أخبار عربية ودولية
ما الذي حققته العقوبات على إيران وروسيا حتى الآن؟

منذ حوالي 40 عاما والعقوبات تتوالى ضد إيران. فيما فُرضت عقوبات كثيرة ضد روسيا بسرعة غير مسبوقة بعد غزوها لأوكرانيا. فما الذي حققته هذه العقوبات حتى الآن؟ وهل هناك أي بديل لهذه الإجراءات العقابية؟
إيران تعرف ذلك، والصين تعرف ذلك، ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية تعرف ذلك أيضا: فعلى الرغم من العقوبات المفروضة ضد صناعة النفط الإيرانية، إلا أنه يجري شحن كميات غير مسبوقة من النفط من إيران إلى الصين.
“لو صدقنا تصريحات الحكومة الصينية، فسنرى أنها لا تستورد النفط من إيران أبدا. ولا برميل واحد. وإنما تستورد الكثير من النفط الخام الماليزي. بل تشير بيانات الجمارك الصينية الرسمية إلى أن الصين تستورد من ماليزيا أكثر من ضعف كمية النفط التي تنتجها ماليزيا فعليا”، يصف خافيير بلاس، المتخصص في مراقبة تجارة المواد الخام، عملية الاحتيال في حوار مع وكالة بلومبيرغ.
ويقول بلاس إنه بخدعة بسيطة يصبح النفط الخام الإيراني ماليزياً. وبحسب تجار النفط، فإن هذه هي “الطريقة الأسهل والأرخص للتحايل على العقوبات الأميركية”. وهكذا أصبحت ماليزيا في العام الماضي رابع أكبر مصدر أجنبي للنفط إلى الصين، بعد السعودية وروسيا والعراق.
وتستخدم إيران الإمارات العربية المتحدة كمركز للتهرب من العقوبات لسنوات عديدة. البضائع المدرجة على قوائم الحظر الطويلة التي تفرضها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، غالبا ما تأتي إلى إيران عبر دبي. ولهذا الغرض، يتم ترتيب ومعالجة شحنات النفط المحظورة عبر الإمارات.
جرى وضع دبي على القائمة الرمادية لفريق العمل المعني بالإجراءات المالية، بسبب مشاكل غسل الأموال وتمويل الإرهاب
وللحصول على المواد المحظور عليها شراؤها، مثل قطع غيار للمركبات أو للطائرات، فقد قامت إيران منذ وقت طويل بتعديل سلاسل التوريد الخاصة بها، بحيث يمكن شراؤها عبر المراكز التجارية والمالية مثل دبي. هذه الطريقة أغلى طبعا من الاستيراد المباشر، ولكنها تتيح الالتفاف على العقوبات الغربية، وخاصة تلك التي تفرضها الولايات المتحدة. وهو ما تقوم به إيران منذ سنوات كثيرة.
نقطة الشحن في آسيا الوسطى
روسيا هي الأخرى لديها أيضا نقاط إعادة شحن للسلع الخاضعة للعقوبات. وفي الحالة الروسية أيضا، لا يكاد يوجد منتج لا يمكنها شراؤه عبر دولة ثالثة: مثل قطع غيار السيارات الألمانية الفاخرة أو المكونات الإلكترونية التي تستخدم للتحكم في الأسلحة. وتلعب الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى دورا رئيسيا. والميزة التي تتمتع بها موسكو هي أن الاتحاد الروسي مرتبط بدول مثل كازاخستان وقيرغيزستان في اتحاد جمركي يسمح بحركة البضائع عبر الحدود بطريقة سهلة للغاية.
وهذا يعني أن المنتجات الخاضعة للعقوبات الواردة من الغرب، والتي أصبحت من المحرمات بالنسبة لروسيا بعد العقوبات، يمكنها عبور الحدود الدولية دون عوائق تقريبا. هل يمكن مراقبة بذلك؟ يكاد يكون الأمر مستحيلا، إذ يبلغ طول الحدود بين الاتحاد الروسي وكازاخستان وحدها حوالي 7500 كيلومتر. وأرمينيا مثال آخر على ذلك: فقد ارتفعت مبيعات السيارات الألمانية وقطع غيارها إلى أرمينيا بنسبة 1000 تقريبا في عام 2023.
ومنذ فرض حزمة العقوبات الثالثة عشرة للاتحاد الأوروبي على موسكو في 22 فبراير 2024، باتت روسيا الدولة التي فُرض عليها أكبر عدد من العقوبات. ومع ذلك، تواصل روسيا حربها العدوانية ضد أوكرانيا، والتي تنتهك القانون الدولي، فيما يبدو الاقتصاد الروسي بعيدا تماما عن أي انهيار.
ورفعت الحكومة الروسية للتو توقعاتها للنمو الاقتصادي هذا العام من 2.3 إلى 2.8 في المئة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2 في المئة. وهذا المنطق مثير للقلق بالنسبة لمؤيدي العقوبات الغربية، لأن ارتفاع الإنفاق الحكومي والاستثمارات المتعلقة بالحرب ضد أوكرانيا ستتم تغطيتها من خلال الدخل المرتفع من صادرات النفط، وهذا من شأنه أن يدفع الاقتصاد الروسي للنمو، رغم العقوبات الغربية، وفقا لصندوق النقد الدولي.
حجم العقوبات غير مسبوق