هل تنجح مصر في جذب 30 مليون سائح في “إقليم ملتهب”؟
د سامح توفيق
وتسعى مصر لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، وتبذل جهوداً لتحقيق حلم الـ 30 مليون سائح، في ظل اهتمام متزايد بقطاع السياحة كأحد أهم روافد الاقتصاد المصري، من خلال سلسلة من المبادرات والتحديثات في البنية التحتية، وتحسين الخدمات السياحية، وتوسيع قاعدة الترويج للوجهات السياحية المتنوعة.
وتأتي مساعي مصر تزامناً مع وجود تقارير تشير إلى أن المنطقة الإقليمية لم تعد جاذبة للسياحة العالمية بسبب أنها منطقة صراعات، باستثناء مصر التي نجحت في تحقيق جذب سياحي على الرغم من كل الصراعات التي تشهدها المنطقة، ولديها قطاع سياحي قادر على الصمود، وما زالت وجهة سياحية جاذبة للسياحة العالمية، بحسب ما أعلنته الحكومة المصرية اليوم.
وبحسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، فإن مصر تسعى لإتاحة أكبر حجم من المناطق السياحية لتشجيع الاستثمار السياحي، وإنشاء أكثر من 200 ألف غرفة جديدة خلال السنوات الخمس القادمة، معتبراً هذا الأمر خطوة مهمة جداً لتحقيق هدف الـ 30 مليون سائح كل عام، الذي تستهدفه مصر خلال الفترة القادمة.
وحول مدى نجاح خطة مصر لاستقدام 30 مليون سائح، وصف عمرو صدقي، رئيس لجنة السياحة بمجلس النواب المصري السابق، تحركات مصر في ملف السياحة بأنها “مساعٍ وسط إقليم مضطرب، خاصة وأن الوضع في المنطقة يشهد تغيرات كل يوم، وزيادة بقع الصراعات تجعلها توصف بأنها منطقة ملتهبة”.
وأضاف أن “قطاع السياحة والاستثمار بشكل عام يهرب من الصراعات والأزمات، فمن حق مصر أن تسعى جاهدة في خطتها ورؤيتها لجذب الاستثمارات، لكن الأوضاع الإقليمية لن تساعد في تحقيق المستهدف بصورة كاملة”.
وأوضح أن “الدولة المصرية نجحت في تنفيذ العديد من مشروعات الجذب السياحي في مناطق نويبع، وطابا، ورأس سدر، ومرسى علم على البحر الأحمر، وبها العديد من المشروعات السياحية والغرف التي بحاجة إلى اهتمام الدولة بها، لأنه من الأولى الاستفادة من تلك المشروعات الموجودة وإزالة المعوقات التي تواجهها قبل التوجه إلى التوسع في مشروعات جديدة”.
وتعتمد خطة مصر لزيادة الجذب السياحي على تعدد وتنوع المقاصد السياحية بها، بحسب ما أكد عليه رئيس لجنة السياحة السابق بالبرلمان المصري. إذ تعد مصر من الدول الغنية بمصادر الجذب السياحي، حيث يوجد بها السياحة الأثرية في المناطق الأثرية والأهرامات والمعابد والمتاحف، وأماكن السياحة الترفيهية في البحر الأحمر وسواحل البحر المتوسط، والسياحة الدينية والروحانية في أماكن مسار العائلة المقدسة وجبال سانت كاترين والمساجد الأثرية في القاهرة، وأماكن السياحة العلاجية إذ يقدر عدد مواقع السياحة الاستشفائية في مصر بـ 1356 موقعاً.
وبيّن صدقي أن “الدولة المصرية عملت على تقديم حوافز للقطاع السياحي بهدف زيادة عدد الغرف السياحية، من بينها المبادرة التي قدمتها الحكومة بقيمة 50 مليار جنيه لتعزيز الاستثمارات في الغرف الفندقية ودعم قطاع السياحة، بهدف تقديم تسهيلات القروض وحوافز الاستثمار لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في صناعة السياحة في البلاد، ولكن يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر من خلال تخفيف الأعباء الضريبية عن المستثمرين في قطاع السياحة، وألا تتعامل كل وزارة وفقاً لمصلحتها الشخصية فقط، بل يجب أن تنظر جميع مؤسسات الدولة إلى السياحة على أنها مشروع قومي للنهوض بالاقتصاد المصري، خاصة وأن هناك العديد من الدول المنافسة التي ألغت الضرائب وخففتها عن المستثمرين في القطاع السياحي باعتبارها قاطرة التنمية”.
وبحسب رئيس الوزراء المصري، فإن عدد الغرف الفندقية المتاحة حالياً، المنشأة والتي تعمل بالفعل، تتيح لمصر الوصول إلى حد أقصى هو 18 مليون سائح في العام، ولتحقيق الهدف الأكبر والوصول إلى 30 مليون سائح تحتاج مصر إلى 200 ألف غرفة فندقية، وهو ما يتم العمل عليه حالياً في العلمين وفي الساحل الشمالي، بتنفيذ عدد كبير من الغرف تحت الإنشاء، إلى جانب مناطق أخرى على ساحل البحر الأحمر.
من جانبه، قال حسام هزاع، عضو اتحاد الغرف السياحية المصرية، إن الدولة المصرية تنفذ استثمارات كبرى في القطاع السياحي خاصة في منطقة الساحل الشمالي، في ظل ضعف عدد الغرف الفندقية فيه التي لم تتجاوز 4 آلاف غرفة رغم أهميته ومكانته، لذا أصبحت الدولة تستهدف إنشاء وتنفيذ 50 ألف غرفة في الساحل الشمالي.
وأضاف أن هناك خطة للدولة المصرية لمضاعفة عدد الغرف الفندقية في مصر بأكملها من 240 ألف غرفة إلى قرابة 500 ألف غرفة، لتستوعب ما تستهدفه الدولة واستقبال 30 مليون سائح سنوياً.
وأشار إلى وصول 7 ملايين سائح بمعدل 70 مليون ليلة سياحية، خلال الـ7 أشهر الأولى من العام الجاري، لكن أغلبهم سياحة شاطئية. فيما حققت إيراداتهم نحو 6 مليارات و600 مليون دولار، وبنهاية العام، من المتوقع أن يصل عدد السياح إلى نحو 15 مليون سائح، أي أن عدد السياح لن يقل عن الأعداد التي وصلت مصر العام الماضي، وهو ما يعني أن الأوضاع في الإقليم لن تؤثر على قطاع السياحة في ظل ما تتمتع به مصر.