أكد الخبير السياسي وأستاذ العلوم السياسة في جامعة القاهرة، مصطفى كامل، أن الحكومة المصرية تحرص دائما على الاتصال مع الحكومة السورية، لما بينهما من شراكة هامة في العديد من القضايا القومية الكبرى “لم تستطع القطيعة محوها”.
وقال كامل إن “الحكومة المصرية كانت دائما حريصة على الاتصال بالحكومة السورية، خاصة وأنها ترى أن الأزمة السورية تتمثل بشكل رئيسي في خطر وجود جماعات إرهابية، كانت تعاني منها مصر سابقا”.
ولفت إلى أن حرص مصر على هذا التواصل تُرجم على أرض الواقع في زيارة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، مطلع أبريل الجاري، إلى القاهرة واجتماعه مع نظيره المصري، سامح شكري، متابعا: “الزيارة استهدفت مباحثات حول ملفات هامة أبرزها دعم المنطقة العربية لسوريا، وعودة العلاقات”.
وأضاف كامل: “مصر تستهدف إيجاد حل للتسوية السلمية في دمشق، ويساعدها على ذلك بدء إقامة بعض الأطراف الخليجية علاقات مع سوريا، كالإمارات، وكذلك الأردن، مع عدم ممانعة الحكومة السعودية لعودة سوريا للجامعة العربية في الوقت المناسب”.
وأجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمس الأحد، اتصالًا هاتفيًا مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، جير بيدرسون، بهدف التشاور حول إيجاد سبل لدفع الحل السياسي، والتأكيد على “دعم مصر الكامل لجهود المبعوث الأممي للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة بملكية سورية اتساقًا مع قرار مجلس الأمن رقم 2254″، وفق بيان الخارجية المصرية.
وتابع الخبير المصري أن عودة العلاقات على مستويات مختلفة “يعطي مؤشرات مشجعة”، مستطردًا: “عودة سوريا لمصر وللجامعة العربية هي مطلب للعرب كافة، والتحليل المنطقي للمشهد على الساحة يدفع إلى ترجيح استئناف الوفود الدبلوماسية عملها في دمشق بعد قطيعة سنوات”.
وحول مشاركة سوريا في القمة العربية المقبلة في السعودية، رأى كامل أنه “من الحكمة استئناف الرياض علاقتها مع دمشق، وذلك لتقليص اعتماد الأخيرة على طهران، ما يحقق وجود قوة عربية معادلة توازن التواجد الإيراني والتركي هناك، وبلا شك ستناقش القمة المقبلة عودة سوريا لمقعدها”.
وكشف مصدر في وزارة الخارجية السعودية، في تصريح لقناة “الإخبارية” السعودية، في 23 مارس الماضي، عن بدء مباحثات مع وزارة الخارجية السورية لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية، وجاء التصريح تعليقا على ما تداولته بعض وسائل الإعلام الدولية بشأن اتفاق دمشق والرياض على إعادة فتح سفارتي البلدين بعد أيام من افتتاح القنصلية السعودية في دمشق.
ومن جانبه قال الخبير في الشؤون الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمحلل السياسي، أحمد قنديل، إن “الزيارات الأخيرة بين وزيري خارجية مصر وسوريا، والاتصال بين شكري وبيدرسون، والاتصال الذي أجراه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع نظيره السوري، بشار الأسد، للتعبير عن تعازيه في ضحايا الزلزال المدمر، تمثل جميعها دلائل على الرغبة في عودة العلاقات بين البلدين”.
ورجّح المحلل السياسي أن “تشهد الفترة المقبلة لقاء بين السيسي والأسد”، متابعا: “قطع الاتصال مع سوريا على مدار السنوات الماضية، لم يحقق أي منافع لدمشق أو للدول العربية، وذلك بالقياس على الأصعدة كافة”.
وشدد على أن “مصر كانت من بين الدول التي تحاول منع انهيار الدولة السورية وتحرص على وحدة أراضيها، وفرض سيادتها الكاملة عليها”.
ورأى المحلل السياسي أن “مصر دائما ما لعبت دور الوسيط في عدد من الملفات نظرا لما تتمتع به من علاقات دبلوماسية”، متابعا: “نتوقع أن تؤدي هي والإمارات دورا هاما في استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية”.
واختتم بالقول إن “العلاقات العربية – السورية المزدهرة مؤخرا، من المتوقع أن تُفرد لها مساحة على جدول أعمال القمة العربية القادمة في الرياض، والمقررة في 19 مايو المقبل، حيث ستجرى مناقشة فك عزلة دمشق وعودتها للعرب ولمقعدها في الجامعة”.
هذا وعلّق مجلس جامعة الدول العربية، في نوفمبر 2011، عضوية سوريا على خلفية الموقف من الصراع الدائر في هذا البلد.
وكانت السعودية قد أغلقت سفارتها في دمشق، في مارس 2012، إلى أن شهدت العلاقات بين البلدين تحسنا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، خاصة على ضوء ما ذكره وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، في تصريحات صحفية، في 8 مارس الماضي، من أن التواصل مع الأسد قد يؤدي إلى عودة سوريا إلى الجامعة، ولكن مناقشة هذه الخطوة سابقة لأوانها في الوقت الحالي.
وأعرب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، مطلع أبريل الجاري، خلال زيارته إلى لقاهرة، والتي تعد الأولى لوزير خارجية سوري منذ نحو 14 عاما، عن تطلع بلاده إلى مزيد من التضامن العربي معها خلال المرحلة المقبلة.
وتشهد العلاقات المصرية – السورية، ديناميكية إيجابية ملموسة، في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمالي سوريا وجنوبي تركيا، في 6 فبراير الماضي، إذ أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتصالا هاتفيا، مع نظيره السوري بشار الأسد.
كما قام وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بزيارة إلى دمشق والتقى نظيره السوري، فيصل المقداد، وأيضا الرئيس بشار الأسد، في أعقاب الزلزال المدمر، فيما تمثل الزيارة الأولى لوزير خارجية مصري منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011.
ونقل شكري رسالة تضامن ومؤازرة من حكومة وشعب مصر إلى سوريا، جرّاء الزلزال المدمر.