أخبار عربية ودولية

لماذا دخل نتنياهو رفح؟

هل دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلية مدينة رفح الفلسطينية لتبقى طويلا، أم هى مجرد عملية تجميل محدودة، أم أنها تريد الضغط على المقاومة الفلسطينية لتحسين شروط التفاوض والحصول على مكاسب أكبر فى أى هدنة متوقعة، أم هل يكمن السبب الجوهرى فى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يخشى من الائتلاف اليمينى المتطرف أن يسقطه إذا قبل الصفقة، وبالتالى تنتهى حياته السياسية، بل ربما يتعرض للمحاسبة والمساءلة والمحاكمة والسجن؟

‎الأسباب السابقة نسمعها من العديد من المحللين والمراقبين، وظنى أنها قد تكون كلها صحيحة مجتمعة، وليس عاملا واحدا أو اثنين فقط.

‎فى التفاصيل فإنه وفى اللحظة التى أعلنت فيها حركة حماس مساء يوم الإثنين الماضى قبولها بالمقترح المصرى والقطرى والذى وافقت عليه إسرائيل مسبقا أسقط فى يد إسرائيل، حيث إن كل حساباتها كانت تتوقع أن حماس سترفض المقترح، وهو فشل استخبارى وسياسى جديد يضاف إلى سلسلة الإخفاقات الإسرائيلية منذ ٧ أكتوبر الماضى وحتى الآن.

‎قبل أن تعلن حماس موافقتها أقامت أمريكا وإسرائيل الدنيا، وأعلنتا أن هناك عرضا سخيا على حماس أن تقبله.. المفاجأة أنها قبلته.

‎إسرائيل زعمت أن ما قبلته حماس لم يكن هو النسخة التى وافقت عليها، وهى تكذب كالعادة لأن ما وافقت عليه حماس هو نفس النسخة التى راجعها مدير المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز بنفسه، بل وقبل أن تكون بلاده ضامنة لتنفيذ الاتفاق، ونعلم أن بيرنز قضى معظم الأيام الماضية ما بين القاهرة والدوحة.

‎الاتفاق الذى وافقت عليه حماس وبذلت فيه القاهرة جهدا هائلا ومعها الدوحة وصدقت عليه الولايات المتحدة كشف إسرائيل ووضعها فى ركن شديد الصعوبة  لأنها ببساطة لم تحقق أيا من أهدافها التى رفعتها منذ بداية العدوان.

‎نتنياهو ومتطرفوه تحدوا كل العالم وبدلا من قبول الهدنة التى وافقت على بنودها مسبقا قرروا اجتياح رفح ورفع علم الاحتلال على معبر رفح من الجانب الفلسطينى.

‎ هو يريد أولا أن يضغط عسكريا على المقاومة الفلسطينية، لكى تقبل بالشروط الإسرائيلية المذلة، أى الإفراج عن الرهائن مقابل فترة هدوء قليلة تعود بعدها إسرائيل للعربدة فى القطاع بعد أن تكون قد تحررت من ضغوط أهالى الأسرى الإسرائيليين. وبالمنطق لا يعقل أن تقبل المقاومة الفلسطينية بأن تهدر ورقة الأسرى من دون التزام واضح أو حتى ضمنى بوقف كامل لإطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة.

‎يريد نتنياهو أن يرضى اليمين المتطرف المتعطش للغزو والضم والتهويد والاجتياح ليس فى رفح فقط بل فى عموم فلسطين والمنطقة بأكملها، خصوصا هدم المسجد الأقصى لإقامة ما يسمى بالهيكل.

‎يريد نتنياهو وحكومته الاحتفاظ بورقة معبر رفح لكى يتحكم فى حركة المساعدات الداخلة إلى القطاع خصوصا المواد ذات الاستخدام المزدوج.

‎أمريكا ظلت تخبرنا أنها ضد أى عملية فى رفح قبل ضمان حماية السكان المدنيين، لكن إسرائيل غزت رفح وأصيبت أمريكا بالشلل والصمم، ثم بدأت عملية التمويه بأن العملية محدودة.

‎أخشى كما عودتنا إسرائيل أن يتحول ما هو مؤقت إلى دائم، وما هو محدود إلى موسع، وبالتالى تظل إسرائيل مسيطرة على معبر رفح، للتحكم الكامل فى قطاع غزة من كل الجهات وبالتالى تحويله إلى سجن حقيقى بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

‎وهناك رأيان فى هذا الصدد: إما أن تضغط أمريكا وأوروبا والمنطقة العربية على نتنياهو وينسحب من المعبر، ويقول للمتطرفين إنه نفذ وعده واحتل المعبر ودمر ما بقى من حماس هناك، وإما أن يستمر إلى أجل غير معلوم فى المعبر وسائر القطاع، وبالتالى يظل فى الحكم حتى تنتهى الانتخابات الأمريكية ويصل حليفه ترامب، أو يتمكن من تحرير بعض الأسرى وبالتالى يعود إلى شعبه ويقول لهم لقد انهزمت وفشلت فى ٧ أكتوبر لكنى نجحت الآن وتمكنت من قلب الطاولة على الجميع.

‎هذا ما يحلم به نتنياهو الذى أفلت من كل الشراك والفخاخ طوال حياته السياسية لكن غالبية المراقبين بما فيهم فى إسرائيل والغرب يقولون إن نتنياهو انهزم سياسيا هزيمة ساحقة ولم  يتبق إلا إعلان الهزيمة رسميا.

نقلا عن: عماد الدين حسين  كاتب صحفي

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights