كشف مراقبون فلسطينيون وإسرائيليون عن الأسباب التي دفعت كلا من إسرائيل وحركة “حماس” والفصائل الفلسطينية لقبول اتفاق وقف إطلاق النار.
نجحت مصر بدعم إقليمي ودولي في إنهاء أسوأ جولة عنف تقع منذ سنوات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل استمرت على مدار 11 يوما، ولكن بحسب محللين ومراقبين هناك عوامل أخرى أجبرت الجانبين على وقف العنف، وفقا لوكالة الأنباء الصينية “شينخوا”.
يقول المحللون إن إسرائيل “واجهت ضغطا دوليا وأمريكيا شديدا فضلا عن تأثير الصمود الفلسطيني الكبير وقدرة الفصائل في غزة على إيذاء الجبهة الداخلية والاقتصاد في إسرائيل”.
وحماس تعتبر أنها حصلت على ما تريد وعلى الأغلب تلقت ضمانات من الوسطاء بشأن إعادة إعمار قطاع غزة ووقف اجراءات إسرائيل في شرق القدس.
كما إن إسرائيل سعت إلى إنهاء جولة القتال بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد حتى لا تمنح الفصائل الفلسطينية شرعية سياسية، بعد أن فرضت شرعيتها القتالية على الأرض.
وكذلك تهربت من عدم إلزام نفسها بأي تعهدات خاصة فيما يتعلق بالقدس وخطط إخلاء السكان الفلسطينيين في الشيخ جراح والتي مثلت صاعق تفجير لجولة القتال. كما أبقت يدها طليقة باستهداف أي صيد ثمين في غزة أو خارجها من قادة المقاومة، متى ما سنحت الفرصة وإمكانية أن تعاود شن ضربات خاطفة تجاه أهداف عسكرية في غزة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، مخيمر أبو سعدة، أن جولة القتال الأخيرة شكلت مرحلة فاصلة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. نحن أمام مرحلة جديدة في ظل متغيرات جديدة أبرزها تراجع الردع الإسرائيلي وزيادة قدرة الفصائل الفلسطينية على التأثير على إسرائيل بما في ذلك عسكريا.
ويضيف أن جولة القتال الأخيرة “أعادت أزمة القضية الفلسطينية إلى الواجهة بوصفها القضية المركزية في الشرق الأوسط وأكدت أن حماس باتت لاعب أساسي ليس في الوضع الفلسطيني الداخلي بل كذلك على المستوى الإقليمي ولا يمكن تجاهلها”.
ويؤكد المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي من الضفة الغربية، عادل شديد، أن إسرائيل لم ترغب بحرب مفتوحة في غزة خاصة في ظل القناعة من أن المواجهة مع الفصائل الفلسطينية لن تسفر عن تغيير جذري في الصراع.
ويقول شديد: “لا تستطيع اسرائيل أن تستمر إلى ما لانهاية في القتال في ظل وجود خمسة ملايين إسرائيلي في الملاجئ وأضرار كبيرة تصيب اقتصادها وتعطل المؤسسات الاستراتيجية في البلاد مثل المطار والموانئ”.
ويضيف: “إسرائيل وصلت إلى قناعة أن بقاء الأمور إلى ما لا نهاية ممكن أن يؤدي إلى إعادة تجربة حرب طويلة كما حصل العام 2014 بما يحمله ذلك من تكلفة كبيرة على كافة المستويات”.
ويتوقع شديد أن اتفاق وقف إطلاق النار هش وقابل للتفجير في أي لحظة “لأن كلا الطرفين رفضا الاستجابة لأي من شروط الطرف الأخير وكلاهما لم يلتزما سوى بصيغة الهدوء مقابل الهدوء”.
الجيش الإسرائيلي حقق ما أراد في ضرباته على غزة، بعضها استراتيجي وبعضها الآخر تكتيكي.
كما أن هدم أنفاق قتالية في قطاع غزة، وتلك الممتدة إلى إسرائيل، فضلا عن تدمير منظومة إنتاج وتطوير القذائف الصاروخية والطائرات بدون طيار وقطع بحرية هو إنجاز استراتيجي فعلي يجعل حماس والجهاد يفكران مرتين وربما ثلاث قبل أن يطلقوا باتجاه إسرائيل.