أخبار عربية ودولية
هل تتجه غزة إلى سيناريو فيتنام؟
دخلت الحرب في قطاع غزة مرحلة بالغة التعقيد في ظل استعداد الاحتلال للمرحلة الرابعة من الحرب باجتياح رفح وسط تعثر المفاوضات مع صمود فاق التوقعات للمقاومة الفلسطينية المستمرة في مواجهة قوات الاحتلال لليوم الـ202 على التوالي.
معسكرات على طول الخط الساحلي للقطاع
ويستعد الاحتلال للمرحلة الرابعة من الحرب المتمثلة في اجتياح رفح؛ عبر تدشين معسكرات خيام عى طول الخط الساحلي للقطاع من خان يونس حتى جنوب وادي غزة وأخرى على الشريط الشمالي الغربي للقطاع في منطقة السودانية مع مضيه قدما في تقسيم قطاع غزة إلى شطرين يتخللهما 4 طرق أمنية ما يفيد بأن إدارة نتنياهو عازمة على مد أمد الحرب والبقاء في القطاع لسنوات.
حرب نفسية
في المقابل يؤكد قادة حماس أنهم مستمرون في مواجهة العدو حتى دحره، ومع استمرار الفصائل في عملياتها في مواجهة قوزات الاحتلال دخل النزاع مرحلة حرب نفسية مع الاحتلال بحديثهم عن أن قائد الحركة يحي السنوار خرج من الأنفاق في جولة لرفع معنوبات جنوده في تسريب ضجت به الصحف الإسرائيلية.
السنوار في جولة خارج الأنفاق
هل يعيد نتنياهو سيناريو فيتنام في غزة؟
وبين تمسك حركة حماس بمطالبها المتثلة في إعادة المهجرين وإطلاق الأسرى الفلسطينيين شريطة الانخراط في تفاوض مع عجرفة رئيس وزراء الاحتلال الذي لم يحقق أي من أهداف حربه رغم مرور202 يوم من الإبادة برزت تسائولات بشأن تكرار سيناريو فيتنام في قطاع غزة.
وانتقدت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية القرار الإسرائيلي باجتياح رفح معتيرة أنه لن يأتي إلا بمزيد من الفشل عقب 201 من الحرب.
وتساءل محرر «معاريف» أفرايم جانور، في مقال تحليلي أمس، هل سيؤدي احتياح رفح إلى مزيد من الفشل العسكري لإدارة نتنياهو وهل سيكرر سيناريو فيتنام في قطاع غزة ويعيد صياغة نسخة مصغرة من حرب فيتنام، التي تورط خلالها الأميركيون في حرب عصابات ضروس على مدى نحو 9 سنوات خلفت 58 ألف قتيل قبل أن تضطر القوات الامريكية لطي حقائبها وتنصرف مع انتصار قوى التحرر الوطني للإرادة الوطنية شمال فيتنام.
اعتبر المحلل الإسرائيلي أن «الانتصار على حماس يتطلب تعاونًا مكثفًا من السكان المحليين غير المشاركين في الحرب، وهو ما يستدعي قبل كل شيء إقامة جهاز مدني يحل المشاكل الإنسانية، يهتم ويعالج المشاكل المدنية، كالطب، والتعليم، والأمن الشخصي والعمل»، وفق تعبيره.
مخيمات النازحين فى رفح الفلسطينية
في إطار الرد على احتمالات تكرار سيناريو فيتنام في غزة، قال الدكتور محمد عودة، رئيس المعهد الفلسطيني للسياسات العامة، إن ثمة مقومات مشتركة بين ما فعلته الولايات المتحدة في فيتنام وما يفعله الاحتلال الإسرائيلي من إبادة وتطهير عرقي في قطاع غزة، مرججحا انتهاء ما يشهده القطاع قد يؤول للمصير ذاته الذي ’آلت إليه الثورة الفيتنامية التب أجبرت أعتى جيش فب العالم على الانسحاب.
وأضاف عودة أن قادة الاحتلال لا يتعلمون من أخطائهم إذ يكرر نتنياهو خطأ موشيه ديان في معركة الكرامة حين زعم أن «المقاومة بيضة في يده يكسرها حين شاء» في حين مني بهزيمة ساحقة، الأمر كرره قادة الاحتلال في حصار بيروت ما يؤكد أن نتنياهو لن يحني سوى مزيد من الهزائم أمام صمود المقاومة وصمود الشعب الذي لا يزال يعيش وينجب أطفالا في الخيام في مواجهة الإبادة.
وحول تكرار سيناريو الثورة الفيتنامية في غزة وإمكانية دحر الاحتلال وإجلائه عنها مهما طال أمد الحرب، يقول عودة إن تجارب حركات التحرر الوطني العديدة بدءا من جيفارا وكاسترو ثم وصولا إلى فيتنام وقائد ثورتها الذي سلم أبوعمار راية النضال العالمي، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن مقاتلي الحرية لا يمكن أن يخفت صوتهم غير أن المعادلة الديموغرافية ووجود 14 مليون فلسطيني مقابل 6 مليون محتل تؤكد أن هذا الشعب الباقي على أرضه يستحيل هزيمته.
وأضاف عودة أن غزة تتشابه اليوم مع فيتنام وتلتقي معها على عدة صعد بينها التهاب الرأي العام العالمي وانتفاض جامعة كولومبيا التي انتفضت 3 مرات على مدار تاريخه في الستينات حين أشعلت الرأي العام الأمريكي وأنهت الوجود الأمريكي في فيتنام ثم في تشكيلها جبهة لمواجهة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا حتى تحررت جنوب وصولا إلى قيادتها الآن الرأي العام الأمريكي الأن لمناصرة غزة ومساندة حق فلسطين في التحرر.
القضاء على جيوب المقاومة ليس مطروحا إلا في مخيلة نتنياهو
من جهته قال المحلل الفلسطيني، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، أيمن الرقب، أن نتنياهو الذي يمضي قدما في تقسييم قطاع غزة عازم على مد أمد الحرب فيما سيناريو القضاء على جيوب المقاومة ليس مطروحا إلا في مخيلة نتنياهو.
يضيف الرقب: «المقاوومة التي صمدت 202 يوم لا تزال تصنع الأسلحة ما يعني أنها ستواصل الصمود أمام قوات الاحتلال رغم فارق التسليح والعتاد».
وعن إمكانية تكرار سيناريو فيتنام يرى الرقب أن المعادلة مختلفة في غزة لكن على المدى المدى البعيد يمكن صياغة سيناريو مشابهة لسيناريو فيتنام فب غزة؛ معللًا ذلك بأنه حال استمرت المقاومة في الصمود فسيضطر نتنياهو بالخروج صفر اليدين من رفح ولن يجني سوى مزيد من إبادة المدنيين، مؤكدا أن التقارير التي تفيد بأن السنوار التقي المقاتلين وأجرى جولة لفرع معنويات المقاتلين لها دلالات قوية نفيد بأن بقاء الاحتلال في غزة يعني أنه سيدفع ثمنا باهظا.
وتابع الرقب بأن المتغيرات والخلافات بين الكيانين السياسي والعسكري في دولة الاحتلال مؤخرا واستقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بجيش الاحتلال أهارون حاليفا، بعد إقراره بـ«مسئوليته» عن إخفاقات إبان السابع من أكتوبر والتي اعقبتها أعلان قائد المنطقة الوسطى رغبته في الاستقالة تعكس حالة الإحباط في المنتظومة العسكرية للاحتلال، إذ تؤكد تلك الاستقالات المتتالية المرشحة للتزايد أنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم في غزة وهو ما تتداوله الصحف العبرية».
هجوم مميت
الجنرال المُستقيل حاليفا، والذي يخدم في الجيش منذ 38 عامًا، هو أول مسئول رفيع المستوى يستقيل من منصبه بسبب إخفاقه في منع الهجوم الذي شنته حركة حماس.
وفي بيان استقالته الذي جرى توزيعه على وسائل الإعلام، أكد الجنرال تحمّله مسئولية الفشل في منع وقوع الهجوم غير المسبوق على إسرائيل؛ إذ جاء فيه: «يوم السبت السابع من أكتوبر الماضي، شنّت حماس هجوما مفاجئًا مميتاً ضد دولة إسرائيل… قسم الاستخبارات تحت قيادتي لم يرق إلى مستوى المهمة التي أوكلت لنا».
وأعقب تصريحات حاليفا بيان لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي اللواء يهودا فوكس، الاثنين الماضي اعتزامه الاستقالة من منصبه في أغسطس المقبل.
وأفادت قناة «كان» التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية، بأن فوكس أبلغ رئيس الأركان اللواء هرتسي هاليفي بقرار الاستقالة موضحة أن استقالة فوكس المرتقبة تأتي بعد 3 سنوات فقط من توليه مهام منصبه، دون أن توضح سببها.
الدكتور طارق فهمي الخبير في شئون الأمن القومي قال إن تكرار سيناريو فيتنام في غزة «أمر وارد».
وأضاف فهمي أن دخول الاحتلال رفح عبر اجتياح أو عبر عمليات ممتدة نوعية وتكتيكية في عمق القطاع سيكون له تداعيات كارثية، موضحا أن عملية إجلاء وإخلاء المدنيين من رفح بالكامل يحتاج من شهر لـ3 شهور وبالتالي فإن إعادة إجلاء النازحين وإيجاد مأوى لهم سواء في منطقة المواصي أو في منطقة السودانية وسط غزة أو حتى إعادة بعض النازحين هو عملية صعبة وتتطلب تنظيم عشائري مع إجراءات أمنية واحترازية على طول شارع الرشيد الذي جرى تقسيمه إلى أربعة ممرات وطرق أمنية مؤخرا.
الاحتلال يواصل بناء شريط عازل لتقسيم قطاع غزة وإحكام السيطرة عليه
ودشن الاحتلال شريطا عازلا على عمق كم بطول القطاع بهدف تقسيمه إلى شطربن والاستحواذ على ما يعادل 16% من المساحة الإجمالية لغزة، واقام مبنى خرساني في منطقة «نتسريم» شمال وادي غزة وسط القطاع أحاطها بمقار وأبراج اتصال ما تنذر بأن نتنياهو يمضي قدما في مخططاته الرامية للبقاء في قطاع غزة لسنوات؛ غذ اعد تلك المنطقة بمثابة منطقة دعم لوجستي لجنود الاحتلال بهدف تنفيذ عمليات داخل القطاع، أينما أرادوا في محاكاة بما يجري في المنطقة ج من الضفة الغربية المحتلة.
لعبة شطرنج لم تُحسم بعد
وتابع فهمي بأن تكرار سيناريو فيتنام أو أي سيناريو آخر مرهون برؤية الولايات المتحدة لشكل اجتياح رفح وهل ستشترط على الاحتلال أن يقوم بإجلاء المدنيين أم لا
معتبرا أن من الصعب التنبؤ بمستقل السيناريو المطروح في غزة الآن قبل حسم المرحلة الخامسية من الحرب المتمثلة في اجتياح رفح.
واعتبر فهمي ظهور السنوار بعد 202 يوم من الحرب يتضمن رسالة مبطنة لها دلالات رمزية بأن المقاومة لا تزال موجودة سواء رغم الاجراءات والترتيبات الأمنية الجارية في عمق القطاع ما يعني أن الحرب أشبه بلعبة شطرنج لم تحسم بعد_لاسيما بعد استقواء حماس بالجانب الإيراني، حسب تعبيره.
واعتبر فهمي أن مصير غزة ومن ترجح كفته في تلك الحرب سيتضح فيما بعد اجتياح رفح؛ ليبقى السؤال الآن هل سيعود نتنياهو باسراه ومعهم قادة حماس كمنا يطمح أم أنه سيجنيب مزيدا من الفشل».