.. ماذا تحتاج لتصبحَ كاتباً؟
ماذا تحتاج لتصبحَ كاتباً؟
.. سؤالٌ توجَّه لي قبل يومين..
فيما يخصّ منطقيّة السؤال، فهو كالضغط على محرك البحث، سؤالٌ مشروع وأجيبُ حسب معرفة غوغل خاصّتي..
حسب رؤيايَ القصيرة، ومحاولاتي القليلة،
ألخِّصها ببساطة -وأعرفُ أنَّه رأيٌ سيحول عليه الكثير ليغيِّرهُ لكن من المهم أن نملك قاعدتنا عند كلّ محطة- فأقول أنت أمام ثلاثة محاورٍ لتنطلقَ في الكتابة وليس لتملكها -لأنّني كفاطِمة لم أملكها بعد-
المحور الأوّل: أن تعرفَ اللَّغة ككلِّ علاقة نبتديها بالتعارفِ، أن تعرفها قواعدياً، نحوياً، بلاغياً، إملائياً وكلما زدتهم، كلَّما شددتَ حبل المتانة أكثر.
المحور الثاني: هوَ الرداء؛ بنظري الرداء في اللُّغة أهمُّ من الجوهر، فنحن نضمن بين أيدينا معجماً للمعاني، لكننا لا نضمن معجماً للأساليب. وإنَّني لا أقصد ابتذال المعنى وخداعَ اللّفظ بلا توجُّه وإنّما.. الرداء هو أسلوب الكاتب، إن لم يملكهُ، فلا يتقدِّم لهذا السباق لأنه سيخسره آجلاً وإن اعتقد العكس عاجلاً.
الثالث الأخير: الجوهر، المعنى، المعجم، البحث.
وهو أكثر ما يؤرِّقني، فأقول يا فاطِمة مع كلّ هذه العصور والأزمان، مع ألف شاعر وألف ناثر وألف راوٍ، من أينَ ستأتي بألف قارئ؟!
فأقتنع أنّ الزاد الحقيقيّ لكلّ كاتب، هو عيناه، متى ملَّ من الرؤية.. ليترك القلم. ولذا أتوق بكل جوارحي للجديد، للتسوِّق في الحياة وانتقاء الأشخاص، مع كلّ شخصٍ فكرة وقضية وولادة، فمهما تشابهت الحكايات، لكلّ منّا حكايته الخاصّة، وأنتَ يا كاتب.. أنتَ الرّاوي.
ثمَّ ارمِ كلَّ هذا بحراً.. إن لم تملك الموهبة.
الموهبة هيَ الوقود، هيَ التأجُّج، هيَ التأهُّب، هي الرغبة المُلحَّة لتكحيل عيونِ الورق، هيَ الميلُ.. وكيف يحبُّ مَن لا يميلُ!
وأضيف، ليس كُلّ مَن حمل القلم وملأ الورقة نسمّيه كاتباً، فنحن لا نقصد بالكتابة هنا فعلاً وعملاً وقد أُنجِزَ وإنّما.. نتباحث بالكتابة الإبداعيّة الأدبيّة. وإنَّ تصميمي على مبادئ الكتابة، ووضع نهجٍ للسير فيها، فهو لا يفرض تكبيلَ الأنامل، وإنما توجهيها والفرق شاسعٌ. بالطبع نُطلِق الأيادي ونشجعها، ونقرأ ما يُكتَب ولو ركاكةً، وندري أنّ أكبر الكُتّاب كانوا قد خَطُوا في هذه المرحلة ولرُبما أطالوا فيها، وعساني أكثر مَن يؤمن بالبدايات، وأعرف أنَّه متى انطلقت العجلة لا يوقفها أحدٌ، لكنّ الجواب كان بأنْ كيفَ نُطلقها.
وختاماً بشأنِ القُرّاء، فإنَّ القارئ الحقيقي يُولَد من داخلنا نعم، هذا القارئ يُسمّى الإيمان، إن لم نملكه صراحةً فلن نحصل على غيره.
لكننا لا ننكر حاجة الحروف إلى العيون لكي يصيرَ لها صوتٌ!
بقلم ـ فاطِمة أنس حمضمض