ثقافة و إبداع

من هي الدولة التي باعت ذهبها ثم عادت لشرائه من جديد؟

قبل 50 عاما من اليوم، كان الاتجاه السائد عالميا إنهاء قابلية تحويل الدولار بسعر الفائدة إلى ذهب، ليعلن عن بدء عصر العملات الورقية بدلا من الهوس بالمعادن الثمينة، لكن خلال الفترة الحالية عاد الذهب للواجهة من جديد، إذ تحول لأداة تحوط ضد الأزمات.

في عالم الاستثمار، يُعَدُّ الذهب من بين الأصول المفضلة التي تتمتع بشعبية كبيرة كملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية والسياسية، إذ تعود شعبية الذهب إلى الخصائص الفريدة التي يتمتع بها هذا المعدن، مما يجعله مُحَصَّنًا ضد التقلبات والمخاطر المحتملة، فهو لا يتأثر بنفس القدر بالعوامل التي تؤثر على العملات الورقية، مثل التضخم أو التدهور الاقتصادي، مما يُجعله محافظًا على قيمته على المدى الطويل.

ونظرًا لمكانة الذهب البارزة، سواء كاستثمار أو كسلعة كمالية، حقق هذا المعدن النفيس عوائد سنوية تقارب 8 بالمئة منذ عام 1971، مقارنة بالأسهم والسندات والسلع، وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن مجلس الذهب العالمي.

تلك الفلسفة الاقتصادية، لم تكن ركيزة لدى جمهورية التشيك، فبعد نيلها استقلالها عمدت إلى بيع احتياطات الذهب بشكل كبير.

قبل ذلك القرار كان لدى البنك الوطني التشيكي 70 طنًا من الذهب، ولاحقا باعت التشيك قرابة الـ 56 طنًا، بين عامي 1997 و1998، ليحل عام 2019 ولم يكن لدى جمهورية التشيك سوى 8 أطنان من الذهب، إلا أن الازمات المتلاحقة التي تضرب العالم اقتصاديا أعادت إحياء فكرة الاهتمام بالمعادن الثمينة من جديد.

منذ عام 2020، بدأت جمهورية التشيك مواطنون وحكومة بإضافة الذهب إلى احتياطياتهم مرة أخرى، حيث ارتفع مخزون الذهب في جمهورية التشيك بمقدار 4.5 طن منذ بداية العام، ليصل إجماليه إلى 16.5 طن. وهذا يعني أن جمهورية التشيك لديها الآن أعلى احتياطي من الذهب منذ عام 1998، إذ زادت وتيرة شرء الذهب في الفترة من يناير إلى مايو من هذا العام، حيث قاموا بتوسيع احتياطياتهم من الذهب بمعدل متوسط قدره 30 كيلوجرامًا يوميًا، ما عكس تمامًا الاتجاه السابق الذي كان يسود في التسعينيات حيث كانوا يبيعون الذهب.

التشيك تستهدف زيادة احتياطها 10 أضعاف

أعلن محافظ البنك الوطني التشيكي، أليس ميشيل، العام الماضي رغبته في زيادة احتياطيات الذهب التشيكية بحوالي عشرة أضعاف إلى أكثر من 100 طن، مشيرًا إلى أهمية التنويع في المحافظ والاستثمارات، حيث يعتبر الذهب أداة تحوط فعالة ضد آثار التضخم وعدم اليقين في السوق. ولهذا السبب فإن المزيد والمزيد من الأسر والأفراد يعتبرونه استثمارًا مناسبًا، على سبيل المثال في ألمانيا يكون (220 جرامًا من الذهب للشخص الواحد) والنمسا (205 جرامًا للشخص الواحد)، حيث يعتبر الذهب بمثابة أداة حماية لحماية الثروة ووسيلة لضمان استقرار الأسرة.

وقال ميشيل: «إذا كان لدينا أفق استثماري لا نهائي، فمن المهم جدًا أن تكون لدينا أصول لا تتحرك في نفس الاتجاه. ومن أجل تنويع المحفظة، فإن حصة 0.25 في المائة من الذهب ليست كافية، فنحن بحاجة إلى 10 أو 10 على الأقل»

وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه البنك الوطني التشيكي في العام الماضي وتأكيده على استراتيجية الشراء، فإنه لا يزال يحتاج لمواكبة الدول الرائدة، الكثير لفعله خلال الفترة الحالية والمقبلة، لمواكبة الدول التي تعتمد في الأصل على الذهب لتنويع استثماراتها، مثل ألمانيا التي يبلغ احتياطي الذهب 3355 طنا، بينما تمتلك فرنسا 2437 طنا، فيما تمتلك إيطاليا 2452 طنا. حتى الجمهورية السلوفاكية القديمة تفوق جمهورية التشيك في هذا الجانب، حيث يدير بنكها المركزي 31.7 طنًا من الذهب.

الأسرة التشيكية تتجه لـ«الذهب» للتحوط ضد الأزمات

وعلى صعيد آخر، أظهرت دراسة جديدة أن حيازات الأسر الخاصة من الذهب في جمهورية التشيك تبلغ ضعف احتياطيات الذهب لدى البنك الوطني التشيكي، ووفقًا للبيانات الرسمية، يمتلك الأفراد في جمهورية التشيك حاليًا 19.35 طنًا من الذهب. وهذا ضعف كمية الذهب المخزنة في خزائن البنك الوطني التشيكي، والتي بلغت 10.6 طن في نهاية عام 2021

في المقابل، يشتري البنك الوطني التشيكي الذهب لاحتياطياته من النقد الأجنبي بشكل متزايد، مع اشتراكات تجاوزت 1.25 طن في عام 2021.

يمكن أن يعكس هذا الاتجاه الزيادة المستمرة في الطلب على الذهب كأداة تحوط واستثمار آمن في وقت الأزمات والتضخم، مما يجعل الذهب موضع اهتمام مستمر من قبل البنوك والأفراد على حد سواء.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights