استطاع الفنان “محمد رمضان” بفضل موهبته وسمرة ملامحه المميزة بالإضافة لأداءه التمثلي المتقن القوي، أن يحقق شعبية جارفة وأن يكون نجم شباك في فترة وجيزة جداً، والسبب بالطبع يكمن في موهبته العظيمة وأيضاً في تعطش الجماهير لبطل شعبي يُشبهم خصوصاً من فئة الشباب ممن تتراوح أعمارهم أوساط العشرينيات، بالإضافة بالطبع لخلو الساحة لكبر سن أغلب نجومنا القادرين علي تجسيد شخصية ابن البلد المكافح البسيط وتراجع شعبتهم وجماهيريتهم، كل هذا صنع من رمضان نجماً له متابعيه وجماهيره، فأي فيديو ولو لدقيقة يحقق مشاهدات عالية جداً طبقاً لإحصاءات اليوتيوب والمنصات الإلكترونية، هذا بالإضافة لتهافت المنتجين علي رمضان للحصول علي توقيعه من أجل فيلم أو مسلسل، فوجود اسمه كبطل لأي عمل يضمن الكثير من عوامل النجاح.
الموهبة إذن وحب الجماهير عطية من الله، ولكن من يستطيع أن يستثمر هذه العطية بالشكل الأفضل دون تغول أو تحول خصوصاً بعد أن بات النجم أياً كان وسيلة للتربح وجني الأموال، وهنا تكمن الأزمة فالنجم إما أن يكون قيمة وقدوة وإما أن يكون سلعة ومجرد استنساخ لمادة تجلب الربح والمكسب.
الروح والترند
ومنافسة رمضان لنجوم الترند علي اليوتيوب مثل شاكوش وبيكا وعمرو كمال والدخلاوي بفيديوهات أو أغاني وكليبات ليس لها أي قيمة تصب بالإتجاه الأخير، فرمضان بموهبته الفذة تحول لمجرد حصان أسود وجواد رابح في سباق جني الأرباح من اليوتيوب.
فبوعي أو دون استسلم رمضان لفكرة النجومية المزيفة وترك روحه المتوهجة للتسلُع، ونسي أنه فنان وقيمة إنسانية ووجدانية قبل كل شئ، ولابد أن يسعي ليكون قامة وإسماً خالداً في تاريخ الفن والإنسان المصري، فخلال الأعمال الكثيرة التي قدمها رمضان بالعقد الماضي لن تجد من بينهم سوي ثلاث أعمال فقط هم من تظهر الوجه الحقيقي لموهبة رمضان وقدراته التمثيلية الفائقة؛ التي تؤهله وتقربه من تحقيق النحومية عالمياً وليس محلياً فقط- وهو ما تنبأ له به النجم العالمي الكبير عمر الشريف- هذا إن تغلب علي عائق اللغة وهو أمر سهل تجاوزه، وحقيقة لا أعرف لماذا لا تدرس اللغات واللهجات الأجنبية الشهيرة بأكاديمية الفنون المصرية كي يكون فنانينا قادرين علي مزاحمة ومنافسة أشهر نجوم الدنيا…!!؟
يا دنيا هدي
كان من حظي أن ألتقي بالفنان محمد رمضان لمرتين فقط ولم أفكر بعدها بأن يكون هناك مرة ثالثة تجمعني بهذا الفنان الشاب، فقد تغلبني عصبيتي ولساني الصليت ويكون اللقاء مأساوياً، فبسلوكيات رمضان غروراً كبيراً تقترب من العنجهية في التعامل مع المحيطين به، وهذا ما ظهر جلياً في الفيديو المتعلق بحجز أحد البنوك علي أمواله، وفي تعاطيه وتعامله مع قضية الطيار الراحل “أشرف أبو اليسر”، وأيضا فيما يتعلق مؤخراً بقيامه بتجديد رخصة القيادة بإدارة المرور التابع لها متخطياً كل الحاضرين دون مراعاة لمشاعر أو معاناة الناس العادية لاستخلاص أوراقهم بشكل سليم وسوي، وحقيقة اللوم الأكبر علي الضابط الذي سمح له بهذا التعدي والتجاوز.
يبدو أن رمضان يتعامل مع محيطه ودنياه بمبدأ ” يا دنيا هدي ما عليكِ قدي ..!!” وهذا الغرور بالتأكيد سيكون مقبرة هذا الفنان الشاب صغير السن ذو الموهبة الفذة، وحقيقة الأجدي والأفيد لهذه الموهبة الشابة هو التواضع والالتزام الأخلاقي وتجاوز صغائر النفس وضعفها الإنساني الذي قد يكون السبب في رسم نهاية مأسوية غامقة، فعلي رمضان أن يتخذ من فنانينا الكبار قدوة فهل تصرف يوما الفنان الراحل “أحمد ذكي” أو أياً من فنانينا الكبار بهذه الطريقة، لا بل علي العكس كانت كل تصرفاتهم تحمل معني المسئولية وإيمانهم بقدراتهم وقدرتهم علي التغيير والتنوير.
المرض الخطير
ليست نهاية الدنيا أن يتعامل بغرور وتعالى فنان شاب وجد نفسه فجأة وفي غفلة من الزمن نجماً كبيراً ومحط إهتمام أجيال كثيرة من الشباب، ولكن المشكلة فيما يمثله هذا السلوك من خطر علي المجتمع، خصوصاً أن أغلب ما يقدمه رمضان بأفلامه شخصيات شريرة يتسم سلوكها بالبلطجة والانحراف الأخلاقي، وما يمثله خطر تصدير هذه الشخصيات من تأثير سلبي علي الأجيال الحالية والقادمة كبير جداً، هذا بالإضافة لتصرفات رمضان نفسه التي تتسم بالغرور والعنجهية والتسلط أحيانا كثيرة، كل هذا يساهم من صناعة وتصدير أمراض اجتماعية تنتشر وتتوغل في نفوس الشباب تكون سبباً لنهايتهم وهلاكهم، وإن كان من الطبيعي أن ينشغل كل مثقف ويجد في الحفاظ علي مواهبنا وطاقتنا الإبداعية بكافة المجالات وبكل أنشطة الحياة، ولكن عليه قبل كل شئ أن يكون ناصحاً صريحا، فمن الخيانه لمجتمعه وناسه وفكره ومبادئه أن يسعي أصحاب الفكر والقلم لتلميع النجوم حتي وإن كانوا ذوي سلوك معيب وأفكار قد تسبب لهم الدمار قبل أن تنال من مجمعاتهم ..!!!