ثقافة و إبداع

“ليوكاسبيس” تجربة عميقة وسلسلة

نادرا ما تكون الخطوات الأولي لأي مبدع خطوات كاملة المعالم ؛ فهي دائما ما تكون خطوات للبحث عن الذات والطريق والمنهج .
إلا أن “ليوكاسبيس” المجموعة القصصية الأولي للكاتبة مروة طلبة خلت من هذا الترنح أو البحث عن الطريق أوالشكل أو المنهج .
فهي مجموعة قصصية كل قصة بها تعبر عن خطوة أو وثبة واضحة علي طريق الإبداع القصصي بملامح توحي بالرغبة في الإفهام والتعليم وأيضا الإمتاع .
وإن بدأنا بقصة “ليوكاسبيس” والتي تحمل إسم وعنوان المجموعة كاملة ، والتي تدور أحداثها بالأربعينيات في رحي الحرب العالمية الثانية وبالأخص بين مدينتي القاهرة و العالمين والتي شهدت معارك ضارية بين قوتي الحلفاء والمحور .
فإلي القاهرة تنتقل أغلب الأحداث بعد تقرير المقاتل والمجند الإيطالي “باولو” الهرب من ويلات الحرب إلي القاهرة وعند صديقه القديم عزيز …
قصة “ليوكاسبيس” تتمتع بتفاصيل ثرية جدا ليس فقط من ناحية الشخصيات وتحركاتها داخل إطار القصة والأحداث ولكن أيضا لدقة تفاصيلها وإغراقها في التفاصيل والوقوف بدقة عند كل موقف وتاريخ وحادثة هامة تكسبك المزيد من المعلومات التاريخية والسياسية الهامة بهذه الحقبة الزمنية الحرجة من عمر الإنسان .
كل هذا يتم بإطار سردي ثري وسلسل يحقق لك المتعة والرغبة بإستكمال القراءة والمتابعة بما ينبأ بموهبة وبراعة القاصة الشابة بأول ظهور قصصي لها .
وبالإنتقال إلي قصة “غرفة 330” والتي تعبر عن موقف أخير بحياة رجل عادي عاش كل عمره من أجل أبناءه الملتفين من حوله بهذه اللحظة والذين يضمرون الشر له ويتمنون موته في اللحظة والتو من أجل الميراث ، وهو ما يعبر عن ظاهرة الجحود الأسري والعائلي التي تفشت بمجتمعاتنا الآن .
ثم بالإنتقال لقصة “روبابيكيا” والتي تتعرض لتجارة الأعضاء وأطفال الشوارع ، وهنا القاصة تتمكن من نسج أطراف الحكاية بسلاسة ودون تعافي أو تصنع في خلق المواقف ورسمها .
وتنتقل بنا القاصة لأجواء الريف وطقسه ورائحته في قصص “لن أعيش غدا و حلم أم كابوس و في زريبة المواشي” محاولة التعرض للعادات والتقاليد القديمة إما بالزم والنقد أو بالثناء والإثناء .
أما في قصة “عيون أمي” تتعرض القصة الشابة لموقف إنساني من الممكن أن يكون متكرر جدا بحياتنا وهو تضحية أحدنا أيا كان رجلا أو أنثي من أجل راحة أمه ومساعدتها علي العيش والبقاء سعيدة في آخر أيام عمرها .
أما بقصة “بالمقعد الخلفي ” فالقاصة تتعرض لظاهرة الثمنة وما تخلفه من خجل لدي صاحبها ؛ هي قصة تتمتع بعمق التناول مع خفة الظل وتصلح لأن تحول لعمل درامي أو فيلم روائي قصير .
إن المجموعة القصصية “لوكاسبيس ” حقيقة مجموعة قصصية تتمتع بالثراء في مواقفها وشخصيتها وهي كعمل أول للكاتبة والقاصة ” مروة طلبة ” تنبأ عن قاصة موهبة قادرة علي صناعة بناء قصصي ضخم وهام وذو شأن كبير مستقبلا .

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights