قصاقيص مروة طلبة: عيد ميلاد “بلبلة الأنوثة والجدية”

الفنانة نبيلة عبيد هي من مزجت أسرار الأنوثة مع الجدية في أدوار غاية في التعقيد والتركيب لتروى وتجسد أحاسيس وأعماق ومعاناة عشرات من النساء لا تشبه إحداهن الأخرى؛ ومع ذلك قدمتهن بكل اقتدار؛ بل وامتلكت سحر التأثير على المشاهدين وهيمنت على كل القلوب وجذبت وحركت الألباب لتجعل من يشاهدها ينسي أنها تمثل ويغوص معها في معاناة وأفراح وأعماق كل شخصية.

هي الحلوة، الأنثى الفاتنة صاحبة الذكاء والقلب الصافي ذات الأحاسيس الصادقة، صاحبة خفة الظل والدم المصري الخفيف المشهورة بأشهر ضحكه مبهجة تنشر الفرح والسعادة على كل من حولها، هي بلبلة ( نبيلة عبيد) .

القصقوصة الأولى

البداية
شابه جميلة متفتحة للحياة كزهرة تتفتح لتتوهج مستقبلة أنفاس الصباح، عشقت السينما وهي في المرحلة الثانوية جعلها ذلك لا تلتزم بمواعيد مدرستها (كلية البنات) في العباسية لتجد وقتا لتذهب إلى السينما لتتابع النجوم في الأفلام وفي أحد الأيام تلمح الفنانة هند رستم في أحد المحالّ فتنبهر الفتاة الشابة بأناقة النجمة وشيكاتها ولا تصدق أنها إنسانه حقيقية فتجرى لتقف بجانبها وتلمس فستان النجمة الكبيرة الأنيق لتتأكد أنها حقيقة وليست حلم من الأحلام فيزيد التعلق بالفن داخلها أكثر وأكثر.
لكن بسرعة تنكشف خطة الفتاة فترسل المدرسة خطاب لأمها اتضح فيه أن ابنتها لا تحضر اليوم الدراسي بانتظام فتضطر الأم إلى أن تذهب معها لتنقل أوراقها من مدرستها إلى مدرسه أخرى وهي مدرسة (قصر النيل) الخاصة وأثناء انتظار الأم والابنة حضور مدير المدرسة تطلب الابنة من أمها أن تنزل وتشترى ساندوتش لشعورها بالجوع وبالفعل تنزل الفتاة لأحد المحالّ بجوار المدرسة لكن الصدفة والقدر تبعث لها نقطة تحول في حياتها كلها لتنقلب حياتها رأسا على عقب يظهر أمامها المخرج الكبير عاطف سالم يركب سيارته الزرقاء فتشير إليه وتحييه فهي تعرفه جيدا لحبها للسينما وابطالها فيطلب منها أن تؤدي دور في فيلم (ما فيش تفاهم) وهو دور صامت لا تنطق فيه ولا حتى كلمه واحدة لكنه أكد لها أن هذا الدور سيترك علامة في ذهن كل من يشاهد الفيلم وتنجح الفتاة الشابة الجميلة وتلفت النظر بالفعل.

القصقوصة الثانية
المنتج حلمي رفله والمخرج نيازي مصطفى يجريان اختبارا صعبا للفتاة في مكتب حلمي رفله للتأكد من قدرتها الفنية لعلها تحصل على دور (رابعة العدوية) في فيلمهم الجديد فتتسلم منهم مشهد صعب لتأديته أمامهم وكان مشهد مناجاة رابعة لربها في مشهد من مشاهد الفيلم الذي يروى استغراق رابعة في العشق الإلهي فتنجح في أداء المشهد رغم صغر سنها ويحاول بعدها فريق المكياج وضع خطوط على وجهها لتبدو على الشاشة أكبر سنا.

القصقوصة الثالثة

يقترح جون خوري مدير شركة الشرق الموزعة للفيلم أن يكتب على التتر اسم البطلة نبيلة نور فتعترض لسماعها في ذلك الوقت عن حادث مروع لفتاه بنفس الاسم فتتشائم من ذلك الموقف فيكتب على تتر فيلم (رابعة العدوية) الوجه الجديد (نبيلة) وبعد عرض الفيلم في عام 1963 يحقق نجاحا باهرا ويبدأ نجمها في اللمعان وتصر أن يكون اسمها فيما بعد على التوترات هو نفس اسمها في الأوراق الرسمية( نبيلة عبيد).

القصقوصة الرابعة

ينتهي النجم عمر الشريف من فيلمه العالمي لورانس العرب ويأتي مصر ليصور فيلم (المماليك) فيسند دور حبيبة البطل الذي يجسده (عمر الشريف )إلى الفتاة والفنانة(نبيلة عبيد) ويعرض الفيلم في عام 1965 وينجح نجاحا كبيرا ليكون علامة فارقه أخرى في مشوار نبيلة عبيد.

القصقوصة الخامسة

تشترك نبيلة عبيد في كثير من الأفلام ولكنها كلها أدوار ثانوية في أفلام عديدة حتى عام 1977 يقوم المنتج الكبير “رمسيس نجيب” بتعريفها بالأديب الكبير “إحسان عبد القدوس” لتصبح فيما بعد هي بطلة أكبر عدد من الأفلام المأخوذة عن رواياته وقد اعتبرته أستاذها ومعلمها وصديقها وهو من علمها كيف تختار الروايات التي تؤديها ببراعة وبدأت بفيلم (وسقطت في بحر العسل (.
كانت الأفلام التي مثلتها من روايات إحسان عبد القدوس بعضها من إنتاجها والبعض الآخر من إنتاج الغير ونجحت كل أفلامها التي مثلتها عن روايات إحسان عبد القدوس مثل (أرجوك أعطني هذا الدواء), (العذراء والشعر الأبيض(، (ولايزال التحقيق مستمرا).

القصقوصة السادسة

في عام 1988 بعد انتهائها من فيلم(التحدي( تصبح أغلى نجمه في مصر ويسوق المنتج مع فيلمها عشر أفلام أخرى لمجرد أن فيلمها مع تلك الأفلام فاستحقت بجداره وبرأي أغلب المنتجين والسينمائيين (لقب نجمة مصر الأولى) .

القصقوصة السابعة

على مدار مشوارها الفني تعتبر هي أحسن ممثله رقصت في الأفلام رغم أن بدل الرقص التي كانت ترتديها في أفلامها وهي ترقص لم تكن عاريه مبتذلة ولكنها كانت تعتمد على الإغراء الأنيق وتجيد إظهار أنوثتها الناعمة ببراعة قدمت أربعة أفلام تحكى عن راقصات (الراقصة والطبال), (الراقصة والسياسي), (سمارة الأمير) (قصاقيص العشاق) ورغم أن الأربعة كانوا يشتركون في سرد حكاية عن حياة راقصه إلا أنها استطاعت أن تقدم أربع نماذج مختلفة كل الاختلاف في الأربعة أفلام.

القصقوصة الثامنة

مثلت شخصيات معقدة شديدة الصعوبة لا تستطيع أي ممثله تمثيلهم إلا إذا كانت رائده في فن التقمص منهم فيلم (توت توت) التي أدت فيه دور فتاه مصابة بتأخر عقلي شديد وقد أتقنت نظرات الشخصية وحركات جسدها وخاصة حركة الرقبة ،وفيلم(المرأة والساطور) وقد أرهقها كثيرا لبشاعة القصة والمشاهد الصعبة فيها خاصة مشهد تمثيل تقطيع المرأة جثة زوجها بالساطور ومشهد الاعتراف أمام النيابة.
أما الفيلم الذي اجادته وأشاد بأدائها فيه النقاد والجمهور لكنها حزنت لأنها لم تحصل فيه على جائزة كان فيلم (الوحل )التي أدت فيه دور مدمنة مخدرات.
في فيلم (شادر السمك) أمام الراحل أحمد ذكي أجادت دور بنت البلد وكان ديكور الفيلم بالكامل مبنى في استوديو النحاس وروت أن مشهدها مع أحمد ذكي وهو يتشاجر معها ثم يطلقها أخذ منها شحنا كبيرا لمجهودها وأرهق أعصابها جدا ليظهر على الشاشة بهذا الشكل المتقن خاصة أن أحمد ذكي كان ممثلا يجهد من يعمل معه ولكنها تفوقت في أداء هذا المشهد أمامه.

القصقوصة التاسعة

في حياتها الشخصية لم تحب في حياتها حبا أعظم من حبها لأمها التي كانت تعتبرها هي روحها ونور عينيها وصديقتها التي لا تخفى عنها شيئا، وكانت والدتها خفيفة الظل لا تكف عن المزاح والضحك وهي من علمتها أن تضحك لتحلو لها الحياة وكانت دائما تقول لها) اضحكى قبل الضحك ما يغلى) بعد وفاة والدتها كانت الصدمة عظيمة لنبيلة عبيد ولم ينقذها ويصبرها على تحمل هذه الكارثة إلا أنها ذهبت لأداء مناسك الحج بعد أربعين والدتها.

القصقوصة العاشرة

عرفت نبيلة عبيد بحبها لكل أنواع الفنون وتشجيع الشباب والشابات الذين تجد فيهم الموهبة ففي مسلسل العمة نور هي من دعمت الفنانة) بشرى) لتصبح نجمه بعد هذا المسلسل كما أنها لم تتأخر عن أداء دور في حلقة واحدة فقط من مسلسل لهفه لتشجع الفنانة (دنيا سمير غانم) كما أنها معروفه بإنسانيتها وطيبة قلبها والتزامها بالمواعيد والتزام في كل شيء وحرصها على عدم إهدار أموال المنتجين رغم نجوميتها. 

أيضا هي لا تدخر نصيحة أو جهدا في مساعدة النجوم الشباب فبعد مشاهدتها فيلم الممر اتصلت بالفنان محمد فراج وهنأته على دوره وقالت له إنه ممثل جيد جدا وأنها تابعته في أحد المسلسلات وكان يقوم بدور ضابط شرطة يبيت على أريكة أثناء عمله فقالت له إنها أحست أن أداءه كان شديد الطبيعية. أما في برنامج( نجمة العرب)الذي أنتجته قناة روتانا وكانت هي رئيسة لجنة التحكيم لم تبخل بالنصح والإرشاد على كل المواهب اللاتي ظهرن في هذا البرنامج.

القصقوصة الحادية عشرة

حصلت على الكثير والكثير من الجوائز والتكريمات طول مشوار حياتها حتى من يزورها في منزلها يدهش من كمية الجوائز والتكريمات التي يمتلئ بها منزلها وقد كرمت في مصر وخارجها في مهرجانات عالمية وعربية.

القصقوصة الأخيرة

عملت للمسرح عملين هما “الطرطور” عام 1966 و”روبابيكيا” عام 1967.
قامت ببطولة 7 اعمال للإذاعة، أما للتليفزيون فقد قامت ببطولة أثنى عشرة مسلسل بداية من عام 1968 وكان أول مسلسل لها هو( مفتش مباحث) مرورا إلى أن نصل إلى آخر أعمالها في عام 2020 وهو مسلسل ( سكر زيادة ) وكان اسم على ما يسمى فقد كان عملا كوميديا في منتهى خفة الدم وشاركت معها في البطولة الفنانة ناديه الجندي والفنانة سميحة أيوب.