أخبار عربية ودولية

وساطة فرنسية بين “حزب الله” وإسرائيل

تدريبات عناصر حزب الله اللبناني، لبنان - سبوتنيك عربي, 1920, 04.08.2023

مع تصاعد التوتر على الحدود الجنوبية للبنان، تسعى فرنسا للدخول على خط التفاوض بين إسرائيل ‏و”حزب الله” اللبناني، لوقف الاشتباكات المحتملة.‏
وتأتي مبادرة باريس في وقت فشلت فيه جميع الحلول التي طرحتها فرنسا للأزمات اللبنانية، بيد أنها تأتي لحماية مصالحها الاقتصادية، لا سيما في ظل تولي شركة “توتال” التنقيب عن الغاز في البلوكات اللبنانية.
وطرح بعض المراقبين تساؤلات عن مدى نجاح هذه التدخلات الفرنسية، خاصة أن
“حزب الله” يقف على أرض صلبة، فيما تعاني إسرائيل من أزمات داخلية طاحنة وصلت إلى المؤسسة العسكرية.
حسن نصر الله - سبوتنيك عربي, 1920, 01.08.2023

جنرال إسرائيلي: حسن نصرالله “ذكي للغاية” ولا ينبغي الاستهانة به
اعتبر الباحث اللبناني في الشؤون الإسرائيلية، نبيه عواضة، أن “فرنسا تحاول أن تستغل مبادرتها لحل مشكلة الفراغ في رئاسة الجمهورية اللبنانية، والتي كانت محل تقاطع مع “حزب الله” فيما يتعلق بتبني اسم الوزير، سليمان فرنجية”.
وإن “باريس تسعى للاستفادة من هذه الخطوة لطرح نفسها وسيطا في حل المشكلة المرتبطة بالنزاع الحدودي مع إسرائيل، في ظل تدخلها في التنقيب عن الغاز بالبلوك رقم 9 عبر شركة “توتال” الفرنسية”.
ويرى عواضة أن “المبادرة الفرنسية الخاصة بانتخاب الرئيس لم تنل حتى الآن أي تأييد، ولم تحدث أي تقدم يذكر، الأمر الذي يشير إلى عدم وجود تفويض أمريكي لباريس للمضي قدما في هذه الخطوات”.
وفيما يتعلق بالنزاع الحدودي بين إسرائيل ولبنان و”حزب الله”، يعتقد عواضة أن

هذه الأمور أكبر من قدرات فرنسا على إيجاد حلول، خاصة أن هناك ارتفاعا تدريجيا في حرارة الموقف، وهو ما يتضح من خلال التهديدات الإسرائيلية وزيارة مسؤولين آخرهم رئيس أركان دولة الكيان للمناطق الحدودية.

وقال عواضة إن “إسرائيل تعاني من أزمة داخلية عميقة نتيجة الانقسام السياسي والمجتمعي، وهي قلقة من إمكانية تدهور الأوضاع التي تصب في صالح “حزب الله”، وتمكنه من تحصيل انتصارات جديدة، إذ تدرك تل أبيب أن لدى الحزب إمكانيات ضخمة وقدرات مهمة، وأن أي مواجهة قد تحصل من الممكن أن تتسم بالكثير من المفاجآت في ظل وجود قوات “الرضوان”، وإعلان حسن نصر الله أن الحزب جاهز للقتال، وأن الأزمة الاقتصادية والحصار الأمريكي لن يمنعهم من التصدي لأي عدوان إسرائيلي”.
وأضاف عواضة: “السؤال الذي يطرح نفسه يتركز حول الدخول الفرنسي على خط الوساطة في تخيف التوتر بناء على طلب إسرائيلي، إذ يدعم وقتها فرضية المأزق الذي تعاني منه تل أبيب، وأنها غير مستعدة لأي معركة جديدة مع “حزب الله”، وأن التهديدات المتكررة لا تعدو كونها عملية ضغط سياسي للقبول بالحلول، سواء لجهة إعادة الهدوء أو وقف عمليات الاستفزاز، وصولا إلى إزالة الخيام من مزارع شبعا، لكن ماذا عن موقف “حزب الله” في قرية الغجر والقضم الذي حصل للأراضي اللبنانية؟”.
وبحسب الباحث اللبناني أن

الإبقاء على حالة من ربط “النزاع” دون تفجر الأمور يلزم إسرائيل بالنزول عن الشجرة، وهو ما بدا فعليا على لسان جيش الاحتلال بأن الخيام لا تشكل أي تهديد أمني، وهو ما يمكن قراءته على أنه موقف تراجعي وتخفيض من حدة التهويل الداخلي في إسرائيل، كما أن المقاومة تستفيد من نقاط القوة لديها مقابل نقاط ضعف الإسرائيلي.

وأوضح عواضة أنه “لا مجال للربط بين المبادرة الرئاسية الفرنسية والانتهاكات الإسرائيلية على الأراضي الحدودية”، مؤكدا أن “باريس عليها أن تسمع مبادرتها في تل أبيب وليس في بيروت”.
صورة مأخوذة من قرية الوزاني بجنوب لبنان تظهر الجزء الشمالي من قرية الغجر الحدودية التي أسستها إسرائيل مؤخرًا ، في 21 يوليو 2023. - سبوتنيك عربي, 1920, 01.08.2023

إسرائيل تقدم شكوى جديدة ضد لبنان إلى مجلس الأمن الدولي حول التوترات مع “حزب الله”
بدوره، اعتبر الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن “التصعيد الحاصل بين “حزب الله” وإسرائيل، يأتي من باب الاستخدام الداخلي في لبنان من قبل “حزب الله”، والداخل الإسرائيلي من قبل حكومة نتنياهو، فيما لا يؤشر إلى أي حرب، خاصة بعد إتمام صفقة ترسيم الحدود”.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”، فإن “المبادرة الفرنسية لخفض التصعيد جاءت لحماية شركة “توتال” الفرنسية، والتي تتولى التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات اللبنانية، ومن مصلحة هذه الشركة أن يكون هناك استقرار وأمن وبيئة صالحة للاستثمار والعمل في هذه البلوكات الفترة المقبلة، ومن الطبيعي أن يعمد الجانب الفرنسي إلى تهدئة الأمور”.
وقال وهبي إن

“حزب الله” يصعّد من حين لآخر للتهرب من مسؤولياته الداخلية، حماية الطبقة السياسية الفاسدة، والإمساك بزمام الأمور في لبنان، وهو عاجز عن إيجاد أي حل للأزمة الراهنة، فيما يصعد بشكل موسمي ومدروس من أجل القول إن سلاحه لا يزال يشكل دورا في المعادلة اللبنانية، وحماية البلاد والحدود، في وقت أصبح فيه لبنان منهارا بالكامل من الداخل.

في المقابل، وبحسب وهبي: “تعاني حكومة بنيامين نتنياهو من أزمة داخلية طاحنة، حيث فشلت في إقناع الرأي العام بالتعديلات الأخيرة، وهي أزمة غير مسبوقة، ومن عادة إسرائيل عندما تكون حكومتها مأزومة داخليا تذهب للتصعيد العسكري سواء في الداخل الفلسطيني، أو مع لبنان، للقول إن هناك ضرورة لتأجيل النقاش في ظل هذه الأجواء التصعيدية”.
ويرى الناشط اللبناني أن “ما يحدث على الحدود الجنوبية، تصعيد من أجل الاستخدام السياسي فقط، ولن يكون هناك توتر دائم، أو الذهاب لحرب مفتوحة، إذ لا مصلحة لأي طرف الدخول فيها، وتأتي فقط من أجل إرضاء الجماهير الداخلية”.
تدريبات عناصر حزب الله اللبناني، لبنان - سبوتنيك عربي, 1920, 31.07.2023

موقع إسرائيلي: المواجهة مع “حزب الله” أقرب من أي وقت مضى
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن باريس تشارك في جهود وساطة بين إسرائيل و”حزب الله” اللبناني لمنع التصعيد على الحدود الشمالية لإسرائيل.
وذكر موقع “I24″، أن وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان، التقى قبل أيام بممثلي “حزب الله”، بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووفقا للموقع، فقد طلب لودريان منهم تهدئة الوضع على الحدود لتجنب التصعيد.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، الأسبوع الماضي، تعزيز قواته على الحدود مع لبنان، وذلك تحسبا لأي تهديدات من “حزب الله” اللبناني، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لأمينه العام حسن نصر الله، فيما صادق وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، على خطط عسكرية في حال تدهور الأوضاع على الحدود مع لبنان، موعزا برفع مستوى الاستعداد لسيناريوهات مختلفة على طول الحدود.
وتحتج إسرائيل على قيام “حزب الله” اللبناني بنصب خيمة على الحدود، منذ يونيو/ حزيران الماضي، وطالبت بإزالتها، فيما يقول لبنان إن الخيمة داخل الأراضي اللبنانية، مطالبا إسرائيل بالانسحاب من الجزء اللبناني الذي تسيطر عليه من قرية الغجر.
وفي وقت سابق، أكد حسن نصر الله أن “حزب الله” جاهز لأي حماقة إسرائيلية تجاه لبنان”.
وقال في كلمة له إن “المقاومة في لبنان لن تتهاون وستكون جاهزة للردع والمواجهة والتحرير أمام أي حماقة إسرائيلية”، مضيفا أن “المقاومة في لبنان لن تتخلى عن مسؤوليتها ولن تتخلى أمام الكيان المتزلزل”.
وتابع: “إسرئيل تتحدث بوقاحة عن استفزازات المقاومة، بينما هي من تستمر في احتلال الأرض ولاسيما في الغجر اللبنانية”، مؤكدا أن “المنطقة لن ترتاح قبل اقتلاع ما وصفها “الغدة السرطانية”، في إشارة إلى إسرائيل.
زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights