أخبار عربية ودولية
من أين يستمد نتنياهو الجرأة أمام رؤساء أميركا؟
مع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على دقّ طبول اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، يختلف خبراء بشأن حجم تأثير الخلاف الحاد حول قرار الاجتياح بينه وبين إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على دعم واشنطن لتل أبيب، وإن اتفقوا في أن الخلاف الجاري لم يسبق له مثيل بين البلدين.
ويتحدّث محللون سياسيون عن خلفيات الخلاف بين نتنياهو، أكثر رؤساء وزراء إسرائيل توليا لهذا المنصب، وبين رؤساء الولايات المتحدة من الحزب الديمقراطي بشكل خاص، ومن أين اكتسب “جرأته” في تصعيده حتى في ذروة الحرب، دون الخشية من فقد الدعم الأميركي.
وبعد نحو 6 أشهر من الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، اتّسعت دائرة الخلافات بين نتنياهو وبايدن، خاصة بشأن العملية العسكرية الواسعة التي تعتزم تل أبيب شنّها في مدينة رفح الفلسطينية، وملف المساعدات الإنسانية لسكان غزة، ومن سيحكم القطاع بعد انتهاء الحرب.
ووصلت الأزمة لذروتها بعد أن امتنعت واشنطن، لأول مرة منذ بدء الحرب، عن استخدام حق النقض “الفيتو” ضد قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، 26 مارس الجاري، ورد نتنياهو بإلغاء سفر وفد إسرائيلي إلى واشنطن لبحث عملية رفح، قبل أن يهدِّئ من رد فعله، ويوافق على سفر الوفد.
خلافات سابقة مع الديمقراطيين
- في عام 1996، ألقى نتنياهو محاضرة شعر فيها الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، أنه يقدّم المواعظ أو الأوامر لواشنطن؛ ما أغضب الأخيرة، وفق ما نشرته مجلة “تايم” الأميركية مؤخرا، وبعد تركه منصبه، قال كلينتون في سبتمبر 2011 على هامش مؤتمر “مبادرة كلينتون الدولية” في نيويورك، عن أسباب تدهور عملية السلام، إن نتنياهو “قتل عملية السلام في الشرق الأوسط”.
- شكّل إصرار نتنياهو على التوسّع في الاستيطان ملفا شائكا بينه وبين الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وخلال عهده امتنعت واشنطن عن التصويت ضد قرار في مجلس الأمن الدولي، يدين المستوطنات أواخر عام 2016.
- كما أنّ توقيع أوباما اتفاقا مع إيران حول برنامجها النووي، دفع نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس، انتقد فيه هذا الاتفاق، متجاوزا البروتوكول التقليدي؛ ما أثار غضب مسؤولي البيت الأبيض.
في المقابل، جاءت العلاقات بين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق من الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، أكثر هدوء، خاصةً أن ترامب لم يدخل في أزمات مع تل أبيب بشأن المستوطنات، كما رعى “السلام الإبراهيمي” الذي أنتج اتفاقيات سلام بين إسرائيل والإمارات وبين إسرائيل والبحرين.
ماذا وراء “جرأة” نتنياهو في الخلاف؟
يتّفق المحلل السياسي الإسرائيلي، إلحنان ميلر، في أنّ التوترات الحاصلة الآن بين نتنياهو وبايدن ليست جديدة، بل هي تكرار لما وقع بينه وبين عدد من الرؤساء الأميركيين الديمقراطيين.
ويُرجع ميلر ذلك إلى أن نتنياهو يعتقد أن ذلك يقوّي موقفه في معسكر اليمين الإسرائيلي، “وهو يشعر أن هناك دائما ضغوطا خارجية يُحاول إبعادها، وإظهار نفسه زعيما قويا أمام جمهوره داخل إسرائيل”.
ويشير عضو الحزب الديمقراطي الأميركي مهدي عفيفي إلى سبب آخر وهو اعتماد نتنياهو في مواجهاته مع الديمقراطيين على علاقته القوية مع “اللوبي الصهيوني داخل أميركا وعلاقاته المتشعبة بأعضاء الكونغرس؛ ولذلك فهو يعرف كيف يضغط على البيت الأبيض”.
وتقليديا، يعدّ اللوبي الصهيوني من المؤيدين للحزب الديمقراطي وصاحب تأثير في حملاته الانتخابية؛ خاصة أنه الحزب الأقرب لوضع قوانين تخدم الأقليات.
وعلى هذا، يرى عفيفي أن مما يشجّع نتنياهو أنه “يعتمد على أن الدعم الأميركي مهما حصل سيستمر، كما حدث في عقود سابقة؛ ما جعله يشعر بأنه لا يمكن الضغط عليه”.
لكن أستاذ العلاقات الدولية حامد فارس يرى أن الخلاف الحالي بين نتنياهو وبايدن “مختلف جزئيا وكليا” عمّا سبقه.
ويستدل على ذلك بأن:
- أفعال حكومة نتنياهو تُحرج البيت الأبيض، وهو لم يستمع إلى النصائح الأميركية منذ بداية الأزمة، ولم يسمح للولايات المتحدة بتهدئة الأوضاع.
- الحكومة الإسرائيلية في ظل تأثير وزراء اليمين المتطرّف، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، تلوّح بأنها لا تحتاج إلى الدعم الأميركي.
هل يتوقّف الدعم؟