«وتبقى الروح»
بمشاهد من الريف المصري ووجوه أولاد البلاد وأبنية القاهرة التاريخية والنوبة والإسكندرية والمشاهد الطبيعية والأزهار، يقدم الدكتور فريد فاضل معرضه الجديد «وتبقى الروح»، في دار الأوبرا المصرية بقاعة صلاح طاهر، بأعماله التي تبرز الأصالة وروح الأشياء بألوان مشرقة نابضة بالحياة تصل بسهولة لعين المشاهد وقلبه.
تبدو الأعمال للمتلقي وكأنه صورة مأخوذة بكاميرا، بألوانها وتفاصيلها الدقيقة، بأسلوب فريد فاضل المتفرد في الواقعية المحملة بالروحانية التي تلتقط الجمال أينما كان، فيقدم في معرضه السنوي الجديد الذي يستمر خلال الفترة من 3 إلى 8 فبراير، نحو 50 لوحة جديدة تمثل كل ما تتوق إليه نفسه ناهلا الإبداع من مصادر إلهامه المفضلة من التراث المصري والتاريخ والحاضر وربوع المحروسة من شمالها إلى جنوبها.
الروح هي ما يركز عليه فريد فاضل في أعماله، فيرى أنه صارت من سمات عصرنا الحالي الإلهاء وتشتيت الفكر لكثرة المتاح من مغريات تحاصرنا من كل جهة، وبصفة خاصة الهواتف المحمولة، وأنه رغم التقدم التكنولوجي والثورة المعلوماتية قد أتاحا للإنسان الحصول بسرعة وسلاسة على كل ما ينشد من المعرفة في ثوان معدودة وفي أي مكان وزمان، إلا أن الإنسان يدفع الثمن باهظا من تركيزه وقيمه وعلاقاته الأسرية وحياته الروحية وهويته الثقافية والأخلاقي.
الروح وحماية القلب
وكان الحل من وجهة نظره، يكمن في جبهة داخلية قوية ومتينة تعرف أولوياتها جيدا، وتبنى سورا منيعا حول القلب فلا يدخله إلا الحقيقي والطيب والأخلاقى والإلهى، وهنا يأتي دور الروح التي تفحص كل شيء بتروٍ وتأن، وتسمح فقط لما يجتاز الامتحان بنجاح أن يدخل ليجد مكانا في القلب، قائلا إن الإنسان الحكيم يقلص الاختيارات من وفرة المتاح بسرعة، يصم أذنيه ويغمض عينيه عن ضوضاء الدعاية الكاذبة المتخمة بالإغراءات المثيرة للغرائز، وهكذا يستعيد تركيزه والتفكير السليم الذي يفتح بدوره الأبواب الصحيحة.
فيقدم تلك المجموعة من الرسوم واللوحات الزيتية بعد صمت يخفى نبوءة الإبداع الوليد مختلطا بمشاعر عميقة احتضنها قلبه لعشرات السنين، تحمل الفرح والأنين، لكل ما استقر بقلبه وتفاعل مع مشاعره وأعاد ترتيب أفكاره، فيأتي هذا المعرض بعد عامين من العزوف عن العرض.
ذهب النوبة وأشجانها
ويطرح فريد فاضل موضوعاته المميزة: الورود الجميلة الصامتة، ذهب النوبة وأشجانها، الوجه الصعيدى الأصيل، بحر الإسكندرية ولهو أطفالها الأشقياء، وجولاته في شوارع القاهرة التاريخية والطيور السيدة مريم العذراء وآلام السيد المسيح.
ويقول: «ترتبط روح الفن الأصيل بالضمير الإنساني اليقظ، الذي يدرك بشاعة الاعتداءات على الإنسانية، ويعي حقيقة خطية الإنسان وسقوطه الواضح وغياب العدل في تصرفاته أفرادا وجماعات بل في المحافل الدولية أيضا، وعندما ينام الضمير تموت الروح وتتجمد أطرافها تحت صقيع الظلم والطغيان».
وفي ظل مشاهد قتل الآلاف في فلسطين بدم بارد وغياب الاحتفالات في قرية بيت لحم التي ولد فيها المسيح منذ أكثر من ألفي عام وانتفاضة شعوب العالم لرفض التطهير العرقي ومجازر العدوان على المدنيين، قرر أن يضم إلى لوحات هذا المعرض لوحة «المسيح المصلوب» كصلاة لأطفال غزة الأبرياء، الأحياء منهم والأموات. يشرف على المعرض الدكتور خالد داغر، رئيس دار الأوبرا المصرية ووهبة مراد مدير عام المعارض بدار الأوبرا، ومن المرتقب أن يفتتح في حضور عدد من الوزراء والسفراء ومحبى الفنون ونجوم السنيما.