أثارت انتقادات المرشد الإيراني، علي خامنئي، لبعض الدول الإسلامية بسبب موقفها الداعي لوقف إطلاق النار في غزة وتهدئة التصعيد في المنطقة، تساؤلات عديدة حول أهداف طهران من استمرار التوتر في المنطقة.
ففي الوقت الذي تحاول الأطراف الإقليمية والدولية البحث عن مخرج من أزمة التصعيد في المنطقة، طالب خامنئي بضرورة استمرار هجمات الحوثيين في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر، ما ينذر باتساع رقعة الصراع وتمديده،
وأشعل هجوم حركة حماس، في السابع من أكتوبر الماضي، على إسرائيل حربا لم تخمد بعد، وأوقعت آلاف الضحايا المدنيين الفلسطينيين، ودمرت معظم المنشآت السكنية والبنية التحتية في القطاع.
وفي ظل الوضع الراهن يبدو “استمرار الحرب في غزة” هدفا واضحا لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخامنئي الذي صرح بالتالي:
بعض مواقف وتصريحات مسئولي الدول الإسلامية خاطئة؛ لأنهم يتحدثون عن قضايا مثل وقف إطلاق النار.
إن وقف إطلاق النار خارج نطاق سيطرتكم وبيد العدو الصهيوني الخبيث نفسه.
على مسؤولي الدول الإسلامية، أن يقدموا على المسألة التي بين أيديهم وهي قطع الشرايين الحيوية للكيان الصهيوني.
على هذه الدول قطع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني وعدم تقديم المساعدة لهذا الكيان.
الموقف الإيراني
هذه ليست التصريحات الأولى لخامنئي، ففي مطلع نوفمبر، دعا إلى عرقلة صادرات النفط والمواد الغذائية إلى إسرائيل.
وفي منتصف نوفمبر، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، إن المدمرة الصاروخية “يو إس إس توماس هادنر” تصدت لمسيّرات كانت قادمة من اليمن باتجاهها.
ثم خرج خامنئي، في 19 نوفمبر، قائلا إن على دول المنطقة قطع العلاقات السياسية مع إسرائيل “لفترة محدودة من الزمن على الأقل”.
وتزامنا مع تلك التصريحات، بدأ الحوثيين في اليمن بشن هجمات على حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر، ما عرقل سلاسل الإمداد العالمية.
وبالعودة لهجوم 7 أكتوبر، أشاد خامنئي بما أسماه “الزلزال المدمر” لإسرائيل، قال “نحن نقبل أيادي أولئك الذين خططوا للهجوم”، ونفى تورط إيران في الهجوم.
وطوال فترة التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لعبت إيران دوراً مهماً في دعم حماس، كما سبق وحذر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في أكثر من مناسبة، من “خروج منطقة الشرق الأوسط عن السيطرة” إذا لم توقف إسرائيل هجماتها على قطاع غزة.
وفي حديثه لقناة “إي بي سي نيوز” الأميركية، يوم الثلاثاء، قال عبد اللهيان إن “نطاق الحرب أصبح أوسع. وهذا يعني أن خطر نشوب حرب أوسع في المنطقة قد ارتفع”، ملقيا باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل في تصاعد التوترات.
ومؤخرا، شنت إيران هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار على أهداف في ثلاث دول سوريا والعراق وباكستان.
ولا ترتبط تلك الهجمات مباشرة بالحرب في غزة، لكن اعتبر محللون في قناة “سي إن بي سي” الأميركية أنها تكشف عن نية لإرسال رسالة واضحة.
وقال بهنام بن طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: “إطلاقها لصاروخ باليستي متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب وقادر على ضرب إسرائيل من الأراضي الإيرانية ضد داعش في سوريا كان سابقة تاريخية ورسالة إلى إسرائيل”.
لكن مجلة “فورين بوليسي”الأميركية، اعتبرت، في تحليل لها، أن الهجمات، كانت محاولة إيرانية لاستعراض قوتها العسكرية، لكنها كشفت عن ضعفها المتأصل والقيود الاستراتيجية.
وتعقيبا على تصريحات خامنئي، قال المحلل الإيراني أميد شكري لـموقع “سكاي نيوز عربية “:
إيران تريد إبقاء الأمور على هذا النحو من أجل التأكيد على مدى معارضتها لإسرائيل ومدى دعمها لحماس
دعوات المقاطعة والحظر هي خطوات محسوبة تدعم المعارضة الأيديولوجية الإيرانية لوجود الدولة الإسرائيلية بينما تعمل على عزل إسرائيل سياسياً واقتصادياً ومما يعزز هذه السياسة الضربات الحوثية في البحر الأحمر، والتي تسبب صعوبات وتعطيل لإسرائيل وشركائها في مساعيهم البحرية. وتريد إيران أن تستمر في كونها قوة رئيسية في حركة المقاومة ضد إسرائيل من أجل تعزيز قوتها ونفوذها في المنطقة.
تستخدم إيران ورقة الحرب وشبح التوسع استراتيجياً لدفع أجندتها السياسية إقليمياً ودولياً، إن هجمات الحوثيين، التي تعطل حركة الملاحة البحرية في ممر مائي حيوي، هي خطوة محسوبة لإبراز نفوذهم في المنطقة.
من خلال خلق نفوذ جيوسياسي عبر مثل هذه الإجراءات، تسعى إيران إلى وضع نفسها كلاعب مهم، ولفت الانتباه إلى معارضتها الشديدة لإسرائيل.
تعمل هذه الاضطرابات كوسيلة لحشد الدعم السياسي أو التنازلات من الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية المتعاطفة التي قد ترى في إيران قوة رئيسية في تشكيل الديناميكيات الإقليمية. في الجوهر، تستخدم إيران ديناميكيات الصراع كأداة استراتيجية لتعزيز مكانتها ونفوذها على المرحلتين الدولية والإقليمية.