رغم أن القاهرة رحبت بالمصالحة بين الأشقاء الخلايجة بشكل عام، إلا أن غياب التفاصيل جعل مشاركة مصر في الأتفاق متحفظة، فما زالت المفاوضات على نهج المصالحة وتفاصيلها مستمرة، والتي سوف تتضح لاحقاً، وبناء على محتواها فإن الموقف المصري سوف يتضح بالتدريج.
ومشاركة وزير الخارجية المصري في القمة استثناء، لأن مصر ليست دولة خليجية، ومشاركتها جاءت على خلفية كونها طرفاً في المقاطعة، فالخلاف القطري/ المصري ربما سيستمر بشكل ثنائي، لأن الخلاف كان موجوداً قبل المقاطعة، وذلك بسبب دور دولة قطر في دعم الأخوان المسلمين المصريين.
وقد يعزي البعض التحول السريع من النقيض إلي النقيض، وتدخل واشنطن التي كثفت ضغطها على الدول المتخاصمة لحل الأزمة، هو رغبة واشنطن محاربة إيران بالوكالة عن طريق السعودية وحلافائها وذلك بغرض عزل إيران.
أما بالنسبة لقطر، والتي لم تفصح حتى الآن عن موقفها من إيران، فإن التقارب مع السعودية، لا يكسبها حليفاٌ خليجياً فقط، بل سيمكنها من التوقف عن دفع رسوم باهظة لإيران مقابل استخدام مجالها الجوي، وذلك مع اقتراب مونديال كرة القدم عام 2022، والذي كان مهماً لها لاستكمال استعدادتها لاستضافة الحدث العالمي.
أما عن المتغيرات الجيوبولوتيكية الآنية الخاصة بالملف الليبي، الذي تنخرط فيه مصر والإمارات ضد تركيا، سوف يكون له دوراً فيما يتعلق بإجراءات المصالحة، والذي يجعل من شرط إغلاق القاعدة التركية في قطر أكثر إلحاحاً من خفض مستوى العلاقات بين قطر وإيران، وهذا يفسر محاولات تركيا الحثيثة للتصالح مع مصر والتي لم تعرها مصر أي أهتمام حتي الآن.
وقد عبر الرئيس السيسي عن ثوابت السياسة المصرية وهي: العمل على تحقيق التعاون والبناء ودعم التضامن العربي كنهج استراتيجي راسخ، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية، إلى جانب أهمية الالتزام بالنوايا الصادقة لتحقيق المصلحة المشتركة، وكذلك التكاتف لدرء المخاطر عن سائر الأمة العربية وصون أمنها القومي.
أنه بموجب الاتفاق ستنهي الدول الأربع “الحصار المفروض” على قطر على أن تتخلى قطر في المقابل عن الدعاوى القضائية المتعلقة بذلك .. والسؤال .. هل الاتفاق سيكتفي بفتح الاجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، أم أته سيحل القضايا العالقة بين الدول الأربع بشكل جذري؟
بعد أن صرح أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أن أتفاق المصالحة محاولة لوضع قواعد لعدم التدخل في شئون البلدان، والاتفاق على القضايا التي تمس الجميع، بما في ذلك التطرف والإرهاب، وضرورة إعادة بناء الثقة لإقامة علاقات شفافة وقوية. وتأكيده على أن حضور مصر وشهودها الإتفاق مهم للغاية، ويبعث برسائل مهمة وواضحة، لأن مصر هي الدولة العربية الرئيسة وكانت جزء من الأزمة، وتوقيع بيان التضامن العربي والتزام مصر به، يؤكد أن هناك رغبة حقيقية من قطر والدول الأربع: مصر والأمارات والسعودية والبحرين للوصول إلى نهاية إلى الأزمة، التي لا شك كانت قاسية. لابد لنا في مثل هذه الأزمات أن ننظر إلى المستقبل بجدية وشفافية، لكي نتعظ منها ونبني سويا الأدوات والآليات نحو علاقات سوية، لا تصل بنا إلى مثل هذه الأزمات صغيرة أو كبيرة.
ما هو مصير قيادات الإرهاب، المقيمين بالدوحة، وما مصير علاقة قطر بإيران وتركيا، الباحثتين عن إحياء الاستعمار القديم، الفارسى، والعثماني؟ بعد المصالحة القطرية مع الرباعى العربى؟ وماذا عن لائحة الـ13 مطلبا التي وضعتها الدول الأربع، منها على سبيل المثال إغلاق قناة الجزيرة وإغلاق قاعدة عسكرية تركية وتقليص تعاون الدوحة مع إيران، هل تم إسقاط هذه المطالب؟، قال قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية: «وجهة نظري، وقلنا ذلك دائما، إن المطالب الـ13 في ذلك الوقت كانت تعبر عن الحد الأقصى للموقف التفاوضي، أعتقد أن ما وصلنا إليه اليوم هو الخطوط العريضة العامة التي تحكم بشكل أساسي العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وفي حالة مصر أيضا وهي عضو في جامعة الدول العربية. وتابع: «هذا ما يمكن تسميته الخطوط العريضة العامة لكيفية تقدم هذه العلاقة، وأعتقد أننا راضون جدا عن هذا، ونريد البناء عليه، ونريد أن ننظر إلى المستقبل للبناء عليه، والتأكد من أن دول مجلس التعاون الخليجي في هذه المنطقة المضطربة للغاية هي أكثر صلابة وتوحيدا وتتطلع للمستقبل بانسجام تام، نحن راضون عن هذا ونريد البناء عليه وننظر للمستقبل دائماً لما فيه مصلحة الجميع».