طرح شهادات بـ27 في المئة لترويض التضخم في مصر
توقعات بأن تجذب الإصدارات الجديدة نحو 18.6 مليار دولار
في إطار ترويض التضخم المرتفع ومحاولات الحكومة المصرية تقليص السيولة من السوق، أعلن أكبر بنكين تابعين للحكومة طرح شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ نحو 27 في المئة، وكانت التوقعات تشير إلى قيام الحكومة بطرح شهادات جديدة في ظل استقرار معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة.
وفي بيان أعلن البنك الأهلي المصري إصدار الشهادة البلاتينية ومدتها سنة بعائد يصل إلى 27 في المئة يصرف في نهاية مدة الشهادة، أو بعائد سنوي يبلغ 23.5 في المئة يصرف شهرياً. وتصدر الشهادة الادخارية الجديدة بفئات 1000 جنيه (32.4 دولار) ومضاعفاتها، ويستهدف البنك من تلك الشهادة الجديدة الأشخاص الطبيعيين بالغين وقصر (مصريين وأجانب).
كما تحتسب الفائدة من اليوم التالي لشراء الشهادة مباشرة، ويمكن الاقتراض بضمانها خلال المدة، ولا يجوز استرداد قيمه الشهادة قبل مضي ستة أشهر اعتباراً من يوم العمل التالي ليوم الشراء، كما تسترد الشهادة في نهاية مدتها بكامل قيمتها الاسمية، ويمكن استردادها قبل ذلك التاريخ وفقاً والقيم الاستردادية المقررة بالبنك.
ويأتي طرح الشهادات الجديدة التي تبلغ مدتها عام واحد، بهدف استيعاب السيولة المالية الضخمة من السوق تزامناً مع انتهاء آجال الشهادات التي طرحت خلال العام الماضي.
وبحسب ما ذكره البنكان، فإن فئات الشهادات الجديدة تبدأ من ألف جنيه ومضاعفاتها للأفراد المصريين والأجانب، وتحتسب المدة اعتباراً من يوم العمل التالي للشراء.
وكان بنكا الأهلي المصري ومصر طرحا في مطلع العام الماضي، شهادة ادخار بعائد 25 في المئة، هو الأكبر منذ 40 عاماً، يصرف سنوياً أو 22.5 في المئة يصرف شهرياً، ضمن خطط لسحب السيولة ومكافحة التضخم المتفاقم، وتمكنت هذه الشهادات من جمع نحو 500 مليار جنيه (16.207 مليار دولار).
إجراءات لتقليص السيولة وتهدئة التضخم
في تعليقه قال المتخصص في الشأن الاقتصادي نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب، إن طرح البنك الأهلي وبنك مصر شهادتي ادخار بعائد 23.5 في المئة شهرياً، و27 في المئة سنوياً، لمدة عام واحد، كان متوقعاً خصوصاً بعد انتهاء آجال شهادة الادخار التي طرحها البنكان ذات العائد 25 في المئة التي تنتهي في بداية يناير الجاري.
وأشار إلى أن انتهاء شهادة الـ25 في المئة التي طرحها البنكان في يناير 2023 وتلقي المودعين استحقاقها قد يدفعهم إلى الاستثمار في الذهب أو العقارات أو غيرها من أنواع الاستثمار الأمن بدلاً من إيداعها في البنوك، وذلك لحفظ قيمة أموالهم نتيجة ارتفاع معدل التضخم، ولذلك أسرعت البنوك في طرح شهادتي 23.5 في المئة و27 في المئة لاستيعاب هذه الأموال وسحب السيولة بدلاً من ضخها بالأسواق والتسبب في زيادة الطلب وارتفاع الأسعار، ومن ثم تؤثر في معدلات التضخم الذي بدأ في الانخفاض في الأشهر الماضية.
وقال إن شهادتي الـ25 في المئة التي طرحها بنكا الأهلي ومصر في يناير العام الماضي جمعا منها نحو 500 مليار جنيه (16.207 مليار دولار)، موضحاً أنه بالعائد المستحق للمودعين الذي يضاف على هذا المبلغ لتصبح السيولة المفرج عنها تبلغ نحو 575 مليار جنيه (18.638 مليار دولار) تقريباً، وهذه السيولة ليست بقليلة إذا طرحت بالأسواق أو استغلالها في الاستثمارات الأخرى، ولذلك قامت البنوك بطرح شهادة جديدة بعائد جيد لامتصاص هذه السيولة من الأسواق والحفاظ على استثمارات عملائها وحصولهم على عائد مجز.
ولفت إلى أنه رغم وجود أوعية ادخارية أخرى طرحتها البنوك من قبل لكنها بعائد أقل من الـ25 في المئة وقد لا يلجأ إليها المستثمرون في الشهادة المنتهي آجالها، ومنها شهادة البنك الأهلي ذات العائد البالغ نحو 19 في المئة ثابت سنوياً، والبلاتينية ذات العائد البالغ نحو 22 في المئة خلال السنة الأولى و18 في المئة خلال الثانية، و16 في المئة خلال الثالثة، وشهادات بنك مصر وهي تشبه شهادة البنك الأهلي، وشهادة البنك العربي الأفريقي بعائد 65 في المئة لمدة ثلاث سنوات ويصرف العائد آخر المدة، مؤكداً أنه لذلك قامت البنوك بطرح الشهادة الجديدة ذات العائد الأعلى.
أزمة الفائدة والتضخم في 2023
ومنذ الربع الأول من عام 2022 وبعدما أعلن تخارج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة، واجهت البلاد أزمة شح الدولار، مما تسبب في اتجاه الحكومة إلى أكثر من إجراء في إطار وقف جنون أسعار السلع والخدمات الناجم عن الارتفاع الكبير في أسعار صرف الدولار في مقابل الجنيه المصري.
وخلال سبعة اجتماعات للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على مدار العام 2023، قررت اللجنة تثبيت أسعار الفائدة خمس مرات في مقابل رفعها مرتين.
وكان التحريك الأخير خلال اجتماع الثالث من أغسطس الماضي، حينما قررت اللجنة رفع سعر الفائدة بنسبة واحد في المئة إلى مستوى 19.25 في المئة على الإيداع و20.25 في المئة على الإقراض، وخلال اجتماعي الـ21 من سبتمبر والثاني من نوفمبر الماضيين، قررت اللجنة تثبيت أسعار الفائدة عند هذه المستويات.
على صعيد التضخم وفي بداية عام 2023 سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، معدلاً شهرياً بلغ 4.7 في المئة في يناير 2023، في مقابل معدل بلغ 0.9 في المئة في الشهر ذاته من العام السابق ومعدل شهري بلغ 2.1 في المئة خلال ديسمبر 2022، كما سجل المعدل السنوي للتضخم العام 25.8 في المئة خلال يناير 2023 في مقابل 21.3 في المئة في ديسمبر 2022.
فيما سجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من البنك المركزي، معدلاً شهرياً بلغ 6.3 في المئة في يناير 2023 في مقابل معدل شهري بلغ 0.8 في المئة في الشهر ذاته من العام السابق ومعدل شهري بلغ 2.6 في المئة خلال ديسمبر 2022، كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 31.2 في المئة خلال يناير 2023 في مقابل 24.4 في المئة خلال ديسمبر 2022.
وفي نهاية العام أشارت بيانات البنك المركزي المصري إلى استقرار معدل التضخم الأساسي في البلاد عند مستوى 35.9 في المئة على أساس سنوي في نوفمبر الماضي، من 38.1 في المئة خلال أكتوبر الماضي.
وأشار البنك المركزي المصري إلى أن الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من البنك المركزي، سجل معدلاً شهرياً بلغ 1.0 في المئة خلال نوفمبر 2023، في مقابل معدل شهري بلغ 2.7 في المئة خلال الشهر ذاته من العام السابق ومعدل شهري بلغ 1.8 في المئة خلال أكتوبر 2023.
فيما أشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن المعدل السنوي للتضخم العام سجل مستوى 34.6 في المئة خلال نوفمبر 2023، في مقابل 35.8 في المئة خلال أكتوبر 2023.