والمحزن أن نرى بعض الحالات التي تجاوزت فيها هذه الإجراءات الحدود، وأفسدت وجوه النساء الجميلات بالفعل، لعل أقرب مثال على ذلك الفنانة حورية فرغلي والإعلامية ريهام سعيد. وتلجأ العديد من السيدات إلى البوتوكس، باعتباره حلا وقائيا لمنع ظهور التجاعيد والخطوط الدقيقة بدلاً من التخلص منها لاحقًا، لكن هذا الأمر ليس آمنا كما يبدو، فهناك أشخاص تعرضوا إلى شلل جزئي في الوجه وغيره من الآثار الجانبية الخطيرة الناجمة عن حقن وجوههم بالسموم.
إضافة إلى خطورته، يحد البوتوكس من استخدام عضلات الوجه، التي تلعب دورًا كبيرًا في طريقة نقل المشاعر للآخرين، وهذا يعتبر مشكلة بالنسبة للممثلين والمذيعين الذين يحتاجون إلى نطاق كامل من حركات الوجه للقيام بعملهم، مثل الفنانة إليسا التي تعرضت لانتقادات بعد إجرءها العديد من الجراحات التجميلية والبوتوكس حتى أصبحت تتحدث وكأنها لا تستطيع تحريك شفتيها، مما عرضها لحملة هجوم كبيرة على السوشيال ميديا.
وأظهرت الدراسات أن طريقة تحرك الوجه استجابةً للمحفزات الخارجية تؤثر على استجاباتنا العاطفية، إذ يعالج الدماغ العواطف جزئيًا، بناءً على ردود الفعل التي يتلقاها من نشاط العضلات في الوجه، بمعنى إذا لم يعد بإمكانك الابتسام بعينين واسعتين وحواجب مرفوعة، فقد لا يسجل دماغك ما ينبغي أن يكون لحظة «سعيدة جدًا» على أنها «سعيدة جدًا».
ويتأثر الارتباط بين الأم والطفل بشكل سلبية بسبب تصلب عضلات الوجه، حيث ثبت أن البوتوكس يحد من التواصل بين الوالدين والطفل ويشوهه، مما قد يجعل الوالدين يبدوان مسطحين عاطفيا. وتعتبر تعابير الوجه طرق مهمة للتواصل بين الآباء والأطفال لتوصيل حزنهم أو سعادتهم، وهذا يتضمن هذه المجموعة المعقدة جدًا من جميع العضلات التي تدخل في تكوين تعابير الوجه. لذلك، إذا تم تحديد هذا النطاق من التعبير، خاصة مع الأطفال الصغار جدًا الذين يتناغمون مع قراءة تعابير الوجه، فإنك تحد من كمية المشاعر التي تتواصل بها باستخدام تعبيرات الوجه.
وعدم حصول الطفل على الحب والسعادة التي تظهر على وجه أمه أمر مخيف جدًا، بسبب رغبة أنانية في تأجيل الشيخوخة. لذا يجب التفكير في الطريقة التي تؤثر بها أفعالنا على الجيل الأكبر سنا، فبالطبع سيتأثرون من شعورهم بنفور الجميع من حولهم من الشيخوخة، برغم أنها عملية طبيعية جدا، وكذلك الهوس بالمظهر المثالي. ومن المفارقات أنه في رحلة السعي للحصول على شباب وجمال دائم إلى الأبد، قد ينتهي بنا الأمر إلى أن نبدو أكبر سنًا وأكثر قبحًا، لأن القتال ضد الطبيعة هو في نهاية المطاف ممارسة عقيمة.
