محافظات ومحليات
محلات تحت الكباري تفتح أبواب الرزق لآلاف الشباب
لم يكن يخيل لأحد قبل 5 سنوات أن تكون الكباري في مصر مناطق لتجمع الأشخاص، حيث تحول أسفل الكباري إلى مقاهٍ ومطاعم يقبل عليها الزوار، بدلًا من تركها لأكوام القمامة ومعتادي الإجرام ومروجي المخدرات.
ووفقًا لنشرة حصر الطرق والكباري التي صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في يناير 2019، فإن إجمالي أعداد الكباري في مصر تجاوز 36 ألف كوبري حتى 30 يونيو 2018.
وعلى مر التاريخ، كانت الدولة تنظر إلى هذا العدد الهائل من الكباري على أنه مجرد بنية أساسية للنقل، إلى أن جاءت فكرة استغلال المناطق أسفل الكباري لإقامة محلات وأكشاك يتم تأجيرها.
الهدف من المحلات أسفل الكباري
وانتشرت هذه المحلات أسفل الكباري في عدة مناطق في العاصمة، حيث ظهرت في مناطق مصر الجديدة، ومدينة نصر والمطرية وغيرها، وكذلك ظهرت في محافظات أخرى على مستوى الجمهورية.
وتنوعت أنشطة هذه المحلات ما بين مقاه ومطاعم وصيدليات ومحلات لبيع الورد والزينة، بالإضافة إلى محلات تم تخصيصها لتقديم الخدمات الحكومية للمواطنين كالبريد.
محلات أسفل الكباري في منطقة مصر الجديدة في القاهرة
وبعدما كان المشهد تحت الكباري مقززا أصبح يمثل مظهرا حضاريا جذابا للمارة، وأتاحت هذه المحلات فرص عمل جديدة للشباب، وفي نفس الوقت أصبحت مورد للدولة من الإيجارات.
وبحسب تصريح لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، مؤخرا، قال إنه “اتخذ قرارا بعمل محلات تحت الكباري، لزيادة حجم المعروض، ويكون هناك محلات نظيفة بدلا من أن يكون أسفل الكباري قمامة”.
وأضاف: “عملنا محلات تحت الكباري عشان الناس تأكل عيش ويكون المنظر مختلف”.
كيفية الحصول على محل
في 2020 طرحت محافظة القاهرة، المساحات أسفل الكبارى للاستغلال، ووضعت مجموعة من الشروط أهمها أن حق الاستغلال تكون لمدة 3 سنوات، بزيادة سنوية 10%، وثمن كراسة الشروط 290 جنيها على أن يتم دفع تأمين مؤقت قبل دخول المزاد.
وقسمت المحافظة الأماكن أسفل الكباري إلى أربع فئات، الأولى فئة التمييز “أ” شرط دفع مبلغ 20 ألف جنيه، ودفع مبلغ 15 ألف جنيه للمساحات فئة التميز “ب”، ودفع مبلغ 10 آلاف جنيه للمساحات فئة التميز “ج”، ودفع مبلغ 5 آلاف جنيه للمساحات فئة التميز “د”.
وكذلك وضعت محافظة الجيزة شروط للحصول على محل أسفل الكباري المنشأة فيها، حيث قررت أن يكون التعاقد لمدة 3 سنوات بزيادة سنوية 10%، وأن يتم تحديد سعر المتر المربع وفقاً لسعر السوق للمنطقة بكل حى، على أن يدفع الراغب في استئجار محل مبلغ كجدية تعاقد عند تقديم الطلب بالحى، ودفع مبلغ تأمين 10% من إجمالى قيمة التعاقد بالحى.
وتقوم الدولة بتوصيل المرافق إلى المحلات، بالإضافة إلى تصميم المحلات بشكل يكون له طابع جمالى ومظهر جذاب يضيف لمسة جمالية.
مستفيدون من المشروع
التقت عدد من مستجري المحلات تحت كوبري المحكمة في مصر الجديدة، وقال أحمد إبراهيم، مستأجر محل نشاطه مطعم، إنه استأجر المحل في عام 2020، أسفل كوبري الميرغني بمساحة 10 أمتار وإيجاره الشهري 68 ألف جنيه، لافتا إلى أن سعر المحل يتحدد بناء على المنطقة.
وأشار أحمد إلى أن المطعم يعمل به 10 موظفين ما بين عمال نظافة وطباخين ومقدمي الطعام للزبائن (ويتر)، وأكد أن الإقبال على مطعمه كان جيدا، إلا أنه تأثر مع ارتفاع الأسعار الذي حدث خلال الفترة الماضية.
ودعا أحمد السلطات في محافظة القاهرة إلى تخفيض قيمة الإيجارات نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها الجميع.
مستأجر آخر، يدعى حسن علي، قرر أن يستأجر محل ليكون مقهى، وقال إن فكرة وجود مقهى أسفل كوبري في مصر الجديدة هي فكرة عبقرية وتؤكد على حسن استغلال المساحات، لافتا إلى أن هناك الكثير من الشباب كانوا يبحثون عن إقامة مشروعاتهم الخاصة إلا أن الأماكن المتاحة كنت محدودة جدا، والأماكن المتوفرة أسعارها خيالية.
ويتفق حسن مع أحمد على تراجع أعداد الزبائن خلال الفترة الماضية نتيجة ارتفاع الأسعار، لكنه يؤكد أنها مسألة مؤقتة، وأن “المصريين شعب بيحب الفسح والخروج والقعدة على القهاوي عشان كده هيقدروا يعدوا المرحلة دي”.
منظر حضاري جميل
بالإضافة إلى مصدر الدخل الذي أتاحه استغلال المساحات أسفل الكباري، لكثير من الشباب، حولت أيضا تلك المناطق إلى متنفس ومتنزه للعائلات التي لم يكن أمامها بدائل كثيرة.
في مصر الجديدة التقت “سبوتنك” محمود جمال، موظف، اعتاد الجلوس هو وأسرته في مقهى أسفل كوبري المحكمة، وأبدى إعجابه بفكرة إنشاء مقاهي ومطاعم أسفل الكباري، وقال “زمان كانت الأماكن دي كلها قمامة ومناطق لتجمع البلطجية وشاربي المخدرات، الآن أصبحت مكان راقي يمكن الجلوس فيه مع العائلة بكل اطمئنان”.
على المنضدة المجاورة له، قالت إيناس أحمد، موظفة، وقالت إنها اعتادت الجلوس على المقهى كل يوم مع زميلاتها في العمل، كل يوم بعد انتهاء دوامهم، وأضافت “بنعتبر أنا دي الساعة اللي بنروح فيها عن نفسنا كل يوم بعد الشغل”.
وأشارت إلى أن هذه المحلات كانت فكرة جيدة استفاد منها الشباب في توفير فرص عمل لهم، وفي نفس الوقت أصبح بإمكاننا الجلوس فيها في أي وقت، دون مضايقات من أحد.