’من هنا وهناك’ بقلم د سامح توفيق: ماذا بعد إحالة بيع الحديد والصلب للجنة الصناعة بمجلس النواب
كانت الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب قد قررت الموافقة على تقسيم الشركة إلى شركتين، شركة الحديد والصلب التى تم تصفيتها وشركة المناجم والمحاجر، ومن المنتظر أن يدخل القطاع الخاص شريكا فيها لتشغيلها خلال المرحلة المقبلة. وأرجعت الجمعية العامة سبب تصفية شركة الحديد والصلب المصرية إلى ارتفاع خسائر الشركة، وعدم قدرتها على العودة إلى الإنتاج والعمل مجددا.
ومن المنتظر خلال الفترة المقبلة أن يتم التباحث مع العمال بالشركة بشأن صرف التعويضات اللازمة لهم وإتمام إجراءات التصفية وهي التي اعترض عليها بشكل كبير المهندس خالد الفقي عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية ورئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية وعدد من العاملين الذين حضروا الجمعية العامة، حيث اعتبر المهندس خالد الفقي أن قرار التصفية قرار خاطئ وساهم فى القضاء على تاريخ كبير لصناعة الحديد والصلب في مصر وللشركة التى تأسست في يونيو عام 1954، وأسهمت في بناء الصناعة فى مصر، محملا رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية محمد السعداوى مسؤلية تصفية الشركة العريقة.
تعويضات العاملين بشركة الحديد والصلب بعد التصفية تبلغ نحو 2 مليار جنيه. وقد تم تدبير المبلغ بالكامل قبل إعلان القرار الرسمي، خاصة وأن أصول الشركة تغطي هذه القيمة. ووفقا لتصريحات وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، فإنه من المقرر أن يتم تعويض نحو 7 آلاف عامل في الشركة، مع استمرار الاحتفاظ بنحو 400 عامل في الشركة الجديدة. وأوضح المصدر، أنه من المقرر أن يتم تمويل عملية تعويضات العمال من خلال إيرادات بيع الأصول التابعة للشركة، لكن ذلك سيتطلب وقتا. وحتى تتم عملية البيع حصلت الوزارة على قرض معبري من البنوك بضمان من وزارة المالية لتمويل التعويضات. بالإضافة إلى الحصول على مقدمات مقابل المشاركة على أراضي الشركة مع هيئة المجتمعات العمرانية، حيث أن أراضي الحديد والصلب دخلت ضمن البروتوكول الموقع مع وزارة الإسكان لاستغلال الأصول غير المستغلة التابعة لوزارة قطاع الأعمال. ومن المتوقع أن تستغرق عملية تقسيم الشركة وإنشاء الشركة الجديدة وطرحها للتداول في البورصة نحو شهرين، فيما تستغرق عملية تصفية الشركة الأم نحو عامين.
وبعد صدور قرار الجمعية العمومية، قامت عدة جهات في مصر بتحركات عاجلة بعد قرار تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست عام 1954 في عهد جمال عبد الناصر، شركة الحديد والصلب، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام.
طالب رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، شعبان خليفة، الحكومة بإصدار بيان لتفسير قرار الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية بتصفية الشركة. وأكد خليفة، في بيان له، أن هذا القرار ستترتب عليه آثار سلبية، خاصة على أصحاب الطبقة المتوسطة، في ظل لظروف الاقتصادية الحالية، وعلى 7500 عامل وأسرهم، مشيرا إلى أن الجمعية العمومية اختارت التصفية كحل أسهل دون الخروج بحل بديل خارج الصندوق لانتشال الشركة من نزيف الخسائر، إذ بلغت إجمالي خسائرها حوالي 9 مليارات جنيه مصري، وكان من الممكن مناقشة حلول أخرى كالشراكة مع القطاع الخاص، أو منح الدولة تسهيلات للشركة في مجال التصدير. وطالب رئيس الوزراء بتكليف الجهات المختصة: “بالتحقيق مع المتسبب في خسائر الشركة العريقة، والكشف عن الأسباب التي أدت إلى وصول الشركة إلى هذا المستوى، وتقديمه إلى القضاء”، مشيرا إلى ضرورة بيان موقف 7500 عامل وطني وماهر ومدرب ومثقف يعملون فيها، والتأكيد على حرص الحكومة على حقوقهم القانونية المشروعة.
من جانب آخر، أقام المحامي المصري، سمير صبري، دعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال ورئيس مجلس إدارة شركة الحديد والصلب المصرية، والممثل القانوني للشركة القابضة للصناعات المعدنية، “لوقف تنفيذ القرار الصادر بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية“. وقال في دعواه إن شركة الحديد والصلب المصرية شهدت الكثير من الأحداث، وكانت شاهدا على الصناعة التي تأسست عام 1954 بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر، وتمتلك أصولًا ضخمة غير مستغلة، منها أراضٍ تصل إلى 790 فدانا بحوزة الشركة وضع يد بمنطقة التبين، وكذلك 654 فدانًا وضع يد بالواحات البحرية، إضافة إلى 54 فدانا مشتراه من الشركة القومية للأسمنت منذ عام، وقطعة أرض بمساحة 45 ألف متر مربع بأسوان. وأوضحت الدعوى أن قرار التصفية يأتي تدميرا لهذا المشروع الصناعي العريق وتشريدا لمئات من العاملين.
كما تقدم رئيس حزب العدل والنائب في البرلمان المصري الجديد “عبد المنعم إمام”، بطلب إحاطة لرئيس البرلمان المستشار “حنفي جبالي”، موجها لرئيس الوزراء حول تصفية شركة الحديد والصلب الموجودة منذ عهد جمال عبد الناصر. وقال “عبد المنعم إمام” في طلبه إن “قرار الجمعية العامة للحديد والصلب والصادر بتاريخ 11 يناير 2021 بتصفية شركة الحديد والصلب وهي قلعة صناعية وطنية كبرى، سيكون له تأثير مدمر على آلاف من العاملين بالشركة. وأضاف أن شركة الحديد والصلب تعمل في قطاع صناعة استراتيجية يجب أن تحقق أرباحا ضخمة تعطي قيمة مضافة كبرى للاقتصاد المصري وبدلا من محاسبة من قاموا بتحويلها من شركة تكسب عشرات المليارات سنويا لشركة خاسرة مكنهم من تصفية الشركة وتشريد 7500مهندسا وفنيا وموظفا مع أسرهم . وطالب رئيس حزب العدل الحكومة بوقف قرار التصفية فورا وتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الظروف التي أدت لخسائر الشركة، والعمل على إعادة تأهيلها وتزويدها بالمعدات والكوادر القادرة على تحويلها لشركة رابحة. وأشار إلى أن مصنع الحديد بحلوان أكبر شركة للحديد والصلب وأول شركة في الشرق الأوسط، وهي مدرجة بالبورصة المصرية، وتتوزع ملكيتها بين: القابضة للصناعات المعدنية بنسبة (82.5%)، وبنك مصر بنسبة (5%)، ومصر للألومنيوم (2%)، والنصر للتعدين (1%).
كما نظم عمال شركة الحديد والصلب وقفة بمقر الشركة بعد قرار الجمعية العامة غير العادية برئاسة محمد السعداوى رئيس القابضة المعدنية مؤخرا بتصفية الشركة. حيث إن هناك حالة رفض من العمال لقرار التصفية نظرا لإمكانية تطوير وتحديث الشركة التى تمتلك أصولا لا تقل عن 100 مليار جنيه بحسب تعبيرهم. وطالب العمال بتدخل الدولة لوقف قرار التصفية وتشريد حوالي 8 آلاف عامل مع ضخ أموال للتطوير.
وفي مجلس النواب، شهد حالة من الغضب أثناء مناقشة وزير قطاع الأعمال، الدكتور هشام توفيق، فى بيع شركة «الحديد والصلب» خلال الجلسة العامة، حيث رد النواب بقوة على بيان الوزير، وعارضوا الأرقام التى قدمها، ورفض النائب “مصطفى بكرى” موقف الوزير خاصة التقليل من قيمة الشركات بشكل ملحوظ، وذكر في كلمته: «لدىّ وثائق أن الشركة القابضة قيّمت أرض الشركة على النيل مباشرة بـ495 جنيهًا للمتر، وهو ما يضيع على الدولة 12 مليار جنيه، لأن التقييم الحقيقى يصل بسعر المتر فى هذه المنطقة إلى 5 آلاف جنيه، وهو ما يحتاج لتحقيق»، مطالبًا بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق. وكان وزير قطاع الأعمال، قد قال إن إغلاق مصنع الحديد والصلب بحلوان تأخر عامًا كاملًا، ولو كنت لأعتذر سأعتذر عن هذا التأخير، لأن المصنع لا أمل فيه.
وبعد غلق باب المناقشة، صرح النائب “معتز محمود”، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن المستشار حنفى جبالى، رئيس المجلس، أحال موضوع بيع شركة الحديد والصلب للجنة الصناعة، مؤكدًا أنه بعد الانتهاء من دراسة بيان الحكومة ووضع تقرير بشأنه، سيتم استدعاء وزير قطاع الأعمال العام للجنة لمناقشته. وأشار إلى أن اللجنة طلبت سابقًا الاطلاع على ميزانية المصنع والمستندات الخاصة به، لكن وزارة قطاع الأعمال العام أرسلت بعض الأوراق وكانت غير كافية للوقوف على أسباب قرار الإغلاق، وأشار إلى أن هناك رأيين داخل اللجنة، الأول مع إغلاق المصنع والثانى ضد قرار الوزير، لكن الرأى النهائى للجنة سيكون بعد الحصول على رد الحكومة على الأسئلة المطروحة فى هذا الشأن وبعد التصويت عليه بأغلبية.