من المثير والعجيب عند الحديث عن أزمة نجد من يتحدث عن حلول أو مقترحات للخروج من هذه الأزمة، وهو مقتنع بها ويُعدد النماذج ويُقدم الأدلة والبراهين، وعندما تتحرك الدولة لمواجهة الأزمة بتطبيق بعض ما كان يتحدث عنه نجده ينتقد توجه الدولة رغم أنها تطبق ما كان يُنادى به.. نموذجا سمعنا كثيرا عن أهمية استعادة مصر للقوة الناعمة الخاصة بها فنيا وثقافيا وسياسيا، وأهمية ذلك للخروج من أزمة كالأزمة الاقتصادية، لأن عودة القوة الناعمة تساعد على تنشيط السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وسمعنا أيضا أنه ليس من المعقول أن نترك الآخرين يسحبون البساط من تحت أقدام المصريين مهما كانت ظروفنا وتحدياتنا، وأنه لابد أن تبقى الريادة لمصر في كافة المجالات، كل هذا جميل، لكن لماذا يتم انتقاد الدولة عندما تدعو إلى مؤتمر دولى أو إقامة مهرجان عالمى رغم علمنا جميعا بأن مثل هذه المهرجانات أو المؤتمرات أحد الحلول والمسارات المهمة للتأكيد على الريادة والقوة الناعمة للدولة المصرية والخروج من أزمة معينة !
والسؤال الآخر، أليس كما نُنادى بضرورة توطين الصناعات والتكنولوجيا يجب أن نعى أهمية توطين أدوات القوة الناعمة مثل المهرجانات والمؤتمرات الدولية متنوعة المجالات، لنكون لدينا سياحة للمهرجانات وسياحة للمؤتمرات خلاف الاستفادة من روافد وتجليات القوة الناعمة من تنشيط السياحة وتعزيز الاستثمارات، وتوفير العملات الصعبة، والإعلان عن الدولة بشكل يليق بها بالعمل على تحسين صورتها، ومنح متخذى القرار حركة ومرونة للتعامل اقتصاديا وسياسيا ودوليا مما يعود كل ذلك بالنفع على الوطن والمواطن ومقدراته وحتى أمنه القومى في ظل عالم لا يُراعى إلا مصالحه ولا يعترف إلا بالقوة والقدرة !
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن ونحن في ظل مهرجان العلمين الدولى والأكبر في الشرق الأوسط صاحب المليون زائر، ألم يحقق هذا المهرجان في أيامة الأولى من فعالياته رواجا لمصر اقتصاديا واستثماريا؟.. ألم يقدم حالة من الإبهار والتمكّن للدولة المصرية؟.. ألم ينجح في جذب فئات وطبقات عالية الإنفاق من مصر والوطن العربى كانت تتجه بأموالها إلى مناطق أخرى؟.. ألم يُساهم في استعادة القوة الناعمة فنيا ورياضيا لمصر؟..
نرجو أن ننظر إلى الأمور بعين الحقيقة وبمنظور شامل، بعيدا عن الهوى والعشوائية واجتزاء نصف الحقيقة، فالوقت – يا سادة – لا يرحم، والعالم أصبح على صفيح ساخن، والشرف عزّ في هذا الزمن.. فعلينا أن ننظر حولنا كيف تكون الأمور من إقامة مهرجانات ومؤتمرات نالت إعجابنا فلماذا نرفضها عندما تكون على أرضنا؟.. وعلينا أن ننظر كيف يبحث الكل عن مخرج للخروج من آتون الأزمات الاقتصادية المتعاقبة ؟.. وماذا آلت إليه الأوضاع في دول كانت دول! فهل العالم أصبح كما هو أم هو؟.. وهل نرضى بأن نقف موقف المتفرجين!!
نهاية.. نعم لتوطين القوة الناعمة بمجالاتها المتنوعة، فتوطينها – في اعتقادنا – لا يقل أهمية عن توطين الصناعة والتكنولوجيا.. حفظ الله مصرنا الغالية
# ممدوح عبدالفتاح سيد .. مساعد أمين شئون المصريين بالخارج بالأمانة العامة لحزب حماة الوطن ورئيس قطاع المنظمه الدولية لحقوق الإنسان..