“قصاقيص”مروة طلبة: دعوة للضحك
الإنسان عندما يضحك تصفو روحه ويلين قلبه فيكون أقدر على البذل والعطاء، والضحك يزيل الفوارق بين الطبقات وينقى النفس من الغل والضغينة.
فسر“ماكدوجال “الضحك كغريزة من الغرائز الأساسية للإنسان يرتبط بمشاعر الضيق والألم أكثر من ارتباطه بمشاعر الفرح والبهجة ولكي نفهم معنى الضحك يجب أن نضعه في مكانه الطبيعي.
القصقوصة الأولى
الضحك هو سلاح الإنسانية للمحافظة على تلك المرتبة التي يعلو بها الإنسان عن الحيوان والجماد،
والنكتة تشد الإنتباه وإذا كانت جيدة تطل سراح الإرادة والرغبة في تغيير الوضع القائم إلى الأفضل كما أنها تكشف أنماط سلوك في المجتمع غير سويه فتصلح تلك السلوكيات،الضحك يقوى الروابط الاجتماعية فهوعمل جماعي وليس فردي فنحن نستمتع بالضحك مع الآخرين أيضا الضحك يزيل الغضب والعدوان ويقوى جهاز المناعة فيقاوم الأمراض الجسمية ويعالج الأمراض النفسية مثل القلق والتوتر والاكتئاب.
القصقوصة الثانية
“الضحك” يجعل العلاقات العاطفية أكثر قدرة على الإستمرار والتجدد فهو يحطم الملل والروتين في الحياة الزوجية فخفة الدم والمزاح المتبادل بين المرتبطين يجعل الوصول إلى حلول للمشاكل أسرع وأجدى.
قال “جيفري هول ” أن من الجيد أن تتمتع بحس الدعابة ومن الأفضل أن تراه في شريكك ولكن الأجمل أن
تتشاركان معاً فالمرح يؤدى إلى ممارسة كل ما هو ممتع ومبهج في ساعات الحياة اليومية في دود الأعراف وتعاليم الأديان،والتجديد والمرح مسئولية كلا الطرفين على السواء،فلقد أثبتت الدراسات أن الأزواج الذين تستمر علاقتهم دائما يضحكون ويمرحون معا.
القصقوصة الثالثة
في عام 2008 قام عالم الأنثروبولوجيا”غرينغروس” بتجارب ليعرف ما هو أهم سر يجعل المرأه تعجب بالرجل؟ ووضع فرضيات ليفاضل بينها هل هي الرومانسية أم المال أم الشياكة أم روح الفكاهة والضحك؟
وبعد دراسة لمدة عامين خلص في النهاية إلى هذا الإستنتاج ، هو أن الفكاهة والضحك هما السر الأكبر والدافع الأول لإعجاب النساء بالرجال وكتب نظريته (من السهل إذا أضحكت المرأة أن تكسب قلبها وهذه الوسيله هى الأنجح من أى طريقة أخرى) ووصف الضحك بأنه مخدر تدمنه المرأة من ذلك الرجل الذي إعتادت أن يرسم الضحكة على شفتيها، فالعلم والأبحاث التي أجرتها جامعة كانساس تؤكد أن العامل الأول في تعلق المرأة بالرجل “هو قدرته على إضحاكها ” وأن الضحك يأتي أولا ثم الحب ،إن الضحك المشترك هو الطريق إلى علاقة أبديه مع المرأة التي تحبها وقال “جيفري هول” كلما زاد عدد مرات ضحك المرأة في المرة التي يقابلها فيها الرجل كلما كان إحتمالات قربها منه كبيرة جدا، والمرأة بطبيعتها تكره وتنفر من الرجل الذي تتذكر أنه كان سببا في بكائها، حزنها أو سبب لها الألم.
القصقوصة الرابعة
الرجال ينجذبون إلى ضحكة المرأة فالرجل مخلوق بصري يرى أكثر ما يسمع وينجذب لما تقع عليه عيناه ضحكة المرأة تؤثر في الرجل تأثيرا كبيرا لأن الضحك يجعلها بعيدة عن التصنع والتكلف عندما يضحك الرجل ع المرأة ذلك يحفز عنده هرمون “الأندروفين” فيشعر بالعظمة والرضا وتدخل السعادة قلبه فيشعر بالراحة لأنه سبب سعادة تلك المرأة.
يحب الرجال المرأة المبتسمة ويعتبرونها مصدر للسحر والجاذبية وإبتسامتها تزيدها جمالا وتثبت وتؤكد ثقتها بنفسها.
القصقوصة الخامسة
الضحك من أسباب نجاح العمل فهو يدعم روح التعاون وروح الفريق عند حدوث مشكلة أو عقبه إذا لجأ الموظفون إلى الدعابة يحدث أثناء وقت الضحك أن الدماغ تكون في حالة استرخاء وتحل عضلات الجسم بنسبة 20% فيقل التركيز بشكل مؤقت فيعود الذهن إلى التعامل بمهارة ويزول التوتر وذلك يحفز الإبداع.
وبعيدا عن العراقيل التي تحدث في ساعات العمل فإن الضحك والمرح يخلق بيئة ايجابيه ويخلق جو من الحب بين زملاء العمل الواحد.
القصقوصة السادسة
الضحكة الصافية التي ينشرها أشخاص إعتادوا على إضحاك غيرهم غالبا ما تخرج منهم نتيجة لمعاناتهم الشديدة في الحياة تخرج هذه الضحكة من بين طيات صفحات آلامهم وتشع ضحكتهم من أعماق سطور الوجع الذي أدماهم وتبرق من بين الجروح الغائرة التي أحرقت جلودهم وقلوبهم فتركت علامات على ملامحهم ودروسا مستفادة أبديه جعلت منهم حكماء لا يهتمون إلا بإضحاك وإسعاد غيرهم.
إن صانعي السعادة والبهجة أكثر الناس حزنا فعندما كثرت آلامهم انتهوا عن الطمع في متع الدنيا وزهدوا مباهجها.
واختزلوا دنياهم في مساعدة ورسم الابتسامات على وجوه غيرهم فلم يعد هناك أشياء تطربهم سوى دقات قلب من حولهم ترقص فرحا ،إن شدة وقسوة الحياة عليهم جعلتهم غير قادرين على احتمال نظرة الألم في عيون من يخالطون.
كأنهم تلك الساقية التي تدور بلا كلل أو شكوى لتروى الأرض العطشى وتخضر الرمال الصفراء ليأكل ويشبع الأنام
وأمثال هؤلاء الكاهن “سيدني سميث” الذي ولد في عام 1771 ، الذي كان يؤلف النكات المضحكة على فقره ليسعد غيره ،والضاحك الباكي الراحل” إسماعيل يس”.
القصقوصة السابعة
تساعد الثقافة على الارتفاع بمستوى الفكاهة الراقية التي تتضمن عنصري الذكاء والمعرفة كما يحدث في المسرح الكوميدي فالنكتة مثل الحلم والمسرحية مثل الحلم فإذا اندمجا معا كونوا علاجا نفسيا وإجتماعيا كما يؤدي ذلك إلى صقل الزوق ؛ فقد قال” شكسبير” – أعطني مسرحا وخبزا أعطيك شعبا عظيما – فدور المسرح التنويري يؤثر على الطفل ورجل الشارع الأمي والرجل المتعلم والفلاح والعامل.
وقد أثبتت مسرحيات شكسبير الكوميدية أنها كانت أكثر تأثيرا في الجمهور وأكثر فاعلية في انتقادها المباشر للأخلاقيات فالضحك هو مصلح اجتماعي يلفت النظر إلى الأفعال المسيئة وينتقدها فهو صوت الضمير الحر.
القصقوصة الثامنة
عندما سافر أمير الشعراء أحمد شوقي إلى باريس كان يقضي معظم لياليه هناك في المسرح الكوميدي “لفرانسيز ” وكان وقتها أرقى المسارح الكلاسيكية الشعرية الذي إتسم بتصارع الواجب مع العاطفة من خلال الصراع بين الأخلاق والعقل وعندما رجع أمير الشعراء أحمد شوقي إلى مصر كتب مسرحية “مجنون ليلى” إلى المسرح وأصبحت بطلتها الفنانة” فاطمة رشدي” لكن المخرج ” عزيز عيد” أصر وقتها أن يقوم هو بدور قيس ولم يكن “عزيز عيد” وسيما ولم تكن طبيعته الشكلية تؤهله للقيام بأداء هذا الدور فلما أبلغ “حسين” إبن أمير الشعراء ” أحمد شوقى “بتعنت “عزيز عيد ” وإصراره على القيام بالدور ضحك شوقى كثيرا وقال “ولم لا يا بنى سنشهد نسخه أخرى من مجنون ليلى ولكنها فكاهيه.
القصقوصة التاسعة
مبدع الكوميديا يفوق مبدع الأشكال الأدبية الفنية في القدرات الإبداعية فلابد أن تتوافر فيه الأصالة والمرونة والكتابة في إتجاهات مختلفة ولابد أن يكون هناك سبب لإختلاق الضحك فهو يصنع الموقف الفكاهي من مواقف الحياة الصعبة ، يقول “مارسيل بانويل ” الفنان الأصيل الذي يجعلنا نضحك ويستطيع إدخال السعادة داخل قلوب البشر ويسرى عنهم جدير أن نرفعه إلى مراتب الأبطال فنقول البطل العظيم “موليير” والبطل العظيم “شارلي شابلن” .
القصقوصة الأخيرة
لا يجب أن تغير الكوميديا القيم أو تسفهها كما لا يجب أن تستخدم في التقليل من الرموز سواء “العلمية، التاريخية، الأخلاقية، الدينية، فالضحك لا يعنى السخرية من الغير والاستهزاء والاستهانة والتحقير والسخرية من شخص لآخر بطريقة التنمر على العيوب الخلقية أو الحالة الإجتماعية أو ما يعيب الإنسان تلك الحالة لا يصبح ذلك ضحك ومرح وإنما جريمة في حق الآخر.
إن ما نعنيه من الضحك والمرح هو السلاح للإنسانية لمجابهة قسوة الحياة، فـ”النكتة” هي سلاح من لا سلاح له ويقول الحكيم “لا تبك حتى لايضحك عليك الآخرون وإذا ضحكوا فاضحك معهم”.
ودائما كانت الابتسامة هي جواز المرور لقلوب الآخرين وإذا لم يستطع الإنسان البكاء عندما يحزن فليضحك ملئ شدقيه ويستبدل الدموع بالضحك.