يشهد القطاع الصحي في مصر تطورات هامة مع مناقشة مجلس الشيوخ لمشروع قانون المسئولية الطبية وحماية المريض. يهدف هذا القانون إلى تحقيق توازن دقيق بين ضمان حقوق المرضى في الحصول على رعاية طبية عالية الجودة وحماية الأطباء من الملاحقة غير العادلة. فما هي أبرز ملامح هذا القانون؟ وكيف سيساهم في تنظيم المسئولية الطبية؟
أكد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة، أن فلسفة الحكومة في وضع مشروع قانون المسئولية الطبية ترتكز على مراعاة مصالح جميع الأطراف المعنية، سواء مقدمي الخدمات الطبية أو متلقيها. وشدد الوزير على أن القانون يهدف إلى حماية الأطباء أثناء ممارستهم لمهنتهم، وكذلك ضمان حقوق المرضى خلال تلقيهم العلاج.
وأوضح عبد الغفار أن واجب مقدم الخدمة ينصب على بذل العناية الطبية اللازمة، وليس تحقيق الشفاء المطلق، مؤكداً أن مشروع القانون يحافظ على حقوق كل من متلقي الخدمة ومقدمها.
ومن أبرز ملامح مشروع القانون إنشاء لجان متخصصة تُعرف بـ “لجان المسئولية الطبية” تتولى مهمة تلقي شكاوى المرضى. مع ذلك، يضمن القانون حق أي مواطن في اللجوء إلى القضاء. وستلعب هذه اللجان دور الخبير القضائي أمام المحاكم، بالإضافة إلى تحديد حالات انتفاء المسئولية الطبية. كما سيتم إنشاء صندوق مالي مخصص لتحمل الأعباء المالية الناتجة عن التعويضات في حالات الأخطاء الطبية المثبتة.
وكشف الوزير عن الجهود المبذولة في إعداد مشروع القانون، حيث تم عقد أكثر من 10 اجتماعات ومراجعة 60 دراسة قانونية، بالإضافة إلى الاطلاع على أنظمة المسئولية الطبية في 18 دولة حول العالم واستطلاع آراء النقابات المعنية.
وأشار عبد الغفار إلى صعوبة وضع قانون يُرضي جميع الأطراف بشكل كامل، مؤكداً أن تحقيق التوازن يتطلب تنسيقاً وإجراءات متعددة. ومن بين المكاسب التي يحققها القانون تحديد ضوابط واضحة لحدوث الخطأ الطبي، بحيث لا يُعتبر خطأ طبياً إلا ما يخالف الأصول العلمية المتعارف عليها، وتُصنف هذه الأخطاء ضمن الأخطاء الجسيمة. وشدد الوزير على أن الطبيب يُحاسب على بذل العناية المطلوبة وليس على عدم تحقيق الشفاء.
وقد حرص وزير الصحة على حضور جلسة مجلس الشيوخ لمناقشة مشروع القانون، بعد أن وجّه المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، عتاباً للوزير لعدم حضوره الجلسة السابقة.
ويواصل مجلس الشيوخ مناقشاته لمشروع قانون المسئولية الطبية وحماية المريض لليوم الثاني، بهدف تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وواجبات الأطقم الطبية ومسئولية المنشآت الطبية، وضمان بيئة عمل عادلة وآمنة للعاملين في القطاع الصحي، وتعزيز الثقة بين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية من خلال وضع إطار قانوني واضح يحدد الالتزامات والمسئوليات ويعالج قضايا الأخطاء الطبية بشكل عادل ومنصف، مع حماية حقوق الأطباء من الاتهامات غير العادلة، من خلال اعتماد آليات تحقيق دقيقة ومحايدة.