Site icon مصر 30/6

’من هنا وهناك’ بقلم د سامح توفيق … افتتاح معبد “إيزيس” بعد 150 عاما من اكتشافه

د سامح توفيق

لسنوات عديدة ظل معبد إيزيس بمحافظة أسوان جنوب مصر مأوي للطيور والخفافيش قبل أن تقرر وزارة السياحة والآثار المصرية وضعه في قائمة أعمال الترميم، وعقب عامين من العمل داخل الصرح الأثري الكبير أصبح جاهزا لاستقبال الزوار لأول مرة بعد اكتشافه منذ 150 عاما.

ولا شك أنه تم بزل جهد كبير في ترميم المعبد وتطويره، والإرتقاء بالخدمات السياحية به، لذا وجب توجيه الشكر لجميع الأثريين والمرممين المصريين على إخلاصهم وتفانيهم في العمل رغم ظروف جائحة فيروس كورونا.

يقع معبد إيزيس الذي يبلغ طوله 19 متر وسط منطقة سكنية بوسط مدينة أسوان، وتعود أهميته إلى تشييده في عهد الملك بطليموس الثالث لعبادة الإله إيزيس، وقد تم العثور عليه في حالة جيدة  عام 1871 خلال مد خط سكة حديد بالمنطقة.

وخلال السنوات الماضية قررت البعثة السويسرية القائمة على أعمال تنقيب في أسوان، استخدام المعبد كمخزن للحفائر، وهو ما لفت الانتباه من جديد إلى أهمية المكان وضرورة التدخل لإعادة إحيائه بعد عقود من الإغلاق.

وفي مطلع يناير 2019 تم الموافقة على بدء عمليات الترميم، ومباشرة انطلق مجموعة من المرممين للوقوف على حالة المعبد. وعندما دخل الفريق المعبد، واجههم ظلام دامس ورائحة غير جيدة وحركة عشوائية من الطيور حولهم، ليدركوا أن  عليهم وضع خطة للتعامل مع تلك الصعوبات. ومن المعاينة تبين أن معبد إيزيس بُني من الحجر الرملي، بداخله صالة تضم 3 حجرات وفي الجدار الشرقي من الحجرة الوسطى يقع قدس الأقداس ونقوش خاصة بتقديم القاربين، وللمكان باب رئيسي تعلوه حلية وقرص شمس مجنح، وبابا جانبي لدخول وخروج الكهنة، وفي محيطه أبنية من الطوب اللبن استخدمت كثكنات للجنود الرومان.

واحتاج المعبد إلى عمل شاق لإزالة فضلات الطيور والخفافيش من الجدران، وصيانة السلالم والموائد، وإعادة الأسقف إلى صورتها الأولى وإضافة الخدمات السياحية الخاصة بالزوار.

وقيمة المعبد الأثرية كبيرة، ومن المتوقع أنه سيصبح واجهة لمحافظة أسوان أمام المصريين والسياح الأجانب بعد افتتاحه، لذلك تم ترميمة بخطوات سليمة وبمهارة عالية.

وقد تم تهيئة المعبد للترميم، بإغلاق النوافذ التي يعبر منها الطيور والخفافيش، وأزالة فضلاتها وبيوتها الصغيرة المثبته في أنحاء المعبد، واستعانوا بالطرق الميكانيكية لتنظيم قدس الأقداس من دماء الخفافيش، وذلك بالفرش والمشارط وهي الأكثر أمانا في التعامل مع الآثار، لكننا استكملنا عملنا بمواد كيماوية خاصة بالترميم حتى نتمكن من القضاء على الفضلات والدماء الكثيفة العالقة على الجدران.

كما تم تنظيف الأسقف من السناج (هباب الفحم) والنقوش من البقع والأتربة، وتقوية مدخل المعبد بمواد خاصة بالترميم، واستكمال أجزاء مفقودة في الأعمدة، واستعادة بريق الألوان الموجودة على الرسومات.

ويرجح أن المعبد عاش فيه مجموعة من القساوسة في القرن السادس الميلادي، ويدل على ذلك وجود صلبان على الأعمدة ومذابح ونقوشات في الغرف المختلفة فضلا عن المناظر الموجود على الجدار الخارجي للمكان.

وكان هناك إصرار على استكمال الترميمات في “إيزيس” للانتهاء منها سريعا من أجل افتتاحه تزامنا مع العيد القومي لمحافظة أسوان.

وبالنسبة للإجراءات الإحترازية للعمل خلال تفشي فيروس كورونا في مصر والعالم، كان الحرص على التباعد لمسافات خلال ترميم القطع الأثرية، وتوزيع المرممين للعمل في غرف مختلفة بجانب ارتداء الكمامات طوال الوقت، وانتهت التجربة بدون وقوع أي إصابات بين الفريق.

كذلك انضم فريق عمل هندسي إلى المشروع لوضع مسار للزيارة سواء للدخول أو الخروج ووضع تصميم للإضاءة والإنارة داخل المعبد، وعمل لوحات إرشادية وتركيبها خاصة بتاريخ التشييد والاكتشاف وقصة إيزيس.

وتم الانتهاء من الإجراءات الأمنية سواء البوابات الإلكترونية أو مواقع أفراد الشرطة، وتوفير سبل الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا مثل وضع أجهزة تعقيم على الأبواب وأجهزة قياس درجة الحرارة للزائرين.

وكان التحدي كبير للخروج بالمشروع بصورة مشرفة تليق بتاريخ مصر، وليكون معبد إيزيس إضافة كبيرة وجديدة للمواقع الأثرية بأسوان.

وقد افتتح خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري، معبد إيزيس بأسوان بعد الانتهاء من مشروع ترميمه وتطوير ورفع كفاءة الخدمات السياحية به.
وقد تم عمل “كيو آر كود” لتحويل الزائر علي صفحة معبد إيزيس علي الموقع الالكتروني للوزارة لمزيد من المعلومات والصور عنه.
وأوضح الدكتور مصطفي وزيري، الامين العام للمجلس الاعلي للآثار أن أعمال ترميم المعبد شملت ترميم الأرضيات والأعمدة وتنظيف الجدران من مخلفات الطيور والخفافيش، ووضع نوافذ سلك لعدم دخول الطيور مرة أخرى، هذا بالإضافة إلى ترميم وتنظيف النقوش الموجودة على مدخل قدس الأقداس، وإزالة السناج الموجودة بسقفها، كما تم تنظيف الرسوم والألوان الموجودة على مدخل المعبد والباب الجانبي، وصيانة موائد القرابين الموجودة بصالة الأعمدة.
وخلال الافتتاح توجه الدكتور خالد العناني بالشكر للأثريين والمرممين على ما بذلوه من جهد كبير في ترميم معبد إيزيس وتطوير ورفع الخدمات السياحية به.

وقد تم إفتتاح المعبد لزيارة، خلال زيارة وزير السياحة والآثار لمدينة أسوان لإطلاق مبادرة “شتى فى مصر”، من أسوان أقصى المدن جنوبا فى صعيد مصر والذى يتزامن أيضا مع الاحتفال بالعيد القومى لمحافظة أسوان، ومرور 50 عاما على بناء السد العالى.

وعلي هامش الإفتتاح، التقى وزير السياحة والآثار بأصحاب الحرف التراثية بأسوان الذين حرصوا على الحديث معه واستعراض مشغولاتهم اليدوية التراثية ذات الألوان الزاهية والمعروفة بمدينة أسوان. كما حدثهم الوزير عن مبادرة ” شتى فى مصر”، والتى أطلقتها الوزارة ووزارة الطيران المدنى بالتعاون مع غرفة المنشآت الفندقية، وأهميتها فى تنشيط حركة السياحة الداخلية، لافتا إلى أن الهدف من هذه المبادرة فى المقام الأول هو دعمهم وتقديم العون لهم، وذلك فى إطار دعم الحكومة المصرية للقطاع السياحى ومساندة العاملين بالحرف والصناعات الصغيرة والمتوسطة الذين تضرروا من أزمة جائحة فيروس كورونا وضعف الحركة السياحية إلى البلاد.

Exit mobile version