تشير توقعات خبراء الاقتصاد في مصر إلى أن تحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل مقابل الدولار أصبح حتميًا.
ويرى خبراء أن العديد من القطاعات باتت تعامل بسعر السوق السوداء وسعرت منتجاتها على هذا الأساس، منها الذهب وقطاع السيارات، والعديد من البضائع والمنتجات المستوردة.
وفي الأمس، قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري في اجتماعها، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25 في المئة و22.25 في المئة و21.75 في المئة، على الترتيب.
ويصل سعر صرف الجنيه في السوق السوداء لأكثر من ضعف السعر الرسمي الذي يقارب 31 جنيه لكل دولار.
كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75 في المئة.
وفق الآراء الواردة في التقرير، فإن تأخير تحرير سعر الصرف يتسبب في بعض الأضرار، منها زيادة الفجوة التمويلية، في الوقت الذي يتطلب فيه إجراء العديد من الخطوات، لعدم الوقوع في سباق مع السوق السوداء، إذ تصبح الحكومة مطالبة بتوفير العملية الأجنبية بالسعر الذي تحدده من أجل القضاء على السوق السوداء.
من ناحيته، قال الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي المصري، إن بيان البنك المركزي بشأن رفع سعر الفائدة تضمن ثلاث نقاط في غاية الأهمية.
وأن بيان البنك تضمن الاعتراف بوجود ضغوط تضخمية، وأنها مستمرة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة لتأكيده على ارتفاع المعروض النقدي، والذي ترتب عليه رفع سعر الفائدة لجذب الفائض للبنك وتقليل السيولة.
وتابع أن البنك أشار إلى أنه سيعمل على ضبط المالية العامة، وتتمثل في الدعم الموجه للمحروقات والتي يمكن أن يخففها، ما سيترتب عليه ارتفاع نسبة التضخم.
ويرى أنيس أن الحكومة تحاول إعادة ضبط سعر الصرف ومعدلات التضخم التي يمكن تحملها، الأمر الذي يتطلب حزمة من الإجراءات مالية ونقدية، إذ يتمثل الإجراء الأول في رفع سعر الفائدة، فيما يترقب تحرير سعر صرف الدولار.
ولفت إلى أن تحريك سعر الصرف يتطلب القدرة على توفير الدولار في البنوك، لكن الأمر قد يتجه إلى تحرير سعر الصرف بشكل كامل، من أجل القضاء على السوق السوداء.
وأشار إلى أن تأخير تحرير سعر الصرف يؤدي إلى اتساع الفجوة التمويلية الدولارية، لكن الأمر يتطلب الانتهاء من الاتفاقيات الخاصة بالتمويلات الأجنبية والقروض.
وشدد على ضرورة وجود سعر واحد لسعر الجنيه أمام الدولار، والعكس أيضا، من أجل التغلب على الأزمة الراهنة.
فيما قال الدكتور هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي، إن نسبة رفع الفائدة بـ2 في المئة تشير إلى أن تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار لن يحدث في الوقت الراهن.
وأضاف، أن هناك نحو 10 مليارات دولار من البنك الدولي وشركاء آخرين، ليس منهم الشركاء التقليديين” الخليج”.
ويرى أن البنك المركزي لن يقدم على التحرير الكامل لسعر الصرف، نظرًا لعدم قدرة الجانب الرسمي على مجاراة ما قد يحدث في السوق السوداء للعملة، وهي عملية أشبه بـ “المقامرة” فقد لا تستطيع الحكومة تحقيق التوازن فيها.
ولفت إلى أن سعر الصرف أصبح محررا منذ فترة في العديد من القطاعات، منها السيارات والذهب، فيما تتبقى السلع الاستراتيجية التي تمولها الدولة، والتي تدخل دون جمارك.
ولفت إلى أن البديل الوحيد الحالي يتمثل في الضغط الشديد على الاستيراد بنسبة 20 في المئة، بحيث يمكن الاستغناء عن السلع غير الضرورية، ويمكن الاعتماد بشكل كبير على المنتجات المحلية.
وزار فريق بعثة صندوق النقد الدولي بقيادة إيفانا فلادكوفا هولار، القاهرة خلال الفترة من 17 يناير إلى 1 فبراير الجاري، بهدف إجراء مناقشات نحو استكمال المراجعة الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح في مصر، الذي يدعمه صندوق الصندوق الممدد (EFF) التابع لصندوق النقد الدولي.