يراهن الخبراء السودانيين على نجاح الدبلوماسية السودانية في تدويل النزاع الجاري مع إثيوبيا حول أزمة سد النهضة، الذي تبنيه على النيل الأزرق في منطقة منابع النيل ببني شنجول، مؤكدين أن موافقة مجلس الأمن الدولي على عقد جلسة طارئة في الثامن من يوليو الجاري يعتبر خطوة إلى الأمام لصالح مصر والسودان بصفتهما دولتي المصب للنهر.
المعطيات لا تبعث على التفاؤل بنتائج جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة
وصرح الخبير والمحلل السياسي السوداني، “معوض راشد”، إن “أقصى ما يمكن أن يخرج به المجلس هو حث الأطراف المعنية بقضية سد النهضة على مواصلة التفاوض للوصول إلى صيغة توافقية أو اتفاق قانوني”.
وفيما يخص طلب وزيرة الخارجية السودانية، “مريم الصادق” من نظيرها الروسي مساندة بلاده لموقف السودان في قضية سد النهضة، قال “معوض راشد”، إن “اتصالات السودان مع روسيا وغيرها من الدول لدعم موقف السودان ربما تؤتي أكلها في حال إجراء روسيا الاتصالات اللازمة مع إثيوبيا في هذا الصدد”، إلا أنه رأى أن موقف روسيا في جلسة مجلس الأمن
“لن يخرج عن تأييد مسألة حث الأطراف على مواصلة المفاوضات وصولا لصيغة توافقية في قضية الملء الثاني”.
وتابع راشد “ولا أعتقد أن ثمة تصويت سيجرى حول قرار ملزم لأطراف الأزمة حتى يكون لروسيا مثلا حق النقض، في حال لم يكن القرار في صالح السودان، لذا فإن طلب التدخل من روسيا لا محل له من الإعراب في هذه الحالة، وحتى إن وصل الحال لاستصدار قرار أي كان، فإن الأرجح هو أن تمتنع روسيا عن التصويت حفاظا على مصالحها مع الدول الثلاث”.
وحول الظروف الأمنية، التي تمر بها إثيوبيا في الوقت الراهن، وإمكانية ضغطها على أديس أبابا في ملف سد النهضة، قلل راشد من إمكانية تقديم الحكومة الإثيوبية تنازلات في الملف، قائلا “لا أعتقد أن الأوضاع الداخلية ستحمل رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، على تقديم أي تنازل لأن الحكومة الإثيوبية تتعامل مع قضيتها الداخلية وفق خطط متقنة حتى لا تؤثر على موقفها التفاوضي، ولا زال هناك أمل في أن تتمكن آليات الاتحاد الأفريقي من تشجيع الأطراف على العودة للمفاوضات مع تقديم تنازلات من كل طرف وصولا لحل توافقي“.
وفي السياق ذاته، قال رئيس تحرير صحيفة “السودان فويس” الناطقة بالإنجليزية، محمد عبد الله، إن “التحركات الدبلوماسية لوزيرة الخارجية السودانية، يمكن أن نستخلص منها إن هناك تعنتا من قبل إثيوبيا، حيث أنها رفضت كل الخيارات ولذلك تبنت الحكومة السودانية خيار الذهاب إلى الأمم المتحدة، إلا أن الأمم المتحدة، ربما، من باب تلطيف الأجواء، يمكن أن تساعد في تقديم مقترحات”. وأضاف عبد الله، أنه “علما بأن مثل هذه النزاعات يمكن أن تحل إقليميا، لأن مجلس الأمن ليس من اختصاصه التدخل فى مثل هذا الصراع، الذي يعد من الأمور الصغيرة بالنسبة لقضايا وشواغل الأمم المتحدة ومجلسها”.
وحول دعوة السودان لتدخل روسيا في خط أزمة سد النهضة ضد إثيوبيا، قال عبد الله إن “روسيا يمكن أن تلعب دورا مهما فى هذا الشأن، بما لديها من نفوذ وتأثير على كثير من القضايا، وبما أنها من الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولي، فإن السودان يتوقع منها الإسهام فى ايجاد حل لأزمة سد النهضة“. وتابع: “بشكل عام مجلس الأمن الدولي يمكن أن يعقد جلسته إلا أن المؤشرات لا تنبئ بأن المجلس سيصدر قرارا للضغط على إثيوبيا، ولكن يمكن إصدار بيان غير ملزم فيه رجاء لإثيوبيا بعدم ملء السد بدون الوصول لاتفاق يرضي جميع الأطراف”.
وبالمقابل، اعتبر الكاتب الصحافي السوداني، مازن صلاح السيد، أن “انعقاد الجلسة الطارئة للمجلس في الثامن من يوليو الجاري يعتبر تأكيدا علي الاستجابة لطب السودان، وأتوقع أن تختم هذه الجلسة باتفاق شبه كامل، وذلك حسب التوجهات الأميركية في المنطقة الأفريقية، والذي سوف يجعل من إثيوبيا والسودان شركاء النهوض في هذه المنطقة الإقليمية، كما كان الاتفاق عليه قبل الخلاف الذي نشب بين السودان وإثيوبيا”.
وحول التدخل الروسي، حسب طلب السودان، أوضح السيد، أن روسيا تنظر لمصالحها في إفريقيا وخاصة في السودان، وبما أن السودان علق كل الإجراءات المتعلقة بالقاعدة اللوجستية الروسية في بورتسودان، فأعتقد أن المهمة ستكون صعبة.
.وكانت قد أكدت أثيوبيا في أكثر من مناسبة عزمها إتمام الملء الثاني لسد النهضة في موسم الأمطار، مع بداية شهر يوليو الجاري، بغض النظر عن إبرام اتفاق مع دولتي المصب، وتعتبر مصر والسودان إقدام إثيوبيا على الملء الثاني بدون التوصل لاتفاق تهديدا لأمنهما القومي.
كانت الخارجية المصرية قد تقدمت برسالة رسمية ثانية لمجلس الأمن تشكو فيها إثيوبيا وتؤيد طلب السودان بعقد جلسة طارئة حول سد النهضة. قالت فيها “إنه بعد 10 سنوات من المفاوضات تطورت القضية إلى حالة تتسبب حاليا في احتكاك دولي”. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في الرسالة، إن الوضع يشكل تهديدا وشيكا للسلم والأمن الدوليين ويتطلب أن ينظر فيه المجلس على الفور، لإن الوضع يشكل تهديدًا وشيكًا للسلم والأمن الدوليين، ويتطلب أن ينظر فيه المجلس على الفور. وطالبت الرسالة بضرورة عقد جلسة عاجلة تحت بند الأمن والسلم في إفريقيا. و إن مصر اختارت أن تعرض هذه المسألة على مجلس الأمن الدولي عملًا بالمادة 35 من الميثاق.
وكانت مصر قد تقدمت من قبل بخطاب رسمي تشكو فيه إثيوبيا لمجلس الأمن وتعلن اعتراضها على اتخاذ أديس أبابا قرارا منفردا بالملء الثاني لسد النهضة. وتضمن خطاب الخارجية تسجيل اعتراض مصر على ما أعلنته إثيوبيا حول نيتها الاستمرار في ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل والإعراب عن رفض مصر التام للنهج الإثيوبي القائم على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب من خلال إجراءات وخطوات أحادية تعد بمثابة مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق.
وأن خطاب وزير الخارجية، الذي تم تعميمه كمستند رسمي لمجلس الأمن، يكشف للمجتمع الدولي عن حقيقة المواقف الإثيوبية المتعنتة التي أفشلت المساعي المبذولة على مدار الأشهر الماضية من أجل التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة في إطار المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الإفريقي. كما قامت مصر بإيداع ملف متكامل لدى مجلس الأمن حول قضية سد النهضة ورؤية مصر إزاءها، وذلك ليكون بمثابة مرجع للمجتمع الدولي حول هذا الموضوع ولتوثيق المواقف البناءة والمسؤولة التي اتخذتها مصر على مدار عقد كامل من المفاوضات ولإبراز مساعيها الخالصة للتوصل لاتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوقها.
وأعلنت رئاسة مجلس الأمن الدولي عن عقد جلسة الخميس المقبل الثامن من يوليو الجاري حول سد النهضة الإثيوبي، بعد تلقيه طلبا من مصر والسودان بسبب تعنت أديس أبابا في التوصل لاتفاق بشأن آليات تشغيل السد وقواعد ملء خزانه.
وكشفت وسائل إعلام مصرية أن مجلس الأمن أعلن في بيان، يوم السبت:
أنه لن يكون بمقدوره مجلس الأمن حل مشكلة سد النهضة، لكن سيدعو الدول الثلاث إلى الحضور وسيشجّعها على التفاوض.