تزايد حجم سفن الحاويات ببطء لعقود من الزمن، قبل أن تقفز فجأة في الحجم بشكل كبير على مدى السنوات العشرين الماضية، مما اضطر الموانئ والقنوات إلى التكيف لاستقبالات الناقلات العملاقة، وغالبا ما كان ذلك بتكلفة مليارات الدولارات، حسب تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وساهمت تكنولوجيا الشحن الجديدة ومنطق المقاييس الاقتصادية الكبيرة، في أن تصبح السفن أكبر حجما بشكل هائل، لكن السفن الكبيرة يمكن أن تسبب مشاكل كبيرة أيضا، كما تقول الصحيفة ذاتها.
هذا الأسبوع، اصطدمت سفينة شحن ثقيلة بعمود دعم لجسر “فرانسيس سكوت كي” بمدينة بالتيمور الأميركية، مما أدى إلى انهيار الجسر الذي يبلغ طوله 2.5 كيلومتر في الماء على الفور تقريبا.
انهيار 3 جسور في 3 شهور.. تساؤلات بشأن حوادث السفن الأخيرة بالعالم
أدى انهيار جسر فرنسيس سكوت كي في ولاية ماريلاند الأميركية إلى طرح تساؤلات عن حالة هذا الجسر والجسور في الويلات المتحدة بشكل عام.
وأدى انهيار الجسر، الثلاثاء، إلى تعطيل التجارة من ميناء بالتيمور، الذي تعامل مع 81 مليار دولار من البضائع الأجنبية في عام 2023. وقد تكلف إعادة بناء الجسر مئات الملايين من الدولارات.
وفي عام 2021، انحرفت سفينة الحاويات الضخمة “إيفر جيفن” بشكل جانبي في قناة السويس الضيقة، مما أدى إلى عرقلة ممر تجاري مهم بين أوروبا وآسيا.
وتأثر الاقتصاد العالمي بجنوح سفينة الحاويات العملاقة في قناة السويس، التي يبلغ حجم التجارة فيها ما يصل إلى 10 مليارات دولار يوميا.
ووقع هذان الحدثان بفارق 3 سنوات تقريبا وعلى بعد أكثر من 8 آلاف كيلومتر من بعضهما البعض، وفي ظروف مختلفة إلى حد كبير، لكنهما يشملان سفينتين عملاقتين من النوع الذي أصبح العمود الفقري للتجارة العالمية الحديثة، وفق الصحيفة.
وتعرف “إيفر غيفن” بالسفينة الكبيرة جدا، حيث يبلغ طولها أكثر من 1300 قدم تقريبا، وتبلغ حمولتها الإجمالية 220 ألف طن.
أما سفينة “دالي” التي اصطدمت بجسر “فرانسيس سكوت كي”، فعلى الرغم من أنها لا تزال هائلة على المستوى البشري، فإنها أصغر من نظيرتها “إيفر غيفن”، إذ يبلغ طولها حوالي 980 قدما وحمولتها الإجمالية أقل من 100 ألف طن.
وتعد “إيفر غيفن” و”دالي” بعيدتان كل البعد عن أول سفينة حاويات ناجحة في العالم، وهي سفينة بخارية سافرت من نيوجيرسي إلى تكساس في عام 1956.
ويتم شحن حوالي 90 بالمئة من التجارة الدولية من حيث الحجم عبر المحيطات، حيث تجتاز سفن الحاويات العملاقة هذه العديد من النقاط الجيوسياسية الساخنة، إذ أدركت الجهات الفاعلة أن منع سفينة أو سفينتين يمكن أن يكون له تأثير عالمي يفوق بكثير نفقاتها الأولية.
وفي حين أن التجارة البحرية تتأثر دائما بالحرب، فإن حجم السفن الحالية يعني أن هجوما واحدا ناجحا بصاروخ أو طائرة بدون طيار، يمكن أن يعيق ناقلة تحمل مئات الآلاف من الأطنان من الحمولة.