضم محمد شمباس الممثل السامي للاتحاد الإفريقي لمبادرة “إسكات البنادق”، وسيمبيوسا وانديرا نائب رئيس أوغندا الأسبق، وفرانسيسكو وانديرا الممثل الخاص السابق للاتحاد الإفريقي إلى الصومال، كلفت بالعمل مع جميع الأطراف من أجل استعادة السلام والاستقرار في السودان.
ووفقا لأحمد التجاني سيد أحمد الخبير الأممي والمدير المشارك للشراكة والتنمية بجامعة كالفورنيا فإن تجميد انخراط السودان في جهود “الإيغاد” الرامية لوقف الحرب الحالية بسبب عدم تعاون السلطة العسكرية سيؤدي إلى رفع ملف الأزمة إلى مجلس الأمن والسلم الإفريقي وبالتالي التحول إلى البند السابع الذي يتوقع أن تدخل بموجبه إما قوات دولية هجينة أو قوات شرق إفريقيا “إيساف” التي أعلن الاتحاد الإفريقي في يونيو الماضي نيته نشرها في السودان للفصل بين المجموعات المتقاتلة وتأمين وصول الإمدادات الإنسانية للسكان المتضررين.
وأوضح سيد احمد أن “التناقضات التي ظهرت بوضوح في الطريقة التي تدير بها وزارة خارجية الأزمة يشير إلى خلل كبير في ملف إدارة الأزمة لدي السلطة المتواجدة في مدينة بورتسودان”.
قناعات دولية
في مؤشر آخر يعزز فرضية التدخل الدولي، بدا أن هنالك قناعة تبلورت للمجتمع الدولي والأمم المتحدة بضرورة حسم الأزمة بأسرع ما يمكن من أجل وقف التدهور الأمني والإنساني المريع في بلد فقد فيه أكثر من 20 مليون من السكان مقومات الحياة بحسب أحدث تقرير للأمم المتحدة.
وهذا ما عبّر عنه رمطان العمامرة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورضوان نويصر الخبير الأممي المعني بحقوق الانسان في السودان، حيث أكد العمامرة خطورة الأوضاع في السودان، في حين قال نويصر إنه لا يبدو أن هنالك حل في الأفق رغم المبادرات الإقليمية والدولية المتعددة، مشيرا إلى انتهاكات كبيرة للقانون الدولي والإنساني ارتكبها طرفا القتال.
وفي هذا السياق ترى الكاتبة صباح محمد الحسن أن واحدا من أهم الاسباب التي أدت إلى تعقيد الأزمة هو تبني الخارجية السودانية مواقف سالبة أسهمت في توسيع رقعة العداء بين السودان ومحيطه الإقليمي والدولي.
ولفتت الحسن إلى أن المجتمع الدولي “سيعمل على تجاوز عقبة الخارجية بدعم قرارات دولية تساهم في الضغط الذي يحجم من دورها السلبي في عرقلة السلام. هذه القرارات التي عندما يتم التوصل إليها ستحظى بإجماع دولي من الإيغاد والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، لذلك أعتقد أن الأقرب في ظل الأوضاع الحالية هو اللجوء لقرار بدخول قوات لحفظ السلام”.